Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تفكيك خيام المهاجرين يثير التساؤل في تونس حول الترحيل القسري

توترات وشجارات مع السكان المحليين جعلت المخاوف من هذه الأزمة تتصاعد

يدبر المهاجرون غير الشرعيين أمورهم بالعيش في خيام إلى حين التمكن من الهجرة (أ ف ب)

ملخص

عاد الجدل في شأن هؤلاء إلى الواجهة إثر زيارة قامت بها النائبة البرلمانية فاطمة المسدّي إلى مدينة العامرة، إذ عدت أن "المهاجرين باتوا يشكلون دولة داخل الدولة".

ويكتنف الغموض أعداد المهاجرين غير النظاميين في تونس، لكن الانتقادات الحادة تجاه وضعهم تثير مخاوف متصاعدة في شأن الخطوات المقبلة التي ستتخذ بحقهم.

بدأت السلطات الأمنية في تونس تفكيك خيام للمهاجرين غير النظاميين في ولاية (مُحافظة) صفاقس جنوب البلاد، في خطوة تثير تكهنات واسعة النطاق في شأن ما سيأتي بعد ذلك في تعاطيها مع أزمة الهجرة.

وشرعت السلطات بتفكيك الخيام بالأساس في منطقة جبنيانة التي تشهد توتراً بين المهاجرين والسكان المحلّيين، مما جعل المخاوف من هذه الأزمة تتصاعد بشكل منقطع النظير، خصوصاً أن المزارعين هناك شكوا باستمرار من نصب هؤلاء المهاجرين، الذين يتحدرون من دول أفريقية، خيامهم في غابات الزياتين وغير ذلك.

وقبل نحو أسبوع، دعا النائب في البرلمان التونسي طارق المهدي، الجيش إلى التدخل من أجل "التصدي إلى احتلال غابات الزياتين وعمليات السطو المتكررة التي ينفذها المهاجرون في مدينتي جبنيانة والعامرة من ولاية صفاقس"، وفق قوله.

دولة داخل الدولة

ويسعى الآلاف من المهاجرين في تونس إلى العبور نحو السواحل الإيطالية، لكن قوات الحرس البحري والسلطات الأمنية تمنعانهم من ذلك. ويدبر هؤلاء أمورهم بالعيش في خيام إلى حين التمكن من الهجرة.

وعاد الجدل بقوة في شأن هؤلاء إلى الواجهة إثر زيارة قامت بها النائبة البرلمانية، فاطمة المسدي إلى مدينة العامرة، إذ عدت أن "المهاجرين باتوا يشكلون دولة داخل الدولة".

ويكتنف الغموض أعداد المهاجرين غير النظاميين في تونس، لكن الانتقادات الحادة تجاه وضعهم تثير مخاوف متصاعدة في شأن الخطوات المقبلة التي ستتخذ في شأنهم.

رد فعل على الضغوط

وتأتي هذه التطورات في وقت نجحت فيه السلطات التونسية في صد آلاف المهاجرين غير النظاميين الذين كانوا يسعون للعبور إلى الضفة الأخرى من المتوسط، مما جعلهم يتكدسون في البلاد.

ووقعت تونس اتفاقات مثيرة للجدل مع الاتحاد الأوروبي من أجل تشديد الرقابة على حدودها البحرية، ومنع وصول المهاجرين إلى الجزر الإيطالية وغيرها.

وعد النائب البرلماني السابق المتخصص في شؤون الهجرة مجدي الكرباعي، أن "هذا التطور خطوة جديدة ضمن سياسة تشديد إجراءات الهجرة في تونس لا سيما في ظل الضغوط الداخلية والخارجية المتعلقة بزيادة أعداد المهاجرين غير النظاميين، وهناك رد فعل على الضغوط الأوروبية، لأن تونس كدولة عبور رئيسة للمهاجرين المتجهين نحو أوروبا أصبحت تحت ضغط من بروكسل لتعزيز مراقبة حدودها، وذلك بعد إبرام الاتفاقات الأخيرة مع الجانب الأوروبي".

وأضاف الكرباعي في حديث إلى "اندبندنت عربية" أن "مبررات هذه الإجراءات من قبل السلطات في تونس أنها مهمة من أجل حفظ الأمن والنظام العام، خصوصاً في ظل ما نراه على وسائل التواصل الاجتماعي من توترات بين المهاجرين والسكان المحليين".

وشدد على أنه "من المحتمل أن تمهد هذه الخطوة لعمليات ترحيل قسرية لهؤلاء المهاجرين نحو دولهم، لأن فيها ترضية للرأي العام المحلي، وتفكيك الخيام قد يكون خطوة بالفعل لتقليص حضور المهاجرين لا سيما في المناطق التي تضم زياتين مثل العامرة وجبنيانة".

وذكر الكرباعي أن "تونس لديها تعاون مع الاتحاد الأوروبي، وهي تسعى إلى تعاون مع دول أخرى سواء أفريقية أو غيرها حتى تتمكن من ترحيل هؤلاء المهاجرين".

وحذر المتحدث ذاته قائلاً "لا شك أن هناك انتهاكات لحقوق المهاجرين، وكثير من التقارير ذكرت ذلك وعمليات الترحيل القسري تؤدي بالفعل إلى انتهاكات، من بينها فصل بعض العائلات عن بعض أو ترحيل أشخاص إلى بلدانهم مما قد يجعلهم يواجهون أخطاراً جسيمة".

حلول أمنية

ونجحت السلطات التونسية في الأعوام الماضية بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة في إعادة آلاف المهاجرين إلى دولهم، لكن بشكل "طوعي".

ولم تعلن السلطات بعد عن توجه لترحيل هؤلاء سواء طوعياً أو قسرياً وهو ما يخلق جدلاً في شأن ذلك.

الباحث السياسي، بوبكر الصغير، قال إن "الهجرة ووجود عشرات آلاف الأفارقة من تونس أصبحت من قضايا الأمن القومي وصارت الشغل الشاغل للرأي العام التونسي، باعتبار أن هذا الانتشار أثار خشية التونسيين، خصوصاً أن هؤلاء المهاجرين أصبحوا موجودين في معظم الأحياء من دون أي تنظيم أو رقابة أو متابعة تُذكر".

وأوضح الصغير في تصريح خاص أن "هؤلاء المهاجرين تُركوا لحالهم في الساحات العامة، مما كانت له انعكاسات خطرة على أمن المواطنين أو ممتلكاتهم مثل الزياتين في مناطق مثل العامرة وسكرة وحتى في العاصمة، وأصبح هناك انطباع لدى الرأي العام حول خطورة هذه الظاهرة التي بدأت تتفشى وتؤثر سلباً في المواطنين".

وبين "ما أؤكده أن السلطات تعاملت إلى حد اليوم بحلول نسبياً أمنية مع هذه المشكلة، لكنها لم تطرح بعد معالم سياستها التي ستنتهجها تجاه هؤلاء المهاجرين... هل ستقيم مخيمات لهم بتمويلات أوروبية كما أعلن من قبل، أم سيرحّلون إلى بلدانهم الأصلية، أم سيعودون من حيث أتوا؟".

ويعتقد المتحدث أن هذه القضية من "قضايا الأمن القومي التي تؤرق التونسيين، خصوصاً بعد حدوث بعض الاعتداءات والجرائم التي قادت إلى شجارات بين السكان وهؤلاء المهاجرين".

حماية أوروبا فقط

وتونس شأنها شأن سائر الدول المغاربية تشعر بقلق متزايد تجاه ملف الهجرة غير النظامية، لا سيما بعدما قاد الاتحاد الأوروبي مباحثات أدت إلى إبرام اتفاقات تقضي بتأمين حدود القارة العجوز من المهاجرين.

وتُطالب كثير من المنظمات والأوساط السياسية في تونس بمراجعة الاتفاقات التي أبرمتها السلطات مع التكتل الأوروبي، الذي يطمح إلى التقليص قدر الإمكان من أمواج المهاجرين، وقد نجح بصورة كبيرة في ذلك، إذ انخفضت أعداد هؤلاء بشكل لافت، بحسب تصريحات رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني.

وقال الصغيّر إن "هناك مبادرات أوروبية لكنها في اتجاه واحد وهو حماية أوروبا نفسها فقط من موجات الهجرة، من دون الأخذ في الاعتبار مصير المهاجرين إذا بقوا في تونس، لذا هذا يؤثر بشكل خطر في وضع هؤلاء في تونس".

المزيد من متابعات