Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ليل غزة "الموحش" لا يعرف سهرات رمضان

البعض يتحايل بتنظيم أجواء ولو لساعات قليلة والشموع وألواح الليد وسائل الإضاءة وقت الصلاة والطعام

الظلام يخيم على ليالي غزة بعد  30 ألف كيلومتر من شبكات الكهرباء (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

كشفت صور التقطها مركز الأمم المتحدة للأقمار الاصطناعية "يونيسات" مدى الظلام الذي حل على قطاع غزة جراء الحرب الإسرائيلية، وتظهر الصور أن ليالي غزة باتت الأكثر قتامة خلال العقد الماضي، إذ خفتت أضواء الليل بنسبة 90 في المئة، مما يعني أن استخدام الكهرباء انخفض بنسبة مماثلة.

 

قبل أذان المغرب زينت سمر سفرة الإفطار في أطباق الطعام القليلة ووضعت كاسات مشروب الخروب وبعض التمر. وحاولت جاهدة خلق أجواء رمضان لتعيشه كما الأعوام الماضية، أمسكت هاتفها تلتقط صورة، لكنها لم تتمكن فالظلام دامس ولا كهرباء في غزة.

تتأفف سمر، وتركض لتنير ألواح الليدات (إضاءة صغيرة تنير بواسطة بطاريات حفظ الطاقة)، تتفاجأ بعدم شحن البطاريات وأن المصابيح الصغيرة البديلة ضعيفة للغاية، وتستعين بكشاف هاتفها المحمول وبسرعة تلتقط صورة واحدة فقط خوفاً من نفاد بطاريتها.

إفطار من دون كهرباء

بنبرة يغلبها اليأس تقول سمر "يبدو أننا سنعيش رمضان كما الدجاج ننام بعد غياب الشمس"، وتحب الفتاة خلق أجواء مميزة في ليالي الصيام، ولم تستطع رمضان الماضي فعل ذلك إذ كانت حرب غزة ضروس والجوع يهتك بالسكان، والمعاناة قاسية.

ومع تحسن طفيف في ظروف غزة وسماح إسرائيل بإدخال أصناف من الطعام الذي يحتاج إليه السكان خلال رمضان قررت سمر خلق أجواء رمضانية، لكنها تضيف "سأفشل، حتماً سأفشل، لا كهرباء في غزة ولا أي مصدر إنارة، الليل هنا موحش، وهذا يفشل كل أجوائنا".

مع انطلاق شرارة الحرب بين "حماس" وإسرائيل خلال السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، قطعت تل أبيب كل خطوط الكهرباء عن غزة، ودمرت البنية التحتية الكهربائية، مما جعل القطاع يغرق في ظلام دامس.

اقرأ المزيد

وبسبب انقطاع الكهرباء التام عن غزة لا يستطيع السكان مواصلة حياتهم بصورة طبيعية، إذ ينتهي اليوم في القطاع عند غياب الشمس، وينام السكان باكراً جداً ويستيقظون باكراً أيضاً، إذ في الليل لا مصدر إنارة يشجع على السهر أو ممارسة أنشطة تجارية وسياحية وما شابه.

وتقول الفتاة سمر "يحل الظلام بعد أذان المغرب في غزة، وبما أنه لا كهرباء في القطاع فهذا يعني أنه طوال أيام رمضان سنقضيها من دون سهرات أو أجواء، ويبدو أننا سننام باكراً بعد التراويح لأننا لن نرى بعضنا من دون إنارة".

لم تكن أزمة الكهرباء وليدة الحرب الإسرائيلية، بل تعاني غزة منذ عام 2006 من انقطاع التيار لساعات محددة في اليوم، لكن في الصراع الحالي فإن القطاع لا ترى الكهرباء نهائياً منذ 17 شهراً.

شموع للتراويح

اشترت شوق كثيراً من الشموع لتضيء ليل رمضان. وتقول "تعطلت البطارية الصغيرة التي أستخدمها لتشغيل الليدات، وحتى نرى بعضنا بعضاً في وقت الإفطار وصلاة التراويح، فإنني اعتمدت على الشموع".

بعد صلاة التراويح لا تستطيع شوق مواصلة سهرات رمضان، وتضيف "سأنام مباشرة مع عائلتي، بسبب عدم توافر الكهرباء، الإنارة تسبب النشاط ومن خلالها نشاهد التلفاز أو نتصفح الإنترنت ونقوم ببعض الأنشطة الرمضانية، لكن على الشموع لن يحدث ذلك، ويجلس كل فرد في مكانه وننام".

كانت شوق تتمنى أن يصل التيار الكهربائي لخيمتها في غزة، إذ تخطط على رغم أنها تعيش في إيواء لخلق أجواء رمضانية، ومن دون إنارة لا يمكنها فعل ذلك، وتؤكد أن "انقطاع الكهرباء يجعل ليل غزة موحشاً ويفاقم تحديات الحياة اليومية للمواطنين".

 

أثر استمرار انقطاع التيار الكهربائي بصورة دائمة على سكان غزة، وأجبرهم على تغيير أنماط حياتهم، ودفعهم إلى اللجوء إلى حلول بدائية، مثل الإنارة البسيطة التي توفرها ألواح الطاقة الشمسية كخيار أخير لتوليد الحد الأدنى من الكهرباء.

سهرات رمضانية على مصباح الديزل

صنع محمود كراسي بسيطة وطاولة صغيرة ووضعها في الشارع ليجتمع مع أصدقائه بعد التراويح كطقس رمضاني، واشترى مصباح إنارة يعمل على الديزل يشعله لمدة ساعتين كل ليلة، ليعيش أقل الأجواء الرمضانية.

يقول محمود "لا نمتلك سوى مصباح صغير يسمى مصباح فتيل نشعله لمدة ساعتين، ونجلس مع الأصدقاء نتسامر ونتحدث عن الحياة. سأعيش أجواء رمضان حتى لو بأقل الإمكانات والاستعدادات، انقطاع التيار الكهربائي يجعلنا نعيش معاناة وسط ظلام دامس غير لنا روتين حياتنا".

 

وكشفت صور التقطها مركز الأمم المتحدة للأقمار الاصطناعية "يونيسات" مدى الظلام الذي حل على قطاع غزة جراء الحرب الإسرائيلية، وتظهر الصور أن ليالي غزة باتت الأكثر قتامة خلال العقد الماضي، إذ خفتت أضواء الليل بنسبة 90 في المئة، مما يعني أن استخدام الكهرباء انخفض بنسبة مماثلة.

ويقول شعبان "الحياة بلا كهرباء صعبة وقاسية، فالكهرباء كانت من أهم النعم التي يعيش بها الناس، واليوم لا يوجد مصدر للإنارة سوى بطاريات صغيرة تُشحن بصعوبة، عدم رؤية الكهرباء نهائياً أعاد المواطنين عقوداً للوراء وجعل الحياة تبدو كأنها بدائية في غالب المناطق".

أعطال شبكة الكهرباء

اشترى خميس مولداً كهربائياً لينير استراحته التي نجت من الحرب. ويقول "لأوفر الكهرباء لمدة ساعتين بعد التراويح لتشعر الناس أن أجواء رمضان الجميلة عادت، يكلفني ذلك كل يوم 220 دولاراً، هذا الأمر مرهق للغاية لكن نحاول خلق أجواء رمضانية".

وقدرت شركة توزيع الكهرباء في غزة الخسائر الأولية بقيمة 450 مليون دولار، في ظل دمار تجاوزت نسبته 80 في المئة من مقدرات شبكة توزيع التيار. ويقول مدير العلاقات العامة والإعلام في شركة توزيع الكهرباء داخل غزة محمد ثابت "لدينا تلف في 30 ألف كيلومتر من شبكات الكهرباء".

ويضيف ثابت "بسبب هذا الدمار يصعب إعادة التيار حتى لو وافقت إسرائيل على توصيله، لأن تأهيل وإصلاح الشبكات لاستقباله سيحتاج إلى أشهر وربما أعوام، إذ شمل التدمير الذي طاول شبكات الكهرباء إسقاط وتدمير أعمدة كهرباء وتقطيع كوابل وتحطيم محولات وكذلك تخريب قواطع، وخطوط ضغط عال ومنخفض".

المزيد من تقارير