Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حلوى رمضان الجزائرية... شهد التاريخ وناره

بعضهم ينسبها إلى المورسكيين الفارين من الأندلس وآخرون إلى العثمانيين إبان الحروب الصليبية وفريق ثالث يؤكد وطنيتها

يرتبط الجزائري بالقطايف والمحنشة وقلب اللوز ارتباطاً وثيقاً في رمضان (اندبندنت عربية)

ملخص

لا تخلو طاولة السهرة من هذه الحلويات التي يكثر عليها الإقبال وتشهد محالها طوابير تبلغ ذروتها قبيل الإفطار وبعده، بعد أن كان إعدادها يجري في المنازل من طرف النسوة اللاتي يزين المائدة بالقهوة والشاي والأنواع المطلوبة من الحلويات "المعسلة" استعداداً لعودة الرجال من المساجد.

يعتبر حضور بعض الحلويات على موائد الجزائريين في رمضان أمراً أكثر من ضروري، بل مقدس لدى فئات واسعة من العائلات لا سيما في المدن الكبرى، مما يطرح تساؤلات عدة حول أسباب هذا الاهتمام اللافت، لكن تجاهل هذه الحلويات بعد إسدال شهر رمضان ستاره هو أكثر ما يثير الاستفهام.

يرتبط الجزائري بالقطايف والمحنشة وقلب اللوز ارتباطاً وثيقاً في رمضان، إذ لا تخلو طاولة السهرة من هذه الحلويات التي يكثر عليها الإقبال وتشهد محالها طوابير تبلغ ذروتها قبيل الإفطار وبعده، بعد أن كان إعدادها يتم في المنازل من طرف النسوة اللاتي يزين المائدة بالقهوة والشاي والأنواع المطلوبة من الحلويات "المعسلة" استعداداً لعودة الرجال من المساجد.

التعالي بالحلوى

يقول كمال، وهو صاحب محل لبيع الحلويات التقليدية بالجزائر العاصمة لـ"اندبندنت عربية"، إن الحركة التجارية التي يعرفها نشاط بيع الحلويات تقتصر على شهر رمضان فقط، إذ تشهد بقية أيام السنة استقراراً في الإقبال الذي يعتبر من متوسط إلى ضعيف، مشيراً إلى أن "بعض الأنواع لها قدسية لدى العائلات مثل المحنشة وقلب اللوز والقطايف، وتعرف إقبالاً كبيراً لدرجة أنه في بعض المرات لا نتمكن من تلبية طلبات الزبائن".

 

ويضيف كمال، أن الاهتمام المتزايد بأنواع دون غيرها يرجع لما يتم تداوله بخصوص أصول هذه الحلويات، إذ يربطها كثيرون بسقوط الأندلس والحضور العثماني، وبعض العائلات تحسب أنها من السكان الأصليين للمنطقة افتخاراً بأنفسهم وانتقاصاً من الآخرين، أو أن أصولهم مرتبطة بالمسلمين الفارين من إسبانيا أمام بطش المسيحيين، أو بالعثمانيين الذين حضروا في الجزائر، بالتالي هم يرون أنفسهم أولى بهذه الأنواع من الحلويات.

ويشير إلى أن هناك من يحاول التقليد من خلال الإقبال على القطايف والمحنشة وقلب اللوز، إذ يسعى إلى أن يظهر في مظهر ابن المدينة الأصلي، في محاولة لصناعة الفارق بينه وبين القادمين من الريف.

ويختم بأن "هذه الحلويات لذيذة، لكن يبدو أن لذتها ستزول أمام الذهنيات التي تسيطر على العقول وتحاول التأسيس للتفرقة والتمييز والعنصرية والجهوية".

قلب اللوز

تتصدر حلويات أو تحلية قلب اللوز القائمة الرمضانية على جميع المستويات، طلباً وذوقاً وإقبالاً، على رغم أن المكونات التي تدخل في تحضيره ليست راقية أو غالية الثمن، بل تتكون من الدقيق الخشن والزيت والماء والملح، التي يجري خلطها بصورة تجعل منها عجينة متماسكة نسبياً، ثم توضع في صفيحة حديدية مسطحة منها الدائرية والمستطيلة والمربعة بأحجام مختلفة صغيرة وكبيرة، وتترك بعض الساعات حتى تأخذ تماسكها أكثر، ثم يجري تقطيعها مستطيلات صغيرة مزينة بحبات اللون، قبل أن تدخل الفرن وتأخذ لون الاحمرار الذي يكشف عن إتمام الطهي. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل يصب عليها كميات من العسل سواء الطبيعي أو الاصطناعي بعد إخراجها من الفرن، تم تترك لتبرد وتقدم قطعاً مستطيلة.

اقرأ المزيد

ولا يزال الصراع متواصلاً حول أصل قلب اللوز، بين من يرجعها إلى الأندلسيين الفارين من إسبانيا، بما يعني أنها تحلية قطعت البحر المتوسط في القرن الـ16 مع سقوط غرناطة نحو الجزائر، وطرف ينسبها إلى العثمانيين الذين قدموا إلى الجزائر لمواجهة الحملات الصليبية. وهناك رواية ثالثة تشدد على أن أصلها شامي، ففي عام 1920 وبعد رحلة نحو البقاع المقدسة مر الجزائري لونيس واسع من منطقة أزفون بمحافظة تيزي وزو، على الشام التي مكث فيها ستة أشهر تعلم خلالها صناعة الحلويات الشرقية ومنها الشامية، لينطلق في تحضير قلب اللوز لدى عودته للجزائر.

وبين الأندلسية والعثمانية والشامية، تظهر رواية تفند كل تلك الأساطير، بل تنتشر بصورة قوية لدى الأوساط الجزائرية، وهي التي تتحدث عن جزائرية قلب اللوز، إذ تشير إلى أن هذه الحلوى لا توجد إلا في الجزائر، وأن أول من حضرها هو المدعو علي التركي، وبالضبط في العاصمة الجزائر.

تهافت وتقديس

أما المحنشة التي تستمد اسمها من شكلها الذي يشبه الثعبان أو الحنش الملتف حول نفسه، فهي من الحلويات التي يمتد عمرها إلى مئات السنين، إذ جرى ذكرها في عديد من الكتب العربية والموسوعات الفرنسية مثل "هاشيت" عام 1850، و"لافريك غورموند" عام 1922، غير أن المختصين اختلفوا حول أصولها بين عثمانية وشامية.

ولا يختلف الإقبال على حلويات القطايف عن قلب اللوز، بسبب اللذة التي تجعل كل من يتذوقها يريد المزيد، وعلى رغم اختلاف الروايات حول تسميتها فإن الرائج هو تقاطف الضيوف عليها ما منحها هذا الاسم، ويبقى تضارب أصولها متواصلاً بين من يرجعها إلى العصر العباسي، أو إلى الفترة الفاطمية، أو الخلافة الأموية، إذ تروي الأساطير أن أول من تناول القطايف هو الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك، وكان ذلك في رمضان.

 

أمام التهافت على الحلويات في رمضان، اقتربت "اندبندنت عربية" من بعض المحال المعروفة بهذا النوع من النشاط، إذ أوضح سمير الذي وجدناه أمام محل لبيع قلب اللوز بحي "المدنية" بالعاصمة، أنه وعائلته لا يمكنهم الاستغناء عن قطع قلب اللوز، وأن مائدة السهرة لا تخلو من هذه الحلويات بصورة خاصة، مشيراً إلى أن هناك أنواعاً كثيرة، لكن يبقى حضور قلب اللوز أمراً مقدساً، فيدمن على هذا النوع من الحلويات خلال الشهر، وكذلك أبناؤه وزوجته.

أما رابح فيؤكد أن هناك تقاليد لا يمكن الاستغناء عنها خلال شهر رمضان، لعل أهمها حضور بعض أنواع الحلويات على المائدة، موضحاً أنه يوجد أمام هذا المحل لمدة 29 يوماً من رمضان من أجل الفوز بقطع قلب اللوز والقطايف، فهي ضرورية للتحلية، ولا يتخيل رمضان من دون تلك الحلويات اللذيذة التي يستمتع بها الصائمون بعد إفطارهم.

ثمة أنواع عدة من الحلويات التقليدية الجزائرية تأبى الانقراض، أهمها المقروط وقلب اللوز والبقلاوة والصامصة والدزيريات والفانيد والعرايش والقنيدلات والمخبز والمشورة ورزمة لعروسة والسلسلات والكعيكعات مسكرين وشراك العريان وشراك الملبس والسكندرانية وغيرها.

المزيد من منوعات