ملخص
بلغ عدد القضايا المتعلقة بالجرائم الإلكترونية منذ مطلع عام 2024 (2000 قضية) بينها 800 قضية تمت مباشرتها واستيفاء جميع مراحلها القانونية، وفق ما ذكره الناطق باسم الإدارة العامة للحرس الوطني حسام الدين الجبابلي.
مع التطورات التكنولوجية الكبيرة وتعدد وسائل التواصل الاجتماعي وإلغاء كل الحدود الجغرافي بصورة افتراضية أصبحت الجرائم الجديدة أو الجرائم الإلكترونية بالأساس من الجرائم التي تطرح أخطاراً وتحديات كبيرة في العالم وتونس خصوصاً.
وعلى رأس هذه التحديات، تتصدر الجوانب القانونية التي حاول المشرع التونسي أن يجعلها ملائمة للعصر ولتطور الجريمة في البلاد، لكن بحسب متخصصين في هذا المجال يبقى الجانب القانوني يحتاج إلى كثير من التحيين بسبب تطور هذه الجرائم وتنوعها وتعقيدها.
ضرورة حتمية
وزير الداخلية خالد النوري، قال في كلمة له خلال يوم دراسي عن الجرائم الإلكترونية في العاصمة تونس، إن الانتظام في المجال الرقمي أصبح اليوم ضرورة حتمية، إلا أن "التطور التكنولوجي المتسارع بات يشكل خطراً متنامياً على الأفراد والمؤسسات بأساليب وأشكال متنوعة، كالاحتيال الإلكتروني وسرقة البيانات والهجمات السيبرانية والاختراقات وانتهاك المعطيات الشخصية وجرائم الابتزاز والتنمر الإلكتروني".
وأوضح الوزير التونسي أن "هذا الوضع يقتضي فهم عديد المسائل والمصطلحات الخاصة بالجرائم الإلكترونية وأشكالها ودوافعها وطرق الحد منها، مشيراً إلى أهمية العمل بصفة تشاركية للخروج بجملة من التوصيات والاقتراحات والحلول للوقاية من هذه الجرائم ومكافحتها".
وبلغ عدد القضايا المتعلقة بالجرائم الإلكترونية منذ مطلع عام 2024 (2000 قضية) بينها 800 قضية تمت مباشرتها واستيفاء جميع مراحلها القانونية، وفق ما ذكره الناطق باسم الإدارة العامة للحرس الوطني حسام الدين الجبابلي.
وبحسب إحصاءات رسمية تم تسريب بيانات شخصية كل 39 ثانية على الإنترنت في تونس. وفي سياق متصل يحقق القضاء التونسي حالياً في عملية تحايل واسعة راح ضحيتها نحو 7 آلاف تونسي، يقف وراءها شخص سوري الجنسية وجهت إليه تهمة تكوين وفاق بقصد الاعتداء على أملاك الغير، إضافة إلى جريمة التحايل من طريق ما يسمى التسويق الشبكي عبر الإنترنت.
ومع تزايد أنواع الجريمة المعقدة والجديدة والمتعلقة أساساً بالإنترنت في تونس، ذكر الناطق باسم الإدارة العامة للحرس الوطني حسام الدين الجبابلي، أن إدارتهم أطلقت منذ عام 2017 الفرقة المركزية الخامسة للتصدي للجرائم الإلكترونية وتفعيل نشاطها عام 2019.
وذكر أن من بين هذه الملفات الخطرة التي تمت مباشرتها عام 2024، تعمد استقطاب عديد من القصر عبر شبكات التواصل الاجتماعي من قبل تنظيمات إرهابية.
تشريعات جديدة
في إطار التعاون الدولي، كشف الجبابلي أن عديد القضايا معروضة حالياً على الفرقة المركزية الخامسة، وهي واردة من دول الاتحاد الأوروبي بخصوص متابعة عدد من الجرائم الإلكترونية، إذ تمكنت وحدات الأمن الوطني من الكشف عن المجموعات الإجرامية وتقديم عناصرها للعدالة.
وأكد أهمية الحاجة إلى قوانين وتشريعات جديدة تساعد على التصدي للجرائم الإلكترونية والحد من أخطارها، والحاجة إلى التنسيق الدائم بينهم وبين وزارة العدل من أجل إيجاد التكييف القانوني لمختلف الجرائم المرتكبة.
من جهته، دعا مدير بالوكالة الوطنية للسلامة السيبرانية في تونس محمد علي بن مبروك إلى تفعيل المرسوم 17 لسنة 2023 من أجل تجريم عمليات القرصنة الإلكترونية. وقال بن مبروك في حديث إلى "اندبندنت عربية"، إن الوكالة بصدد تفعيل علامة "مؤمن" التي تمنحها الوكالة لمستخدمي المنظومات الإعلامية المتطورة.
وأوضح أن علامة "مؤمن" تضمن مدى مطابقة المنظومات الإعلامية للمؤسسات وكل من يستعمل الذكاء الاصطناعي للمعايير الدولية حتى لا تؤدي إلى أخطار إلكترونية معقدة، مشيراً إلى أن السلامة السيبرانية هي معنى تقني وهو إيجاد تدابير وإجراءات من أجل حماية النظم والشبكات والمستخدمين لها أفراداً كانوا أو شركات.
ولفت الانتباه إلى أن قضايا الجرائم الإلكترونية تتعلق بالاحتيال الإلكتروني والفيروسات والهجمات السيبرانية على الحواسيب والأنظمة المعلوماتية بغاية السيطرة عليها وعلى المعطيات الشخصية قصد الابتزاز أو التصيد أو المطالبة بفدية إلكترونية.
بحسب إحصاءات رسمية انتشرت خدمات الهاتف الجوال إلى مستوى قياسي ببلوغ عدد المشتركين قرابة 16 مليون مشترك في وقت ارتفعت فيه الجرائم الإلكترونية وعمليات التحايل مما يتطلب اتباع حزمة إجراءات وقائية، وتجاوز عدد المستخدمين أكثر من 10 ملايين أي 91.1 في المئة في حين بلغ العدد الإجمالي لمبيعات شرائح الهاتف الجوال في تونس قرابة 25 ألف شريحة في اليوم الواحد.
تهديدات الفضاء الرقمي
انضمت تونس رسمياً في فبراير (شباط) 2024 إلى اتفاقية مجلس أوروبا المتعلقة بالجريمة الإلكترونية المعتمدة ببودابست، لتصبح الدولة رقم 70 التي تنضم إلى هذه الاتفاقية.
ويأتي هذا الانضمام في إطار مواصلة الجهود في مكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال وحماية الفضاء السيبراني الوطني ومستعملي تكنولوجيات المعلومات والاتصال من الاعتداءات والهجمات التي تهدف إلى النيل من أنظمة المعلومات أو المساس بحقوق الأشخاص أو استعمالها من دون وجه حق أو المساس بالسلم الاجتماعي أو النظام العام.
وتونس تعد من بين الدول العربية التي سنت أخيراً تشريعاً منفصلاً من خلال المرسوم 54 الذي تم سنه في الأساس لمكافحة هذا النوع من الجرائم.
ونبه المحامي صابر بن عمار إلى أن الجريمة الإلكترونية في تونس تعد من القضايا المتزايدة في الأعوام الأخيرة، حيث باتت تهديدات الفضاء الرقمي تمثل تحدياً كبيراً للأفراد والمؤسسات.
وعدد أنواع الجرائم الإلكترونية في "القرصنة وهي اختراق الأنظمة والشبكات للحصول على بيانات حساسة، ثم الاحتيال الإلكتروني وهو استخدام تقنيات مثل التصيد للحصول على معلومات شخصية أو مالية، وكذلك البرمجيات الضارة وهي نشر الفيروسات والبرمجيات الخبيثة التي تستهدف الأجهزة، إضافة إلى التشهير وهو استخدام الفضاء الإلكتروني لنشر معلومات كاذبة أو مضللة عن الأفراد".
ولعل أهم الفصول القانونية التي تتصدى لهذه الجرائم بحسب بن عمار، الفصل 24 من مرسوم 54 لسنة 2022، الذي يتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال وفي الإشاعة والأخبار الزائفة، علاوة على الفصل 24 الذي يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها نحو 15 ألف دولار كل من يتعمد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتصال لإنتاج أو ترويج أو نشر أو إرسال أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذباً للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو بث الرعب بين السكان.