ملخص
على رغم التحديات الاقتصادية المتزايدة في روسيا، يواصل بوتين إعطاء الأولوية للحرب في أوكرانيا، مع تركيز الإنفاق على الدفاع على حساب الاقتصاد المدني. الاقتصاد الروسي يعاني تضخماً وعجزاً بنيوياً، لكن الغرب لا يمكنه الاعتماد على انهياره القريب.
وعد الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب بإنهاء الحرب في أوكرانيا بصورة سريعة. وفي مواجهة البديل غير المرغوب المتمثل في الاستمرار بالقتال من دون ضمان الحصول على مزيد من الدعم الأميركي، تدرس كييف وشركاؤها الغربيون الآن كيفية إنجاز صفقة مقبولة مع موسكو. وفي جلسة استماع في مجلس الشيوخ لتأكيد تعيينه وزيراً للخارجية الأميركية، استشهد السيناتور ماركو روبيو من ولاية فلوريدا بالعقوبات الاقتصادية على روسيا كمصدر رئيس للضغط يمكن أن يؤدي إلى حل سلمي. في غضون ذلك، صرحت وزيرة خارجية فنلندا إلينا فالتونين بأن "الوقت ليس في صالح روسيا"، وبخاصة إذا قدم الغرب مزيداً من المساعدات لأوكرانيا وشدد العقوبات على موسكو. ومن خلال ممارسة قدر كاف من الضغط الآن، يمكن لأوكرانيا وداعميها الدخول في المحادثات من موقف مؤات، وسوف يضطر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الانخراط بحسن نية في مفاوضات من شأنها أن تنتهي بتسوية مرضية.
من الصحيح القول إن استراتيجية بوتين الحالية غير مستدامة. فهو يحاول شن حرب في أوكرانيا والحفاظ في الوقت نفسه على مستوى الإنفاق المرتفع المتعلق بالمجتمع والبنية التحتية من أجل خلق وهم الوضع الطبيعي لناخبيه المحليين، والإبقاء على الاستقرار الاقتصادي الكلي. ومن المستحيل القيام بكل هذه الأمور الثلاثة معاً إلى الأبد. إن تحقيق الهدفين الأول والثاني يتطلب صرف مبالغ نقدية ضخمة، مما يذكي وتيرة التضخم من ثم يمنع تحقيق الهدف الثالث. وأصبحت الشروخ في الاقتصاد الروسي واضحة بصورة متزايدة.
إن المشكلة بالنسبة إلى الغرب تكمن في التوقيت. ويريد القادة السياسيون أن تنتهي الحرب بسرعة. وأشار بعض المحللين أيضاً إلى أن الضغوط على روسيا خلال الأشهر المقبلة قد تكون كبيرة إلى الحد الذي قد يدفع بوتين إلى البحث عن مخرج لاستقرار الاقتصاد وحماية قبضته على السلطة. ولكن الآمال الغربية ترتكز على افتراض خاطئ. ذلك أن التحديات الاقتصادية التي تواجهها روسيا ليست حادة حتى الآن إلى الحد الذي قد يحدث فرقاً ملموساً في الحرب خلال الأمد القريب. وينبغي للكرملين أن يكون قادراً على منع اقتصاده المحموم من الانفجار والتحول إلى أزمة كبيرة، في الأقل خلال العام المقبل. ومن المرجح أن يظل بوتين يتمتع بالموارد اللازمة من أجل دعم حملته الوحشية في أوكرانيا، وربما سيكون لديه الحافز للانتظار حتى ينهك الغرب قواه.
الحرب فوق كل اعتبار
يعطي الكرملين الأولوية للحرب فوق كل شيء آخر. فقد هيمنت حاجات الدفاع والأمن على الإنفاق الفيدرالي في كل عام منذ الغزو الكامل عام 2022، إذ بلغت حصتها 40 في المئة من إجمال الإنفاق في موازنة عام 2025. وتمثل هذه الحصة أكثر من ثمانية في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وصُرفت معظم هذه الأموال على إنتاج الأسلحة ودفع الرواتب العسكرية. ومنذ بداية الحرب، ضاعفت روسيا إنتاجها من المركبات المدرعة، وزاد بعض مصنعي الذخيرة الإنتاج خمسة أضعاف. وبدأت روسيا في إنتاج مسيرات حربية رخيصة الثمن من طراز "شاهد"، والتي صممت في الأصل داخل إيران، من أجل الحفاظ على ترسانتها من الصواريخ الباهظة الثمن نسبياً. وفي الوقت نفسه، ترصد موسكو مبالغ كبيرة من أجل توسيع جيشها. ويجند الجيش ما يراوح ما بين 20 إلى 30 ألف جندي كل شهر، ويقدم مدفوعات تجنيد ضخمة لجذب الرجال إلى الخطوط الأمامية. وتقدر كلفة جهود التجنيد هذه بين 16 مليار دولار و25 مليار دولار سنوياً، وهو رقم لا تدخل فيه النفقات الإضافية لتوفير المساعدات للجنود الجرحى وتعويض أسر الضحايا الذين لقوا مصرعهم لأن الإحصاءات الرسمية سرية.
لقد دعمت فورة الإنفاق التي قام بها الكرملين الاقتصاد، كما أن النمو وتدني نسبة البطالة جعلا البلاد تظهر على السطح، وكأنها تتمتع بالاستقرار. وبين عامي 2022 و2024، بلغ الإنفاق الحكومي الإضافي من الحوافز المالية ما يزيد على 10 في المئة من إجمال الناتج المحلي. وأصدرت البنوك قروضاً تفضيلية بقيمة تزيد على 150 مليار دولار، وتم توسيع إجمال الائتمان للشركات بنحو 20 في المئة عام 2024. وجرى رصد هذه الأموال في الغالب لقطاعات البناء والزراعة والبيع بالتجزئة، فضلاً عن المجمع الصناعي العسكري. وأصبح الأخير محركاً رئيساً للنمو الاقتصادي. وزاد نمو الصناعات التحويلية وهي القطاع الذي ينتمي إليه المجمع الصناعي العسكري بنسبة 7.6 في المئة خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، وفقاً للإحصاءات الرسمية. وتنامت تجارة الجملة والتجزئة التي يحركها الطلب الاستهلاكي بنسبة ثمانية في المئة. وانخفض معدل البطالة في روسيا إلى النصف تقريباً بين شهري فبراير (شباط) 2022 وديسمبر (كانون الأول) 2024 من 4.1 في المئة إلى 2.3 في المئة.
غير أن التوسع الاقتصادي الأولي في زمن الحرب يتباطأ. فبين الربعين الثاني والثالث من عام 2024، تراجعت نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي الروسي من 4.1 إلى 3.1 في المئة. ولا تزال الصناعات المشاركة في الإنتاج الدفاعي تتوسع، ولكن بمعدلات أقل بكثير منها في مرحلة الذروة التي وصلت إليها في عام 2023. بعبارة أخرى، إن الاقتصاد الروسي يقترب من نقطة بات فيها يواجه صعوبة في زيادة نموه.
كما أن الإنفاق المتزايد على الحرب يخلق تشوهات. تمول الحكومة موازنتها العسكرية لعام 2025 من خلال زيادة الضرائب على الأسر والشركات ومن ثم توجيه كل الإيرادات الإضافية تقريباً مباشرة إلى الجيش. وبعيداً من قطاعات الدفاع، تبقى موازنات الخدمات الاجتماعية والبرامج الاقتصادية الوطنية، وحتى الأمن الداخلي وإنفاذ القانون إما راكدة أو تُخفَّض. إن إلغاء أولوية الاقتصاد المدني من شأنه أن يكبح جماح النمو ويؤدي إلى تفاقم التفاوت الاجتماعي. كما أن نقص التمويل المزمن في أجزاء من الحكومة سيؤثر سلباً في الدولة. وفي غياب القدر الكافي من الموارد أو من الموظفين، ستكافح مؤسسات مثل وزارة الداخلية وخدمة السجون الفيدرالية للقيام بمهامها، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الجريمة وانعدام الأمن الداخلي.
تصدع الأسس
سيصبح من الصعب بصورة متزايدة تجاهل القيود البنيوية المفروضة على النمو الاقتصادي في روسيا. والأمر الأكثر أهمية أن البلاد بدأت تفقد قدراتها الإنتاجية، إذ تعاني عجزاً في القوى العاملة. وتعمل المصانع بنسبة 81 في المئة من طاقتها، مقارنة بنسبة أقل من 60 في المئة في فترة ما قبل الحرب، وأفادت 73 في المئة من الشركات بوجود نقص في العمالة. وتشير التقديرات إلى أن 1.6 مليون وظيفة ظلت شاغرة خلال ديسمبر مع انخفاض أرقام البطالة. ولما كانت هناك شواغر كثيرة لكن لا يوجد من هم مؤهلون لملئها، فإن الأجور ارتفعت وخصوصاً في المناطق الصناعية. في منطقة كورغان، التي تتخذ منها مقراً لها الجهة الوحيدة المنتجة لناقلات الجنود المدرعة في روسيا، ارتفعت الرواتب بنسبة 33 في المئة منذ عام 2022. وزادت الأجور بالقدر ذاته تقريباً في منطقتي الفولغا والأورال، وهما مركزان للتصنيع الدفاعي. وقد أدى نمو الأجور على هذا النحو إلى الضغط على ربحية الأعمال، وقاد توزع هذا النمو بصورة غير متكافئة إلى تفاقم التفاوتات الإقليمية القائمة.
إن الطلب المحلي آخذ في الارتفاع، نتيجة للإنفاق المرتبط بالحرب من جانب الدولة الذي يتسم بالاندفاع ولزيادة الاستهلاك من جانب الأسر التي تستفيد من النمو السريع في الأجور العسكرية والمدنية. ولكن بسبب القيود المفروضة على الإنتاج، لا يستطيع الاقتصاد الروسي تلبية هذا الطلب المرتفع، من ثم أصبح أكثر اعتماداً على الواردات. وأفضى الطلب المتزايد على العملات الأجنبية إلى إضعاف الروبل، مما تمخض إلى جانب ارتفاع الأجور عن رفع معدل التضخم.
إن استراتيجية بوتين الحالية غير مستدامة
إن هذا التضخم، وهو نتيجة مباشرة لتحول الكرملين إلى اقتصاد الحرب، يفرض كلفة كبيرة على أنصار بوتين الأساسيين. فبالنسبة إلى بعض الأسر، ترتفع الأجور بسرعة أكبر من التضخم. إلا أن الأجور والمخصصات التي يتمتع بها المتقاعدون والعاملون في القطاع العام، بمن في ذلك المعلمون والأطباء وموظفو إنفاذ القانون، مرتبطة بمعدل التضخم الرسمي، الذي بلغ تسعة في المئة خلال ديسمبر. واعتماداً على أنماط استهلاكهم، فإن عدداً من الأسر تواجه معدل تضخم حقيقي يتجاوز 20 في المئة. وكل شيء أصبح أكثر كلفة، من الغذاء والخدمات إلى السيارات والإسكان وفواتير الكهرباء وغيرها من الخدمات. وتتسبب هذه الكلف المتزايدة بعدم المساواة كما تبدأ في تأجيج السخط، وخصوصاً مع إعطاء الكرملين الأولوية للإنفاق الدفاعي على الإنفاق الخاص بالبرامج الاجتماعية والبنية التحتية للمرافق العامة وغيرها من صور الدعم التي يمكن أن تخفف العبء الاقتصادي على الناس.
ووجدت الحكومة الروسية صعوبة في السيطرة على التضخم. وعلى رغم أن البنك المركزي كان يهدف في السابق إلى خفض التضخم إلى أربعة في المئة بحلول عام 2025، فقد أرجأ تحقيق هذا الهدف إلى منتصف عام 2026. وثبت أن من الصعوبة بمكان حل مشكلة ذات صلة، هي التراجع المتواصل في سعر صرف الروبل نتيجة للطلب المتزايد على الواردات مما أدى إلى زيادة الحاجة إلى العملات الأجنبية. والواقع أن الأدوات، التي من شأنها أن تساعد الحكومة على تثبيت قيمة الروبل محدودة. ففي زمن السلم كان مزيد من العملات الأجنبية يتدفق إلى روسيا من خلال الصناديق الدولية، وكان البنك المركزي قادراً أيضاً على التدخل في السوق المالية من أجل تسوية التقلبات في قيمة الروبل، بيد أن العقوبات جمدت نصف احتياطات النقد الأجنبي الروسي، ويدخر البنك المركزي ما تبقى من هذه الاحتياطات لحالات الطوارئ. إن ضوابط رأس المال التي جرى فرضها عام 2023 قيدت قدرة البنك المركزي على اتباع السياسة النقدية بصورة فعالة، كما أن أسعار الفائدة المرتفعة للغاية سلفاً لا تترك مجالاً كبيراً لقدر أكبر من الزيادات المفاجئة. وإن صندوق الثروة الوطني الروسي يضم أصولاً سائلة [على صورة مبالغ نقدية أو شيء يمكن بيعه بسهولة] قليلة يمكن للبنك أن يستخدمها بغرض تعزيز سعر صرف الروبل.
ومن المرجح أن تستمر هذه المشكلات بسبب العقوبات وطبيعة الاقتصاد الروسي القائم على الموارد. فالجغرافيا تحد من أحجام الصادرات الروسية، إذ إن من يشترونها موجودين في المقام الأول في كل من الصين والهند وعدد قليل من البلدان الآسيوية الأخرى التي لا تستطيع روسيا الوصول إليها إلا من طريق البحر. ومع فرض العقوبات على ناقلات النفط الجديدة، أصبحت قدرة الشركات الروسية على نقل البضائع محدودة بصورة متزايد، كما أن الصعوبات المرتبطة بالتعاملات التي تتم عبر الحدود وتهديد العقوبات الثانوية، كلها تجعل من الصعب العثور على عملاء جدد. وبصورة عامة، تعمل العقوبات على زيادة الكلف التشغيلية للمصدرين الروس. من ثم فمن المستبعد أن يكسب الاقتصاد الروسي مزيداً من النقد الأجنبي. ومع تآكل فائض الحساب الجاري في روسيا بسبب تزايد الإنفاق واعتمادها على الواردات مما أدى إلى تعزيز ضعف الروبل وتأجيج التضخم، فإن أسعار الفائدة ستظل في خانة العشرات في المستقبل المنظور. الواقع أن هوامش الأعمال تتقلص، ولا يوجد مجال كبير لقلب الأمور رأساً على عقب من خلال تصدير التكنولوجيا، فروسيا تفتقر إلى الإبداع في ميادين التكنولوجيا التي تتمتع بفرص كبيرة للتصدير إلى الخارج. وهذا نتيجة جزئية للحرب وللعقوبات المفروضة على البلاد منذ ثلاثة أعوام تقريباً، أو من خلال تجميد نمو الإنتاجية، جراء العقوبات التي تمنع استيراد تكنولوجيا بمقدورها أن تعزز كفاءة العمالة.
اللعبة المديدة
ربما يكون بوتين قادراً على إدارة التداعيات الاقتصادية لحربه في الأمد القريب. فبوسع الشركات أن تنجو من أسعار الفائدة ذات الرقم المزدوج على القروض طوال عام كامل إذا ألغت الاستثمارات. ومع وجود 31 مليار دولار في صندوق الثروة السيادي، يجب على الحكومة أن تكون قادرة على حل المشكلات المالية للشركات التي تعدها "أكبر من أن يسمح لها بالإفلاس"، على رغم أنها قد لا تملك من النقد في متناول اليد سوى ما يكفي من للإنفاق على حل مشكلة ما، مرة واحدة. وبوسع السلطات أن تخلق وسادة مالية أكبر من خلال إصدار سندات حرب يضطر رواد الأعمال والأسر إلى شرائها. ولكن خلال الوقت نفسه، لا تزال روسيا تواجه تحديات كبيرة. إن المدفوعات الضخمة للجنود والارتفاع الأوسع في الرواتب يسببان معاً تحسين مستويات المعيشة لعدد من الروس، وهو ما يعمل خلال الوقت الحالي على كبح جماح السخط العام وإعطاء الكرملين بعض المساحة كمتنفس له.
وبحلول عام 2026، سيكون من المستحيل تجاهل حدود النموذج الاقتصادي الروسي. وتفيد توقعات الموازنة الفيدرالية لعامي 2026 و2027 بأنه سيكون هناك خفوض متواضعة في الإنفاق الدفاعي، ولكن نظراً إلى الكلفة المرتفعة لتجديد الترسانات التي استنفدت والمصالح الخاصة للمجمع العسكري الصناعي الروسي، فمن غير المرجح أن يكون هناك تقليص أكثر أهمية حتى لو انتهت الحرب في أوكرانيا هذا العام. وفي الوقت نفسه، سيفرز التضخم مزيداً من الألم في كل أنحاء المجتمع الروسي، كما ستتزايد كلف الاقتصاد المدفوع بالحرب، مما يؤدي إلى تفاقم المشكلات البنيوية ودفع روسيا نحو مواجهة الواقع.
إن المشكلة بالنسبة إلى الغرب تكمن في التوقيت
ولكن إلى أن يحين موعد هذه المواجهة، فمن المستبعد أن تتغلب المشكلات الاقتصادية المتفاقمة على القوى التي تجعل بوتين عازماً على مواصلة الحرب في أوكرانيا. وإن احتمالات الضغط الشعبي ضئيلة. وصارت الكرامة تعني بالنسبة إلى عدد من الروس الرواتب والمعاشات التقاعدية التي توفرها الدولة بدلاً من الحريات السياسية أو المدنية. وقد تتغير المشاعر العامة مع استمرار التضخم في التأثير سلباً في حياة الناس. إلا أن فكرة أن زعامة بوتين في زمن الحرب تعني الرخاء الاقتصادي والفخر الوطني، وأن السلام من شأنه أن يجلب الانحدار والإذلال، سيكون من الصعب أن تمحى من الوعي العام.
إن الهدف النهائي لبوتين لا يزال على حاله من دون تغيير. فهو يريد تجريد كييف من القدرة على رسم سياسة خارجية مستقلة والحفاظ على جيشها القوي، أي إن هدفه في جوهره، هو انتزاع سيادة أوكرانيا. لا تلبي أي من مقترحات وقف إطلاق النار المطروحة حالياً الحدود القصوى لطلباته. وإن أوكرانيا بالنسبة إلى بوتين ليست مجرد نقطة اشتعال جيوسياسية، بل هي عبارة عن هاجس يملي استراتيجيته طويلة الأجل. وإذا وافق على وقف الأعمال العدائية في الأمد القريب، فمن المرجح أن يكون ذلك جزءاً من خطة لإعادة التجمع والتجهيز ثم الاستعداد لجولة أخرى من العدوان المتجدد. ويشكل شبح أوكرانيا ذات السيادة والاعتماد على الذات، في حسابات بوتين الحالية، تهديداً أكثر خطورة لروسيا من احتمال التدهور الاقتصادي في المستقبل البعيد.
إذا لم تتمكن العواصم الغربية من الاعتماد على الانهيار الوشيك للاقتصاد الروسي، فيجب عليها أن تواجه حقيقة مفادها أن روسيا ستشكل تحدياً هائلاً خلال العام المقبل أو أكثر. ستحتاج الولايات المتحدة وأوروبا إلى دعم أوكرانيا خلال هذه الفترة الحرجة، والعمل معاً بهدف تعزيز فرض العقوبات وإيجاد السبل لإدارة التحولات المحتملة في السياسة الأميركية أو الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي. وفي نهاية المطاف، سيكون من الضروري دفع الثمن التراكمي لاقتصاد الحرب الروسي. ويتعين على الغرب أن يخطط لهذه الحالة الطارئة الآن من أجل الاستفادة من الفرصة عندما يصبح الانهيار الاقتصادي حقيقة ملحة لا مفر منها بالنسبة إلى بوتين، بيد أن داعمي أوكرانيا لا ينبغي أن يتوقعوا وصول هذه اللحظة خلال أي وقت قريب.
ألكسندرا بروكوبينكو زميلة في مركز كارنيغي روسيا أوراسيا في برلين. عملت في البنك المركزي الروسي حتى أوائل عام 2022.
مترجم عن "فورين أفيرز"، 21 يناير 2025