ملخص
أشادت السعودية وأوكرانيا بمتانة الروابط الاقتصادية بينهما، مشيرتين إلى نمو حجم التبادل التجاري بنسبة تسعة في المئة في عام 2024، ومؤكدتين ضرورة تذليل التحديات التي تواجه تنمية العلاقات التجارية
في خطوة تعكس عمق العلاقات الثنائية وتوطيد التعاون الاقتصادي بين البلدين، أعلنت السعودية وأوكرانيا تعزيز الروابط الاقتصادية وأهمية العمل المشترك لتنمية حجم التبادل التجاري بينهما، وذلك خلال الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس أوكرانيا السيد فولوديمير زيلينسكي، إلى المملكة في الـ10 من مارس (آذار) الجاري.
خلال جلسة المحادثات الرسمية مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، استعرض الطرفان أوجه العلاقات بين البلدين، معربين عن رغبتهما في تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري عبر إنشاء شراكات استثمارية واعدة في القطاعات ذات الأولوية لكلا الجانبين، وفقاً لوكالة الأنباء الرسمية (واس)، وذلك على هامش المحادثات المفصلية التي ترعاها الرياض بين واشنطن وكييف، تمهيداً لمحادثات السلام المرتقبة مع موسكو.
إعادة الإعمار في التفاصيل
أشادت الجهتان بمتانة الروابط الاقتصادية بينهما، مشيرتين إلى نمو حجم التبادل التجاري بنسبة تسعة في المئة في عام 2024، ومؤكدتين ضرورة تذليل التحديات التي تواجه تنمية العلاقات التجارية. كما جرى الاتفاق على تكثيف الزيارات الرسمية وعمليات تبادل الوفود التجارية والاستثمارية، وتشجيع إقامة المشاريع المشتركة، بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030 وبرامج إعادة إعمار أوكرانيا.
ورحب الطرفان بإعادة إنشاء مجلس الأعمال السعودي الأوكراني المشترك خلال عام 2025، كآلية لتعزيز التواصل والتنسيق بين القطاعين الحكومي والخاص. وتهدف هذه الخطوة إلى خلق بيئة استثمارية مواتية في قطاعات الطاقة والصناعات الغذائية والبنى التحتية، مع التركيز على التعاون في مجالات النفط والغاز والبتروكيماويات، إضافة إلى التوسع في شراكات القطاع الخاص في المجالات الزراعية والأمن الغذائي.
احترام السيادة والحدود
في ختام الزيارة، عبر الرئيس زيلينسكي عن شكره وتقديره لمضيفه، في حين أعرب الطرفان عن تطلعهما لتعزيز التعاون والتنسيق في القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، مؤكدين "دعم الجهود المبذولة لتحقيق سلام دائم وعادل في أوكرانيا، والالتزام بمبادئ السيادة والحدود المعترف بها دولياً"، إضافة إلى حماية البيئة وضمان الأمن النووي والغذائي ونزع الألغام من الأراضي.
وترعى السعودية وساطة مزدوجة بين أميركا وروسيا وأخرى بين واشنطن وكييف على إثر الخلاف الذي نشب بينهما أخيراً، على أمل أن تفضي تلك الجهود إلى إنضاج الحل النهائي للأزمة الأوكرانية في لقاء الرئيسين بوتين وترمب المرتقب بعد نحو شهر ونصف شهر في الرياض، التي التقى فيها الطرفان قبل أسبوعين وأعلنا استئناف العلاقة وتبادل السفراء.
وتشهد جدة السعودية اليوم أعمال المحادثات الرسمية بين الوفدين الأميركي والأوكراني.
وأكد مستشار للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الثلاثاء أن بلاده تريد السلام ومستعدة للتفاوض لإنهاء الحرب، فيما كان يستعد للمشاركة في المحادثات مع نظرائه الأميركيين في مدينة جدة السعودية.
وقال رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية أندري يرماك للصحافيين "نحن مستعدون لفعل كل شيء من أجل تحقيق السلام".
فرص واعدة
وفقاً لتقديرات ورقة حديثة عن مركز الخليج للأبحاث، ناقشت "العلاقات الأوكرانية السعودية: التحديات والآفاق لمزيد من التعاون"، وخلصت إلى أنه على الرغم من أن أوكرانيا تعتبر السعودية واحدة من الشركاء الرئيسين في منطقة الخليج والشرق الأوسط، إلا أن العلاقات الحالية لا تزال دون الطموح من نواح عدة. ولفتت إلى أن المؤشرات تظهر بوضوح أن فرص الشراكة غير مستغلة بالكامل، فعلى سبيل المثال رصدت أن إجمال التجارة في البضائع مع الرياض في 2019 بلغ نحو 920 مليون دولار، إلا أنه "بالنظر إلى القدرة على تنويع التجارة وتكثيفها يمكن أن يصل إجمال حجم التجارة في كل من السلع والخدمات إلى ملياري دولار أو أكثر".
ورأت أن تحقيق هذا الهدف يمكن من خلال زيادة حجم التجارة بشكل عام، ولكن الأهم من ذلك بحسب خلاصتها "بناء علاقات تجارية ثنائية متوازنة، بما في ذلك زيادة الصادرات السعودية إلى أوكرانيا لتشجيع هيكل أكثر توازناً للتجارة الثنائية في السلع".
واقترحت الورقة على الجانبين التركيز على زيادة تدفقات الاستثمار الثنائي، ففي وقت يشهد فيه الاستثمار الأجنبي المباشر من السعودية إلى أوكرانيا تباطؤاً إلى حد ما، لا يزال تدفق استثمار كييف إلى الرياض منخفضاً للغاية، ورجحت أن "المجالات المحتملة للاستثمار المشترك تشمل بناء البنية التحتية وإنشاء مشاريع مشتركة في مجالات الزراعة وإنتاج النقل العسكري والطاقة وما إلى ذلك، وقد تتضمن المشاريع الأخرى تنمية السياحة وفرص التعليم وتبادل التكنولوجيا وغيرها".