ملخص
تدعو إيكونومست القارة الأوروبية إلى إعداد العدة لمواجهة ترمب في مختلف القطاعات التجارية والعسكرية والاقتصادية
نبهت "إيكونومست" إلى أن حلفاء الولايات المتحدة التقليديين يواجهون ضغوطاً غير مسبوقة من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب التي تتبنى نهجاً يقوم على ممارسة الضغوط على الشركاء والسعي إلى إبرام صفقات مع الخصوم. وأوضحت المجلة أن إدارة ترمب جمدت في الثالث من مارس (آذار) الجاري المساعدات المخصصة لأوكرانيا قبل أن تعيد العمل بها بعد موافقة كييف على هدنة موقتة. وأضافت: "يبقى التساؤل: إلى أي مدى ستضغط واشنطن على فلاديمير بوتين للموافقة على هذه الهدنة؟". كذلك لفتت المجلة إلى أن "ترمب فرض رسوماً جمركية جديدة على كندا، مما دفع رئيس وزرائها الجديد مارك كارني إلى التحذير من أن أميركا التي باتت مفترسة ’تريد مياهنا وأرضنا وبلادنا‘".
وأكدت "إيكونومست" في مقالة غير موقعة أن "الحلفاء حول العالم يخشون من أن سياسة ’أميركا أولاً‘ باتت تعني أنهم يحلون في المرتبة الثانية أو حتى الأخيرة"، مشيرة إلى أن ترمب بدأ يشكك في جدوى معاهدة الدفاع الأميركية-اليابانية التي وقعها الرئيس دوايت أيزنهاور عام 1960. ورأت المجلة أن "ترمب ومؤيديه يعتقدون بأن تحركاته تعزز القوة الأميركية، إذ إنها تكسر الجمود وتعيد تشكيل العلاقات مع الحلفاء المتخاذلين"، إلا أنها تحذر من أن ذلك يأتي في مقابل ثمن باهظ: "تثير حرب ترمب التجارية ذعر الأسواق المالية"، بينما يواجه الحلفاء أزمة ثقة غير مسبوقة، إذ إن "هناك تساؤلات متزايدة حول ما إذا كان ترمب، أو رئيس مستقبلي مثل جي دي فانس، سيقف إلى جانب الحلفاء إذا وقع الأسوأ [أزمة أمنية]".
وأوضحت المجلة أن "هذا الانهيار في الثقة يعكس إدراكاً متزايداً بأن الضغط على الحلفاء أو التنمر عليهم هو نتيجة حتمية لأجندة ترمب الخالية من أي قيم وفق عقيدة ’جعل أميركا عظيمة مجدداً‘"، مشيرة إلى أن واشنطن باتت تفرض ضغطاً أكبر على شركائها مقارنة بخصومها مثل روسيا والصين. وأردفت: "كثيراً ما اعتمدت كندا وأوروبا وأجزاء من آسيا على ’أدوات القوة العظمى‘ – اتفاقات الدفاع واتفاقات التجارة والأسلحة النووية والنظام المصرفي المستند إلى الدولار – لأنها مفيدة للطرفين. لكن ترمب بات يرى هذه العلاقات عبئاً".
وبحسب المجلة"، تتفاقم السياسة الحمائية الأميركية التي تضغط على الشركات الأجنبية لكي تنقل استثماراتها إلى الولايات المتحدة. وأضافت: "يتداول بعض مستشاري البيت الأبيض أفكاراً حول فرض رسوم جمركية تعوض عن اختلالات الميزان التجاري، بينما يجري الحديث في وول ستريت عن مقترحات لخفض قيمة الدولار".
أما في أوروبا، فثمة مخاوف من أن واشنطن قد تنسحب من حلف شمال الأطلسي أو تعطل المقاتلات المتطورة التي باعتها إلى دول أوروبية أو ترفض صيانة الترسانة النووية البريطانية، بينما تتساءل الدول الآسيوية عما إذا كان ترمب سيتخلى عن حلفائه في المنطقة، وفق المجلة التي حذرت من أن "التنازلات التي قد يقدمها ترمب في المفاوضات مع الصين أو كوريا الشمالية قد تجعل تايوان أكثر عرضة للخطر".
ورأت "إيكونومست" أن على الحلفاء مواجهة هذا الواقع بدلاً من إنكاره، مشددة على أن "سياسة تقديم التنازلات قد تؤدي إلى مزيد من المطالب الأميركية"، وبنما خير شاهد. واقترحت المجلة أن تبدأ الدول الحليفة ببناء قوة ردع اقتصادية ضد الولايات المتحدة عبر تقليل التعاون في العقوبات العابرة للحدود واستغلال نفوذها في سلاسل الإمداد العالمية.
وأضافت أن "هناك خيارات أخرى مثل فرض قيود على صادرات بعض الموارد الحيوية للولايات المتحدة، لا سيما في قطاعي التكنولوجيا والطاقة"، مشيرة إلى أن "هناك شركات رئيسة في إنتاج أشباه الموصلات، مثل ’طوكيو إلكترون‘ في اليابان و’أي أس أم أل‘ في أوروبا، تعتمد على منتجاتها شركات التكنولوجيا الأميركية".
وفي المجال العسكري، رأت المجلة أن "على أوروبا تطوير دفاعاتها الذاتية وتعزيز قدراتها النووية، وربما التفكير في إنشاء مظلة نووية أوروبية تشمل فرنسا وربما بريطانيا". كذلك لفتت إلى أن "كوريا الجنوبية واليابان قد تضطران إلى الاقتراب أكثر من عتبة التسلح النووي لردع الصين وكوريا الشمالية".
وختمت "إيكونومست" تقريرها بدعوة "الحلفاء إلى تعزيز تعاونهم العسكري والاقتصادي"، مشيرة إلى أن "أوروبا تحتاج إلى خطة لتولي قيادة حلف شمال الأطلسي والانضمام إلى ’اتفاق الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ‘ وتعزيز التعاون مع اليابان وكوريا الجنوبية". وأضافت: "يجب على الحلفاء أن يستعدوا لاحتمال عودة أميركا لموقعها التقليدي مع رئيس جديد عام 2029، لكن بحلول ذلك الوقت، من المحتمل أن يكون النظام العالمي تغير على نحو جذري. وربما يكون الانتشار النووي انطلق وازدادت قوة الصين وتضررت قوة أميركا ومصداقيتها بشدة. أما بالنسبة إلى حلفائها، فلا جدوى من التذمر: عليهم أن يتحلوا بالحزم ويبدأوا العمل".