Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
يحدث الآن

زيلينسكي وترمب... علاقة متوترة قد تصلحها "المعادن الثمينة"

الرئيس الأوكراني بات في حاجة لكسب ثقة واشنطن ورأب الصدع مع البيت الأبيض

توقف فلاديمير زيلينسكي عن حملته التي هاجم خلالها الرئيس الأميركي (أ ف ب)

ملخص

يتوقف المراقبون المحليون والأجانب أمام تراجع زيلينسكي ونزوله على إرادة الرئيس الأميركي حول الوصول إلى مكامن الثروات المعدنية الأوكرانية، أملاً من جانبه في استمرار الدعم الأميركي في مواجهة الماكينة الحربية الروسية التي تواصل زحفها داخل الأراضي الأوكرانية جنوب شرقي البلاد.

بعد فترة من "الملاسنات" الكلامية بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني المنتهية ولايته فلوديمير زيلينسكي، لم يكن أمام الأخير بعدها إلا التراجع ومحاولة رأب الصدع، لمعالجة الموقف وتجاوز ما شاب علاقاته الشخصية مع ترمب.

وكان الرئيس الأميركي انتقد سلوك زيلينسكي الذي تراجع عما وعد به حول توقيع اتفاق بيع 50 في المئة من احتياط الثروات المعدنية النادرة في أوكرانيا، بما يكفل للجانب الأميركي ما يعوضه عما قدمه من دعم عسكري ومالي للسلطات الأوكرانية، وعلى رغم ما تجشم وزير المالية الأميركي سكوت بيسنت من متاعب وأخطار السفر إلى كييف، على حد تعبير الرئيس ترمب، لم يتوصل الجانبان إلى توقيع ما جرى الاتفاق حوله، نظراً إلى اختلاف تقديرات الجانبين لقيمة ما حصلت عليه أوكرانيا التي قدرها زيلينسكي بقيمة 70 مليار دولار من الأسلحة والمعدات العسكرية، وزهاء 30 مليار دولار كمساعدات مالية، وذلك ما اعترض عليه ترمب مشيراً إلى أن ما حصلت عليه كييف يتجاوز 300 مليار دولار.

 ومن هذا المنظور يتوقف المراقبون المحليون والأجانب أمام تراجع زيلينسكي ونزوله على إرادة الرئيس الأميركي حول الوصول إلى مكامن الثروات المعدنية الأوكرانية، أملاً من جانبه في استمرار الدعم الأميركي في مواجهة الماكينة الحربية الروسية التي تواصل زحفها داخل الأراضي الأوكرانية جنوب شرقي البلاد، وإحراز الانتصارات على صعيد المواجهة العسكرية، وذلك في الوقت نفسه الذي يستعد فيه الجانبان الروسي والأميركي لاستئناف محادثاتهما على مستوى مديري الإدارات في كل من وزراتي خارجية البلدين.

زيلينسكي يتراجع

توقف رئيس النظام الأوكراني فلاديمير زيلينسكي عن حملته التي هاجم خلالها الرئيس الأميركي رداً على ما قاله حول "إنه لا يعد وجود زيلينسكي ضرورياً في المفاوضات لإنهاء الصراع العسكري مع روسيا"، فضلاً عما نقلته وكالة بلومبيرغ عن الرئيس الأميركي "لأكون صادقاً، لا أعتقد أن حضوره في الاجتماعات مهم جداً"، مشيراً إلى أنه "حتى الآن لم يتفاوض زيلينسكي بصورة جيدة".

وأضاف الرئيس الأميركي أن زيلينسكي كثيراً ما عقد اجتماعات لمدة ثلاثة أعوام بعد بدء الحرب الروسية، ولم يتمكن من إنهاء الصراع. وأشار أيضاً إلى أنه يمكن "إبعاد روسيا بسهولة" عما وصفه بـ" الغزو"، لكن الأهم يظل في ما قاله ترمب حول أن زيلينسكي سيكون مضطراً إلى الموافقة على توقيع الاتفاق حول "المعادن الأرضية النادرة".

وكانت الأوساط الأوكرانية أعربت عن مخاوفها من تداعيات المواجهة و"الملاسنات اللفظية" التي جرت بين ترمب وزيلينسكي، وثمة من يقول إن "مستقبل أوكرانيا سيعتمد على ما إذا كان زيلينسكي قادراً على استعادة العلاقات مع أقوى حليف لبلاده"، على حد تعبير مراقبين كثر وأعضاء في البرلمان الأوكراني.

 وننقل بهذا الصدد عن رئيس لجنة السياسة الخارجية في مجلس الرادا الأوكراني (البرلمان) ألكسندر ميريجكو ما قاله، حول إنه "وبغض النظر عن الظروف لسنا في وضع يسمح لنا بالتشاجر مع ترمب، نحن في حاجة إلى أن نكون أكثر حكمة وكسب ثقة ترمب واحترامه، هذا صعب للغاية الآن، ولكنه ليس مستحيلاً".

 

 

 ومن جانبها قالت نائبة وزير الخارجية الأوكراني السابقة لانا زركال إن ترمب ربما كان سيعيد النظر في موقفه تجاه نظيره الأوكراني لو كان زيلينسكي وقع على اتفاق الموارد، وأضافت أن "قراره مهاجمة ترمب كان خطأ بالتأكيد، ومن الصعب التعامل مع مشاعرك ولكن لا بد من القيام بذلك لأنه ليس شخصاً عادياً، إنه الرئيس".

البرلمان الأوكراني يفشل في اعتماد شرعية زيلينسكي

بحث مجلس الرادا الأوكراني مشروع القرار الذي ينص على "استمرار زيلينسكي في ممارسة صلاحيات الرئيس"، وجاء في القرار الذي فشل المجتمعون في إقراره لعدم توافر النصاب القانوني أن المجلس "يؤكد أن زيلينسكي يجب أن يفي بصلاحياته حتى يتولى منصبه كرئيس منتخب جديد لأوكرانيا"، وكانت فترة الولاية الأولى للرئيس الأوكراني انتهت رسمياً خلال الـ20 من مايو (أيار) 2024.

وكما أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أكثر من مناسبة فإن شرعية زيلينسكي انتهت، وقال إنه من المهم أن نفهم مع من نتعامل في كييف من أجل التوقيع على وثائق ملزمة قانوناً، وأوضح بوتين أن القيادة الأوكرانية الحالية غير شرعية حالياً، وهو أمر خطر بسبب الصراع القانوني الذي من شأنه أن يقلل من قيمة أية نتائج للمفاوضات.

وخلال الـ18 من فبراير (شباط) الجاري قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن شعبية زيلينسكي انخفضت إلى أربعة في المئة، وإن أوكرانيا في حاجة إلى إجراء انتخابات إذا كانت تريد الحصول على مقعد على طاولة المفاوضات للتوصل إلى تسوية، وخلال اليوم التالي وصف ترمب زيلينسكي بالديكتاتور لرفضه التصويت، مشيراً مرة أخرى إلى انخفاض معدلات تأييده بصورة كبيرة. ولعل ذلك يمكن أن يفسر النتيجة التي وصل إليها مجلس الرادا الأوكراني، إذ لم يصوت على مشروع القرار الخاص بمد فترة صلاحيات زيلينسكي كرئيس للبلاد، وفي حضور المفوضين الأوروبيين سوى 218 نائباً، فيما كان المطلوب 226 نائباً بما يتفق مع النصاب القانوني المحدد.

بوتين يتقدم

وجاء ذلك في توقيت مواكب للحديث الذي أدلي به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى بافيل زاروبين مقدم برنامج "موسكو، الكرملين، بوتين"، فلم يكن الرئيس الروسي ليفوت هذه الفرصة قبل أن يقول كلمته بهذا الصدد، ولذا قطع التلفزيون الروسي إرساله ليذيع ما أراد الرئيس بوتين قوله بهذه المناسبة من خلال حديثه مع مقدم البرنامج الخاص الذي تخصص منذ ظهوره نهاية كل أسبوع على شاشة القناة الإخبارية الرسمية "روسيا 1" خلال سبتمبر (أيلول) عام 2018 لتغطية نشاط الرئيس مع أهم أحداث الأسبوع.

اقرأ المزيد

قال بوتين بانفتاحه على العمل مع الرئيس ترمب معرباً عن أسفه لما اتخذه الرئيس الجمهوري خلال ولايته الأولى من عقوبات ضد روسيا، مؤكداً أن هذه العقوبات لم تكن متوافقة مع مصالح روسيا وحسب بل أضرت أيضاً بالولايات المتحدة نفسها، وأضاف قوله إنه "وبالمناسبة، يعرب عن شكوكه تجاه أن الرئيس الأميركي الحالي سيتخذ مثل هذه القرارات التي ستضر الاقتصاد الأميركي نفسه، إنه ليس شخصاً ذكياً فحسب بل إنه شخص عملي، وبالكاد أستطيع أن أتخيل أنه ستُتخذ قرارات تضر بالاقتصاد الأميركي نفسه". وخلص بوتين إلى أنه "لذلك وعلى الأرجح، من الأفضل لنا حقاً أن نلتقي استناداً إلى حقائق اليوم للتحدث بهدوء في جميع المجالات التي تهم كلاً من الولايات المتحدة وروسيا، نحن جاهزون لكنني أكرر هذا أولاً وقبل كل شيء، بالطبع يعتمد على قرارات واختيار الإدارة الأميركية الحالية".

ونذكر في هذا الصدد أن التغيير في سلوك ترمب جاء بعد أن رفض زيلينسكي طلب الولايات المتحدة حول السيطرة على 50 في المئة من الموارد المعدنية داخل أوكرانيا، وأعرب مستشار الأمن القومي مايكل والتز عن "خيبة أمل" الإدارة الجمهورية في زيلينسكي بسبب انتقاده العلني للاتفاق، وطالب الزعيم الأوكراني بتوقيع هذا الاتفاق على الفور.

الاستعداد للمحادثات الثنائية

 كشف دميتري بيسكوف الناطق الرسمي باسم الكرملين عن استعدادات روسيا والولايات المتحدة لاستئناف المفاوضات خلال وقت لاحق، وإن لم يحدد الزمان والمكان، وقال إن "الاتصالات المقبلة بين موسكو وواشنطن ستعقد على مستوى الخبراء من وزارة الخارجية"، وإن الطرفين سيناقشان عمل السفارات وتسوية الحرب ثم التجارة والاستثمارات، لكن الأهم قد يتمثل في ما أشار إليه الرئيس بوتين حول مضمون هذه التجارة وتلك الاستثمارات.

 

 

وكان بوتين أشار في حديثه التلفزيوني الأخير إلى "أنه مستعد لأن يعرض على أميركا استخراج المعادن الأرضية النادرة في روسيا"، وهو ما كان محور انتقادات في الداخل الروسي ومثار نقاش على مواقع التواصل الاجتماعي من منظور انتقاد التوجه، والعودة إلى ممارسات الماضي لما سبق وكان محور جدل ومناقشات طويلة داخل فريق الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف، الذي توقف في حينه كثيراً عند الإفراط في اعتماد روسيا على بيع الطاقة والمواد الخام".

وذكر بوتين ما كتبه الرئيس السابق ميدفيديف عام 2009 تحت عنوان "روسيا إلى الأمام"، وهي المقالة التي أودعها موقعه الإلكتروني وحمل فيها على أعوام حكم الرئيس بوتين منتقداً الاعتماد المفرط على تصدير الطاقة والمواد الخام، إلى جانب تفشي واستشراء الفساد الإداري.

وكانت قناة "تيليغرام" أشارت إلى أن الرئيس بوتين يناقش مع المسؤولين كيفية بيع مزيد من الثروات الروسية، وقالت "الآن من الواضح ما قاتلنا من أجله، حتى يبيع بوتين روسيا إلى أميركا"، ووفقاً للرئيس الروسي فإن "روسيا مستعدة لأن تعرض على الولايات المتحدة تطوير المعادن الأرضية النادرة داخل أراضيها وفي الأراضي الملحقة بأوكرانيا، وكذلك الإنتاج المشترك للألمنيوم مع الشركات الأميركية، ويمكننا التفكير في العمل معاً في هذا الاتجاه".

وفي هذا الصدد يقول المراقبون إنه لا يوجد كثير من رواسب المعادن النادرة أو بعض المعادن الثمينة في أوكرانيا، كما أنه وبصورة عامة ليس من الواضح كم سيكلف البحث عنها واستخراجها من باطن الأرض، وقال هؤلاء إن زيلينسكي يحاول أن يثير اهتمام ترمب كشخص ساخر ورجل أعمال، من أجل لفت الانتباه بطريقة ما إلى أوكرانيا.

وأضافوا أن بوتين ظهر ليقول إن روسيا لديها أيضاً معادن أرضية نادرة، وإنها مستعدة لأن تعرض على الولايات المتحدة العمل بالمعادن الأرضية النادرة داخل بلادها، وفي الأراضي التي ضمتها من أوكرانيا، أي إنه يقلل مرة أخرى من قيمة أوكرانيا ويحاول إيجاد الطريق إلى قلب ترمب، على حد قول المتخصص السياسي فيودور كراشينينيكوف.

المزيد من تقارير