Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رون ديرمر... رجل النفوذ الإسرائيلي الأقرب إلى نتنياهو

يتمتع بشبكة اتصالات واسعة النطاق في أروقة إدارة ترمب الحالية ودوائر السلطة الأميركية

وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر هو الأكثر نفوذاً في إسرائيل حالياً (أ ف ب)

ملخص

وفقاً لما نقلته القناة "13" الإسرائيلية فإن رون ديرمر يعد أحد أقوى الشخصيات في الحكومة الإسرائيلية، "ولا يتحرك نتنياهو من دونه"، في حين ذكر موقع "واللا" الإسرائيلي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي قال لأحد المقربين منه إنه "يرى في رون ديرمر ويوسي كوهين الشخصين المناسبين لقيادة إسرائيل وليس شخصية من حزب الليكود".

لم يكن غريباً بالنسبة إلى كثير من الإسرائيليين تسليم مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر مسؤولية قيادة وفد التفاوض الإسرائيلي للمرحلة الثانية من مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، بدلاً من رئيسي جهاز الموساد ديدي برناع، وجهاز الشين بيت "شاباك" رونين بار.

 وعلى رغم ندرة ظهور ديرمر أمام الجمهور والإعلام، فإن خبر قيادته مفاوضات المرحلة الثانية أثار قلق وخوف عائلات الأسرى الإسرائيليين، وكيف لا وقد قال لهم، خلال أحد اللقاءات إنه لن يؤيد أي اتفاق يوصل إلى إنهاء الحرب من دون ضمان القضاء الكامل على "حماس" في تكرار حرفي لكلام نتنياهو، الذي يتهمونه مراراً بعرقلة التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب ويعيد الرهائن.

ولأن المفاوضات في شأن المرحلة الثانية مختلفة تماماً وتحمل تداعيات أوسع نطاقاً، تتضمن عناصر سياسية ودبلوماسية وأمنية تتعلق بمستقبل غزة، لا تكمن مهمة ديرمر بإيجاد صيغة لتحقيق أهداف إسرائيل وإطلاق سراح الرهائن وحسب، بل أيضاً في الحفاظ على الائتلاف الحاكم ومواصلة التواصل مع الإدارة الأميركية وضمان توافق مصالح البلدين، بخاصة أن المستشار السياسي الأكثر قرباً لنتنياهو برز في كثير من المحطات المهمة لإسرائيل وكان له دور بارز في توطيد العلاقات مع الولايات المتحدة.

ووفقاً لما نقلته القناة "13" الإسرائيلية فإن ديرمر اليوم يعد أحد أقوى الشخصيات في الحكومة الإسرائيلية، "ولا يتحرك نتنياهو من دونه،" في حين ذكر موقع "واللا" الإسرائيلي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي قال لأحد المقربين منه إنه "يرى في رون ديرمر ويوسي كوهين الشخصين المناسبين لقيادة إسرائيل وليس شخصية من حزب الليكود".

مناصب رفيعة

ديرمر الذي ينحدر من عائلة يهودية هاجرت من بولندا إلى الولايات المتحدة قبل الحرب العالمية الثانية، درس في مدرسة دينية يهودية متشددة في مدينته ميامي بيتش، فيما تلقى تعليمه الجامعي ودرس الاقتصاد والإدارة في جامعة بنسلفانيا، ثم الفلسفة والعلوم السياسية في جامعة أكسفورد في المملكة المتحدة عام 1993، التي انطلق منها إلى عالم السياسة الإسرائيلية، فكان آنذاك يترأس جمعية طلابية يهودية باسم "لخايم" كانت تهدف إلى تعزيز الثقافة اليهودية في الحرم الجامعي.

وكان نشيطاً في حزب "يسرائيل بعاليا" الإسرائيلي اليميني القومي الذي ترأسه في ذلك الوقت نتان شيرانسكي، واندمج في ما بعد بحزب "الليكود" عام 2006، كما أن قرب عائلته من الحزب الجمهوري وصلتها الوثيقة بشقيق الرئيس الأميركي السابق جورج بوش حاكم ولاية فلوريدا عن الحزب الجمهوري، أسهم مع الوقت في تقلده مناصب رفيعة في جمعيات ومؤسسات يهودية أرثوذكسية في الولايات المتحدة.

 

 

ومع هجرته إلى إسرائيل عام 1997، بدأ اسمه بالظهور تدريجاً، إذ إن إمكاناته وإشرافه على كتابة الخطابات لعضو الكنيست شيرانسكي الذي عمل مستشاراً له منذ عام 1995 أتاحا له فرصة كتابته عموداً بصورة دورية في صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، وهو ما مكنه عام 2004 من إصدار كتاب بعنوان "ميزة الديمقراطية" الذي انتشر حول العالم بشكل كبير بعدما تبنى الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الكتاب والأفكار الواردة فيه، بل ودعا الجميع إلى قراءته، وهو ما عزز من مكانة ديرمر كيهودي جمهوري في الولايات المتحدة.

وحتى رحيل حكومة إيهود باراك عام 2000 ظل ديرمر مستشاراً لشيرانسكي، إلى أن عرفه على نتنياهو وبدأ بكتابة خطاباته، وحينما كان الأخير يشغل منصب وزير المالية في حكومة أريئيل شارون عام 2003 أصبح ديرمر مستشاراً استراتيجياً له، وعينه في ما بعد ليشغل منصب الملحق الاقتصادي لإسرائيل في واشنطن بين عام 2004 وحتى 2008، مما اضطر ديرمر إلى التنازل عن جنسيته الأميركية، وكتب حينها مقالاً في صحيفة "نيويورك صن" قال فيه "لن أنكر أميركا أو شعبها أبداً، وبصفتي ابناً مخلصاً لها، فلن أخون مبادئها".

ووفقاً لوسائل إعلام إسرائيلية، فقد ساعد ديرمر أثناء فترة عمله كمبعوث اقتصادي، في تأمين مذكرة التفاهم لعام 2007، التي امتدت لمدة 10 أعوام في شأن المساعدات العسكرية لإسرائيل.

صياغة الخطابات

مع عودة نتنياهو إلى سدة الحكم عام 2009، اختير ديرمر ليكون أحد كبار مستشاريه، وأوكل إليه رئاسة قسم الإعلام، فكان مسؤولاً عن صياغة الخطابات والرسائل الإعلامية وبخاصة في المجالين السياسي والأمني، وكذلك مسؤولاً عن قسم "الهسباراه" في مكتب رئيس الحكومة.

اقرأ المزيد

وبحسب ما كتبته صحيفة "جيروزاليم بوست" عنه عام 2011 فإن ديرمر "يدير كثيراً من التدخلات مع البيت الأبيض، ويكتب كثيراً من خطابات نتنياهو"، وما إن عين سفيراً لإسرائيل في الولايات المتحدة بين 2013 و2021، حتى كثف جهوده لإقناع شركات ودول كبرى بوقف التعامل مع إيران وسحب الاستثمارات منها أو أي صورة للعلاقة الاقتصادية معها.

ونجح عام 2007 في إقناع الولايات الأميركية بسحب استثماراتها من صناديق التقاعد الحكومية في إيران، وأصبحت فلوريدا، مسقط رأسه، أول ولاية تمرر تشريعاً لسحب الاستثمارات، كما تمكن من خلال منصبه في بناء شبكة علاقات واسعة مع شخصيات محسوبة على الحزب الجمهوري، التي من بينها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في فترته الأولى.

وبحسب موقع" زمان يسرائيل" فإن ديرمر يتمتع بشبكة اتصالات واسعة النطاق في أروقة إدارة ترمب الحالية، وفي الكونغرس ومجلس الشيوخ والعالم الإنجيلي.

لعب ديرمر من خلال شبكة علاقاته المتشعبة، التجارية والسياسية والاجتماعية المتعددة، دوراً مركزياً في تسهيل اعتراف إدارة ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إليها عام 2017، وكذلك اعترافها بضم الجولان السوري لإسرائيل رسمياً، وأسهم بفاعلية كبيرة في عقد "اتفاقات أبراهام" مع عدد من الدول العربية عام 2020.

وساعد في تأمين لقاحات كورونا لإسرائيل، وشارك في جهود إطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد من السجون الأميركية، وكان الشخصية التي وقفت خلف خطاب نتنياهو الشهير في الكونغرس عام 2015، الذي اعتبرته وسائل إعلام أميركية موالية للحزب الديمقراطي الشخصية التي تسببت في الإضرار بالعلاقات الأميركية - الإسرائيلية في ذلك الوق،. مما أكد لكثيرين أن وجود ديرمر في واشنطن مختلف وفريد عما هو معمول به سابقاً في السلك الدبلوماسي لإسرائيل، وهو ما مهد له الطريق ليصبح باحثاً كبيراً في المعهد اليهودي للأمن القومي في الولايات المتحدة (JINSA) الذي يدعو في المقام الأول إلى إبرام اتفاق دفاع مشترك بين إسرائيل والولايات المتحدة، يلزم الولايات المتحدة الرد عسكرياً إذا تعرضت إسرائيل لهجوم.

تخفيف الضغوط

عام 2022 حصل ديرمر على منصب وزير الشؤون الاستراتيجية بعدما أعيد افتتاح الوزارة، ليتمثل دوره هذه المرة في مكافحة المشروع النووي الإيراني، وتعزيز اتفاقات التطبيع مع الدول العربية وتقوية العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، إذ تحولت الوزارة التي كان يفترض قديماً أنها هامشية إلى أداة فعالة في دبلوماسية ما وراء الكواليس، لدرجة أن نتنياهو خصص لديرمر مقعداً كعضو مراقب في كابينت الحرب الذي كان يدير الحرب على غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والذي لم يكن متاحاً لوزراء في وزارات مركزية حيوية في الحكومة الإسرائيلية. 

 

 

وذكر تقرير في صحيفة "يسرائيل هيوم" بعد الحرب مباشرة أن نتنياهو كلف ديرمر بتصميم خطط لتقليص عدد السكان الفلسطينيين في قطاع غزة إلى "الحد الأدنى"، إذ تضمنت الخطة "استخدام الأزمة الإنسانية وضغوط الحرب لإقناع مصر بالسماح للفلسطينيين بالتدفق إلى دول عربية أخرى، وفتح طريق بحري تسمح فيه إسرائيل بالهرب الجماعي إلى الدول العربية والأفريقية"، في حين أكدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أنه في يناير (كانون الثاني) الماضي كشف ديرمر عن أنه شريك في تجهيز خطة "اليوم التالي" للحرب على غزة، مضيفاً "أي خطة إسرائيلية تحتاج إلى حشد الولايات المتحدة والقوى في المنطقة، وأنا متفائل في شأن ذلك".

ويرى مراقبون أن الثقة التي يمنحها نتنياهو إلى ديرمر إلى حد وضعه على رأس وفد المفاوضات في مرحلتها الثانية المفصلية على حساب رئيسي جهاز الموساد والشين بيت، تظهر حجم نفوذ ديرمر في اتخاذ القرارات، التي من شأنها منح نتنياهو السيطرة الكاملة على ملف المفاوضات في مرحلتها الثانية، بما قد يسهم في تخفيف الضغوط الأميركية عليه، بخاصة أن ديرمر مقرب من ترمب، وله القدرة على إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بالتراجع وإظهار المرونة والاستجابة لبعض الموضوعات التي تطلبها واشنطن.

فالرجل وفي إطار النفوذ والدور الكبيرين اللذين يتمتع بهما نجح في إعادة الدفء إلى علاقة نتنياهو مع ترمب، بعد انقطاعها جراء توتر العلاقات بين الرجلين في أعقاب تهنئة رئيس الوزراء الإسرائيلي لجو بايدن بعد فوزه في انتخابات 2020.

وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية فإن شخصية ديرمر، التي لا تتواصل مع الجمهور الإسرائيلي "منتظم بشكل عميق مع منظمة أميركية تعمل خلف الكواليس لتدبير تحول كبير في نهج إسرائيل وسياساتها الأمنية".

المزيد من تقارير