Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
يحدث الآن

طموحات بن غفير بإلغاء "اتفاقيات أوسلو" تصطدم بمعارضة إسرائيلية

تسعى أحزاب اليمين المتطرف إلى التنصل منها في ظل معارضة المؤسسة الأمنية والعسكرية وتأييدها بقاء السلطة الفلسطينية

كان يفترض أن تؤدي "اتفاقيات أوسلو" إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 (رويترز)

ملخص

يشكك مراقبون وسياسيون فلسطينيون وإسرائيليون في إمكان تمرير مقترح بن غفير الذي يحتاج أولاً إلى إقراره من اللجنة الوزارية الإسرائيلية للتشريع، ثم التصويت عليه بالقراءات الثلاث في الكنيست.

لم يكن اقتحام آليات عسكرية إسرائيلية الطريق الواصل بين منزل الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومقر الرئاسة في قلب مدينة رام الله قبل يومين سوى أحد الانتهاكات الإسرائيلية لـ"اتفاقيات أوسلو" بين "منظمة التحرير الفلسطينية" وإسرائيل.

فإسرائيل تنتهك يومياً تلك الاتفاقية التي وقعت بين الجانبين قبل 30 عاماً، لكن حزب "القوة اليهودية" بزعامة إيتمار بن غفير يسعى إلى إلغائها رسمياً وبصورة كاملة عبر سن  قانون في الكنيست اقترحه قبل أيام.

حبر على ورق

وفي حين أن تلك الاتفاقيات كان يفترض أن تؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، إلا أنها تحولت حبراً على ورق بعد ثلاثة عقود على توقيعها.

ولم يبقَ من "اتفاقيات أوسلو" سوى السلطة الفلسطينية التي كان من المفترض أن تتحول إلى دولة فلسطينية قبل 25 عاماً.

يقول حزب "القوة اليهودية" "لأنها أضرت بمكانة إسرائيل الأمنية والاستراتيجية وفتحت الباب أمام إقامة دولة إرهاب داخل إسرائيل"، يدفع الحزب إلى إلغائها.

ويعمل الحزب اليميني المتطرف الذي يطالب بإلغاء الاتفاقيات بين إسرائيل و"منظمة التحرير" على حشد الدعم الحزبي لمشروع قانون في الكنيست لتشريع ذلك رسمياً.

ويسعى إلى إلغاء "اتفاقيات أوسلو" و"اتفاق الخليل" القاضي بانسحاب إسرائيل من 80 في المئة من مدينة الخليل و"اتفاق واي ريفر" الخاص بمحاربة الجماعات المسلحة.

ولا يحظى الحزب المتطرف إلا بـستة مقاعد في الكنيست الإسرائيلي من أصل 120، لكنه جزء من الائتلاف الحكومي الإسرائيلي اليميني بزعامة بنيامين نتنياهو.

ويشكك مراقبون وسياسيون فلسطينيون وإسرائيليون في إمكان تمرير مقترح بن غفير الذي يحتاج أولاً إلى إقراره من اللجنة الوزارية الإسرائيلية للتشريع، ثم التصويت عليه بالقراءات الثلاث في الكنيست.

"اتفاقية أوسلو 2"

ومع أن إسرائيل تعمل منذ سنوات على تقويض عمل ومكانة السلطة الفلسطينية التي تأسست عام 1994، لكنها "تبقى حريصة على بقائها خدمة لمصالحها"، وفق مراقبين.

ومهدت اتفاقية إعلان المبادئ بين إسرائيل و"منظمة التحرير" (أوسلو1) التي اعترف بموجبها الطرفان ببعضهما بعضاً إلى سيطرة فلسطينية على جزء من الضفة الغربية وقطاع غزة وتأسيس السلطة الفلسطينية وإطلاق مفاوضات حول قضايا الوضع النهائي.

وبعدها بسنة نص "اتفاق غزة- أريحا" أولاً على انسحاب إسرائيل من بعض مناطق قطاع غزة ومدينة أريحا.

وعام 1995 توصل الطرفان إلى "اتفاقية أوسلو 2" حول تفاصيل المرحلة الانتقالية والانتخابات في السلطة الفلسطينية وتقسيم الضفة الغربية إلى مناطق (أ) و(ب) و(ج) وانسحاب إسرائيل من ست مدن فلسطينية و400 قرية في الضفة الغربية.

لكن أحزاب اليمين المتطرف في إسرائيل تسعى إلى إلغاء تلك الاتفاقيات في ظل معارضة المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية ذلك وتأييدها بقاء السلطة الفلسطينية.

وبحسب بن غفير فإن مقترح القانون ينص على "إلغاء الاتفاقيات مع منظمة التحرير بالكامل وإعادة إسرائيل الوضع إلى ما كان عليه سابقاً، بما في ذلك استعادة الأراضي التي تم تسليمها في إطار هذه الاتفاقيات".

ووصف بن غفير تلك الاتفاقيات بأنها "أحد أكبر الأخطاء في تاريخ الدولة"، مشيراً إلى أنها "جلبت آلاف القتلى وما زلنا نعاني تبعاتها حتى اليوم"، وطالب "جميع الكتل اليهودية بأن تضع الاعتبارات السياسية جانباً وتدعم هذا القانون".

التنصل من الاتفاقات

وأوضح مقترح القانون أن تلك الاتفاقات "أضرت بمكانة إسرائيل الأمنية والاستراتيجية وفتحت الباب أمام إقامة دولة إرهاب داخل أراضي دولة إسرائيل".

وقبل أشهر أقر الكنيست الإسرائيلي قانوناً بغالبية 91 من أعضائه يعارض بصورة قاطعة إقامة دولة فلسطينية غرب نهر الأردن "لأنها تشكل خطراً وجودياً على دولة إسرائيل".

واعتبر عضو اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية" أحمد مجدلاني أن "مقترح بن غفير تطور خطر للغاية، على رغم أن حكومات إسرائيل تعمل منذ أعوام على التنصل من تلك الاتفاقات وإفراغها من مضمونها وانتهاكها يومياً".

مجدلاني أشار إلى أن نتنياهو يعمل منذ أعوام على "تقويض وجود السلطة الفلسطينية من خلال العمليات العسكرية والاجتياحات اليومية للمدن والقرى وفرض الحصار المالي عليها وضرب سمعتها من خلال الاقتحامات اليومية للمدن والبلدات".

وأوضح أن اليمين المتطرف في إسرائيل يسعى إلى تقويض الضفة الغربية وفرض السيطرة الأمنية على قطاع غزة بدلاً من المسار السياسي المؤدي إلى إنهاء الاحتلال.

ووفق مجدلاني فإن اليمين القومي والديني في إسرائيل يعتقد بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب "تشكل فرصة تاريخية ذهبية لإسرائيل بهدف حرمان الفلسطينيين من حقهم في تقرير مصيرهم والقضاء على حل الدولتين".

ويرى الوزير الفلسطيني السابق وأحد المفاوضين في "اتفاقيات أوسلو" حسن عصفور أن إسرائيل "ألغت الاتفاقيات عندما اغتالت الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات عام 2004 واجتاحت المدن كافة في 2002 ومنعت الفلسطينيين من دخول القدس".

وبحسب عصفور فإن السلطة الفلسطينية كان يجب أن تتحول إلى دولة منذ عام 2012 بعد حصول الفلسطينيين على صفة دولة غير عضو في الأمم المتحدة، مشيراً إلى "أننا كسرنا حائط أوسلو حينها".

استبعاد إمكان إلغائها

واعتبر الباحث السياسي والوزير الفلسطيني السابق نبيل عمرو أن إلغاء تلك الاتفاقات "ليس أمراً سهلاً على إسرائيل، بخاصة على الصعيد الدولي، حتى لو جاء ذلك بدعم أميركي من إدارة ترمب".

واستعبد عمرو إمكان إلغائها "حتى لو دفع بها اليمين الإسرائيلي المتطرف الساعي إلى ضم الضفة وتصفية القضية الفلسطينية وتهجير ما أمكن من الشعب الفلسطيني من قطاع غزة والضفة إلى الخارج".

وأوضح أن دول العالم والإقليم متمسكة "ببقاء السلطة الفلسطينية التي هي آخر بقايا أتفاقيات أوسلو"، مشيراً إلى أن الفلسطينييين يعتبرون "السلطة بنية أساسية لاستمرار حياتهم اليومية".

ولفت إلى أن إسرائيل ألغت الجانب السياسي من "اتفاقيات أوسلو" حول مفاوضات الوضع النهائي وأن "لا أمل لدى الفلسطينيين بالعودة لها في الوقت الحالي".

كما استبعد نائب وزير الخارجية الإسرائيلي السابق داني أيالون إمكان تمرير مقترح القانون، وقال إن "الإسرائيليين بغالبيتهم يرفضون ذلك، حتى نتنياهو على رغم أنه لا يستطيع البوح بذلك حفاظاً على ائتلافه الحكومي مع أحزاب اليمين".

وأوضح أيالون لـ"اندبندنت عربية" أن "نسبة تأييده لا تتعدى الـ 15 في المئة من أًصوات الإسرائيليين"، مردفاً أن "الغالبية الصامتة في إسرائيل لا تدعم إقامة دولة فلسطينية في الوقت الحالي، لكنها تؤمن بالعيش المشترك مع الفلسطينيين".

"في النهاية لا خيار لنا في إسرائيل غير ذلك، فإسرائيل موجودة والفلسطينيون لن يذهبوا إلى إي مكان آخر"، قال أيالون.

دفعة انتخابية

ويرى الباحث في الشؤون الإسرائيلية محمد عواودة أن البرنامج السياسي لحزب بن غفير يدعو إلى إلغاء الاتفاقات مع الفلسطينيين وأنه أيد وصول ترمب إلى البيت الأبيض لطرح ذلك.

لكنه أشار إلى أن الأحزاب الإسرائيلية الكبيرة وعلى رأسها "الليكود" تتشاور مع المؤسسة الأمنية قبل التصويت على تلك المشاريع، مضيفاً أن الأخيرة "تعارض إلغاء الاتفاقات بسبب الأبعاد والعواقب الاستراتيجية".

وبحسب عواودة فإن طرح بن غفير المقترح "سيعطيه دفعة انتخابية في صفوف قاعدة اليمين"، مردفاً أن "مضامين المقترح تُنفذ على الأرض، وبطرق أخرى، من دون تبني ذلك رسمياً".

"بن غفير أراد الذهاب إلى الحلقة الأخيرة قبل تحقيق ذلك على الأرض وتخطى كل الحلقات"، قال عواودة.

ووفق عواودة فإن "إسرائيل تعمل على تقويض السلطة الفلسطينية حتى تنهار بصورة تدريجية وتصبح عاجزة عن تنفيذ مهماتها".

وقال الباحث في الشؤون الإسرائيلية عماد أبو عواد إن بن غفير يهدف إلى القضاء على السلطة الفلسطينية باعتبارها "آخر ما بقي من ’اتفاقيات أوسلو‘"، مضيفاً أن وجود السلطة "يمنح بعداً سياسياً للقضية الفلسطينية".

وأشار إلى أن إلغائها "يسهل من الناحية القانونية تطبيق مشروع الصهيونية الدينية وعلى رأسها تهجير الفلسطينين".

المزيد من تقارير