Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تبدو تركيبة الجيش السوري الجديد بعد دمج الفصائل؟

المشهد العسكري في جنوب البلاد معقد حيث لا تتبع القوى المسيطرة لوزارة الدفاع الحديثة

لاقى الاتفاق بين الرئيس السوري وقائد "قوات سوريا الديمقراطية" ترحيباً واسعاً (إعلام الرئاسة السورية)

ملخص

محاولات دمج الفصائل مستمرة من قبل الإدارة الانتقالية في دمشق، فالمشهد يبدو معقداً على رغم إبداء معظم قادة هذه الفصائل استعدادهم للانضمام إلى وزارة الدفاع ليصبحوا جزءاً من جيش سوريا الجديد.

بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على سقوط حكم بشار الأسد وانهيار جيشه، يمثل تشكيل جيش جديد تحت قيادة وإدارة وزارة الدفاع الجديدة أحد أكبر التحديدات التي تواجهها القيادة الحالية، فحال الفصائل لا تزال تهيمن على المشهد العسكري على رغم اجتماع عدد غير قليل من قادتها في ما عرف بـ "مؤتمر النصر" الذي منح الشرعية العسكرية والثورية للرئيس أحمد الشرع لتولي قيادة المرحلة الانتقالية، عبر إطلاق حوار وطني وإعلان دستوري وحكومة انتقالية تقود المرحلة.

ويبدو المشهد معقداً على رغم إبداء معظم قادة هذه الفصائل استعدادهم الانضمام إلى وزارة الدفاع ليصبحوا جزءاً من جيش البلاد، لكن معظم هذه الفصائل لا تزال تحتفظ بأسمائها وتبعيتها التنظيمية السابقة وكذلك سلاحها، سواء تلك المنضوية تحت الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا أو الفصائل في الجنوب السوري أو في التنف، في حين أن "هيئة تحرير الشام" والفصائل التي تحالفت معها في إدارة العمليات المشتركة، ولا سيما تلك التي أسقطت نظام بشار الأسد أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تدير المشهد العسكري الرسمي من خلال وزارة الدفاع التي تسلم مسؤوليتها القيادي العسكري في "هيئة تحرير الشام" مرهف أبو قصرة، وفي أواخر ديسمبر الماضي جرى ترقية نحو 49 من قادات وعناصر الفصائل المسلحة وتسميتهم ضباطاً رفيعين، ومنحهم رتب اللواء والعميد والعقيد في الجيش السوري المزمع تشكيله، وشملت الترقيات عناصر من "تحرير الشام" والفصال المتحالف معها وكذلك من الجيش الوطني الموالي لتركيا، في حين أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن من بين الأسماء الـ 49 الواردة في المرسوم "ستة متطرفين أجانب"، بينهم ألباني وأردني وطاجيكي وآخر من الإيغور ينتمي إلى "الحزب الإسلامي التركستاني"، وتركي كان "قائد لواء" في الهيئة.

 

المنطقة الرخوة

وفي الجنوب السوري يبدو الوضع العسكري الداخلي مقلقاً جداً لدمشق، ولا سيما بعد دخول غرفة عمليات الجنوب وفصيله الأبرز "اللواء الثامن" بقيادة أحمد العودة دمشق والسيطرة على العاصمة ومؤسساتها في الثامن من ديسمبر الماضي، على رغم وجود الشرع وعناصره في حمص وقتها.

وعلى رغم حضور نائب العودة "مؤتمر النصر" وعقد اجتماعات عدة بين الطرفين، أبرزها لقاء الشرع والعودة، لكن الفصيل لم يسلم سلاحه خصوصاً وأنه يملك ترسانة كبيرة من السلاح الثقيل، لأنه بحسب معلومات متداولة يطالب بضمانات تمنح فصيله امتيازات خاصة واستقلالية عسكرية ضمن وزارة الدفاع.

وكان الفصيل تشكل جراء مفاوضات المسلحين مع روسيا ونظام الأسد كجزء من "الفيلق الخامس" المدعوم روسياً، إذ لا يزال العودة يحظى بهذا الدعم إضافة إلى علاقات مع الأردن ودول إقليمية، وفق مصادر سورية.

وعلى حدود مناطق سيطرة فصيل العودة يوجد الدروز في محافظة السويداء جنوباً وتسيطر على مناطقهم فصائل مسلحة محلية عدة أبرزها "المجلس العسكري للسويداء" و"لواء الجبل" وغيرها من فصائل تشكلت خلال أعوام الحرب، ومع سقوط النظام وتشكيل وزارة الدفاع الجديدة لم تنضم هذه الفصائل إلى الجيش السوري على رغم لقاءات عدة عقدت بين الطرفين، ومحاولة دخول وزارة الداخلية وقوى الأمن العام للمحافظة، لكنها غير مقبولة من قبل الدروز ولا سيما أن تحفظات وخلافات سياسية تعلن تجاه دمشق بين فترة وأخرى من قبل زعامات دينية، وهي صاحبة القول الفصل في شؤون الطائفة وبخاصة الشيخ حكمت الهجري الذي رفض أخيراً "الإعلان الدستوري" مطالباً بدولة مدنية تحفظ حقوقهم، وكذلك سجلت مآخذ وانتقادات من قبلهم تجاه الحكم الجديد بخصوص مؤتمر الحوار، مما يزيد تعقيد انضمام الفصائل الدرزية إلى الجيش السوري.

ويتزامن ذلك مع حوادث متفرقة عدة، فقد نشبت اشتباكات بين القوات التابعة لدمشق ومسلحين دروز في ضاحية جرمانية الدرزية المتاخمة لدمشق وأدت إلى إصابات بين الطرفين، لكن الحادثة طوقت سريعاً مع تدخل مسلحين دروز مقربين من دمشق على خط الوساطة لتنتهي بتسلم قوى الأمن العام، في حين أن سلاح الفصيل المسلح لا يزال في يد عناصره، ويعتبر إحدى أسباب المناكفة بين الدروز وحكومة الشرع، إضافة إلى تصريحات إسرائيلية بضرورة حماية الدروز في سوريا والتحذير من الاعتداء عليهم.

 

الملف الأثقل

ملف الفصائل العسكرية في سوريا من أكثر الملفات الشائكة حالياً وبخاصة ملف اندماج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الذي يعتبر من أعقد وأثقل القضايا، لما تحمله من خلافات بينها وبين قوات دمشق إضافة إلى صراعها المستمر مع الفصائل الموالية لتركيا، والتي انضمت جميعها إلى وزارة الدفاع في حكومة الشرع، في حين أنها لا تزال جزءاً من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا وتتلقى منها الدعم والرواتب، كما أن هذه الفصائل تقاتل منذ أواخر ديسمبر "قسد" في منطقة سد تشرين وجسر قره قوزاق في ريف كوباني الجنوبي، إضافة إلى مناوشات مستمرة بين الطرفين في مناطق نبع السلام أيضاً.

وبخلاف غيرها من الكيانات العسكرية في سوريا فإن مهمة "قسد" تتركز على مكافحة الإرهاب وحماية السجون التي تؤوي عناصر تنظيم "داعش" والبالغ عددهم نحو 10 آلاف، بينهم 2000 مقاتل أجنبي موزعين داخل 26 مركزاً للاحتجاز، وإضافة إلى مخيمي الهول وروج فإن التحدي الأكبر يكمن في الهجمات الجوية التي تتلقاها من تركيا، ومواجهة الفصائل التي تتزعم غالبيتها عناصر قيادات تركمانية، وأصبحت جزءاً من وزارة الدفاع التابعة لدمشق، وهي تقاتل "قسد" الذي يضع بند التزام الشرع بوقف إطلاق النار على المحك.

وعقب توقيع الاتفاق بين الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي الذي أنعش آمال الأكراد ومكونات أخرى ولاقى ترحيباً سورياً وعربياً ودولياً، إلا أن "الإعلان الدستوري" الذي صادق عليه الشرع بعد ثلاثة أيام من اتفاقه مع عبدي تجاهل إدراج حقوق الأكراد أو شكل الدولة اللامركزية كما يطمحون، إضافة إلى بنود أخرى أثارت حفيظة الأكراد الذين خرجوا بمواقف رافضة لـ "الإعلان الدستوري"، إضافة إلى السُريان الذين رفضوا الخطوة الحكومية للأسباب ذاتها، مما قد يلقي بظلاله على الاتفاق الذي ينص على دمج القوات العسكرية ويسهل الطريق أمام بقية المؤسسات.

ويقول الباحث من "مركز الفرات للدراسات" في القامشلي وليد جولي إن الكرد وباقي المكونات المنتشرة شمال شرقي سوريا سيكون لهم موقف حازم ضد هذه الفصائل التي ارتكبت انتهاكات ومجازر ضد السكان المدنيين في الساحل، يقضي بالإصرار على تسليمهم دمشق وإلقاء السلاح أو الدمج على شكل أفراد، "فما حصل في الساحل السوري كشف الأقنعة بصورة واضحة وأفقد الثقة في الإدارة الجديدة، ومن حق أي مكون سوري أو جماعة سياسية أن ترفض تسليم أمرها لهؤلاء"، على حد قول جولي.

أما بالنسبة إلى جيش "سوريا الحرة" المعدّ والمدرب أميركياً والذي يسيطر على قاعدة التنف وصولاً إلى تدمر، فقد شارك قائد الفصيل في "مؤتمر النصر" وأصبح جزءاً من وزارة الدفاع، لكن جميع تحركاته على الأرض تجري بالتنسيق مع التحالف الدولي والقوات الأميركية، إذ يعتبر الفصيل الوحيد في وزارة الدفاع والعامل مع الجيش الأميركي في إطار مكافحة الإرهاب رسمياً.

  الجيش الجديد

في بدايات يناير (كانون الثاني) الماضي قال وزير الدفاع مرهف أحمد أبو قصرة إنه من بين توجهات القيادة العامة إعادة هيكلة القوات المسلحة وتنظيم الجيش العربي السوري، مضيفاً "بدأنا جلسات مع الفصائل العسكرية من أجل وضع خطوات انضمامهم لوزارة الدفاع، إذ تهدف الجلسات إلى وضع خريطة طريق لتحقيق الاستقرار في البنية التنظيمية للقوات المسلحة"، ولا تزال تلك المشاورات والاجتماعات جارية على رغم مرور 100 يوم، لكن هيكلية الجيش السوري الحكومي لا تزال ضبابية جراء معوقات كبيرة تعترض سبيل نجاحها، في وقت لم تكتمل بعد شروط نجاح تشكيل الجيش وتزويده بما يلزم من عتاد وذخيرة ومال، ولا سيما وأن سلاح الجو الإسرائيلي قصف عشرات المطارات والمستودعات العسكرية التابعة للنظام السابق، ودمر نحو 80 في المئة من ترسانة السلاح، إضافة إلى عمليات خاصة ضد مخازن الأسلحة الكيماوية مما أدى إلى تعرية البلاد من السلاح، وغداة سقوط الأسد وعقب تنفيذ إسرائيل عدداً كبيراً من الهجمات على مواقع لتخزين الأسلحة التابعة لجيش الأسد، قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إنه "جرى استهداف مواقع أسلحة كيماوية وصواريخ طويلة المدى في سوريا من أجل منع وقوعها في أيدي أطراف عدائية".

المزيد من تقارير