Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المغرب يعزز وجوده العسكري التقني عند الحدود مع إسبانيا

تتلخص مهامهم في "التشويش على أنظمة الدول المعادية في مجالات الاتصالات والرادارات"

تطوير منظومة البنية العسكرية الإلكترونية هو جزء من استراتيجية مغربية لتسريع الولوج إلى أدوات حروب الجيل الخامس (أ ف ب)

ملخص

"امتلاك قدرات حرب إلكترونية متقدمة يضعف قدرة أي طرف معاد على شن عمليات استخباراتية أو عسكرية ضد المغرب، ويعزز من موقعه التفاوضي في أية معادلة إقليمية مستقبلية، وبخاصة في ظل التوترات المستمرة داخل منطقة المتوسط"

يعتزم المغرب نشر كتائب برية متخصصة في أنظمة الحرب الإلكترونية داخل مناطق قريبة من مدن سبتة ومليلية والحسيمة في أقصى شمال المغرب، وفق ما نشرته أخيراً صحيفة "لاراثون" الإسبانية استناداً إلى مصادر وصفتها بالمطلعة.

وتتلخص مهام هذه "الكتائب" المغربية المجهزة من قبل الجيش بتكنولوجيات رقمية حديثة، في شن "حرب إلكترونية" بغية التشويش على الأنظمة الإلكترونية للدول المعادية في مجالات الاتصالات والرادارات.

كتائب إلكترونية

وكشف تقرير حديث نشرته صحيفة "لاراثون" الإسبانية نقلاً عن "مصادر مطلعة"، أن المغرب يستعد لإنشاء كتائب برية متخصصة في "الحرب الإلكترونية" داخل مناطق قريبة من مدينتي سبتة ومليلية الواقعتين شمال المملكة، والخاضعتين للسيادة الإسبانية.

وأورد المصدر ذاته أن نشر كتائب متخصصة ضمن أنظمة الحرب الإلكترونية يدعم القدرات الدفاعية للجيش المغربي في "الحروب الحديثة"، التي باتت المملكة تهتم بتعزيز مواردها واستثماراتها فيها.

وتبعاً للصحيفة الإسبانية عينها، "سيتيح نشر هذه الكتائب المتخصصة في الأنظمة التكنولوجية للقوات المسلحة المغربية تحييد القدرات الهجومية لأية دولة معادية في ساحة المعركة، وتعزيز موقع الجيش المغربي في مجال الحرب الإلكترونية، بما يضمن مستويات عالية من الأمن القومي".

يُذكر أن الجيش المغربي أجرى الصيف الماضي تدريبات عسكرية مشتركة مع القوات الأميركية في توظيف أنظمة الحرب الإلكترونية الجديدة في نواحي مدينة أغادير، بمناسبة تنظيم مناورات "الرعد الغامض".

وأفاد موقع "Breaking Defense" الأميركي، وقتها، بأن أفراد الجيشين المغربي والأميركي تمرنوا خلال "الرعد الغامض" على ثلاثة أصناف من الطائرات المسيرة وبالونات طائرة متطورة تكنولوجياً، وتدربوا على البحث عن أجهزة اتصالات العدو وراداراته من أجل تحديد مكانها وتحييدها وتعطيلها.

حروب الجيل الخامس

يقول في هذا السياق المتخصص في السياسات الأمنية إحسان الحافظي، إن تطوير منظومة البنية العسكرية الإلكترونية جزء من استراتيجية مغربية لتسريع الولوج إلى أدوات حروب الجيل الخامس، وفق منظور دفاعي يقوم على تجهيز المؤسسة العسكرية بالتكنولوجيا الحديثة.

وأفاد الحافظي بأن "الخطة المغربية تعتمد على مشروع دفاعي وقائي من خلال تعزيز الترسانة العسكرية بنظام خاص بالتشويش، قادر على تعطيل القدرات الهجومية للعدو من جهة والإجهاز على أنظمته الدفاعية".

وأكمل المتحدث ذاته أنه "عادة ما تستخدم أنظمة الحرب الإلكترونية في النقاط الحدودية للدول، وهو نموذج للسلاح غير الحركي الذي يهدف إلى التشفير والرصد والتشويش على الأنظمة العسكرية المعادية".

وزاد الحافظي قائلاً إن "هذا الأمر يتطلب أيضاً تدريب وحدات خاصة بهذه الأنظمة الإلكترونية، وتوسيع دائرة الدعامات الدفاعية المستخدمة في هذه النوعية من الحروب الجديدة".

طموح عسكري

من جهته، يقول المتخصص في مجال العلوم السياسية محمد بن طلحة الدكالي إن "المغرب يعتمد استراتيجية تهدف إلى تعزيز مكانته، باعتباره قوة عسكرية إقليمية مواكبة للجيل الخامس من الحروب الحديثة في إطار عمل سيادي، بهدف دعم منظومته العسكرية بأحدث التقنيات، والتعامل مع التحديات السيبرانية التي أصبحت تفرض نفسها في حروب الجيل الخامس".

واستطرد الدكالي أن التطور السريع لتكنولوجيا المعلومات جعل مفهوم القوة العسكرية والنفوذ الدولي يعرف تغيراً كبيراً، نتيجة التغير في الأداء الاستراتيجي للدول الوازنة التي أصبحت تعتمد أكثر على الحروب الافتراضية السيبرانية، باعتبارها معيار التفوق وعنصراً فاعلاً وداعماً لنفوذ الدول".

اقرأ المزيد

ومضى المحلل عينه بالقول إنه من حق المغرب تطوير استراتيجيته العسكرية كي تتجاوب والنمط الجديد من الحروب في العصر الرقمي، الذي تواكبه حرب نفسية يلجأ إليها من أجل التضليل ونشر الإشاعة، بغية التأثير في الرأي العام".

وتابع بن طلحة "هذه معارك لا تدور رحاها على أرض المعركة، وإنما حرب صامتة من دون ضجيج تعتمد على الاستراتيجيات الإلكترونية"، وأكمل قائلاً "المغرب يطمح ليصبح رائداً إقليمياً في الصناعة العسكرية لتحقيق السيادة الدفاعية في ظل التحولات الجيوسياسية الإقليمية والدولية".

العقيدة العسكرية الحديثة

ومن زاوية تحليل أوسع يرى الباحث في الشأن الاستراتيجي والعسكري مولاي هشام معتضد، أن "قرار المغرب بنشر كتائب الحرب الإلكترونية قرب سبتة ومليلية يعكس استراتيجية متعددة الأبعاد تتداخل فيها الحسابات العسكرية والجيوسياسية والتكنولوجية"، مبرزاً أن "المغرب يعمل بصورة مكثفة على تحديث قدراته الدفاعية والهجومية، مما يندرج ضمن رؤية شاملة لتعزيز موقعه الإقليمي وتأمين مناطقه الاستراتيجية".

ومن زاوية عسكرية يشرح معتضد، يمكن عد هذا الانتشار جزءاً من تعزيز القدرات الدفاعية المغربية في مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة في المنطقة، فالحرب الإلكترونية أصبحت اليوم عنصراً أساساً في العقيدة العسكرية الحديثة، إذ تتيح القدرة على تعطيل الاتصالات والرادارات ومنظومات الدفاع الجوي لأي خصم محتمل، مما يمنح القوات المغربية تفوقاً نوعياً في أي سيناريو تصعيدي محتمل".

ويردف الباحث "على المستوى الجيوسياسي، يرتبط هذا التحرك بتعزيز السيادة المغربية على مناطقه الشمالية، وبخاصة في سياق العلاقة المعقدة مع إسبانيا، فعلى رغم التحسن النسبي في العلاقات الثنائية تظل هناك ملفات حساسة، على رأسها قضية مدينتي سبتة ومليلية اللتين يعدهما المغرب جزءاً من أراضيه، من ثم فإن تعزيز الوجود العسكري التقني في تلك المناطق يرسل رسالة واضحة حول جهوزية المغرب لحماية مصالحه الاستراتيجية".

وسجل معتضد أن "هذا الانتشار يأتي في سياق تحولات إقليمية ودولية، إذ يشهد العالم تزايداً في استخدام الحرب السيبرانية كأداة للضغط العسكري والسياسي"، من ثم فإن "امتلاك قدرات متقدمة في الحرب الإلكترونية يمنح المغرب ميزة تنافسية تمكنه من التعامل بفعالية مع التهديدات غير التقليدية، سواء من قبل دول أو فاعلين غير حكوميين".

البعد الأمني الداخلي

ولم يفت معتضد الإشارة إلى البعد الأمني الداخلي لهذا القرار، "فالمغرب يعمل على تأمين مناطقه الحدودية من أية محاولات اختراق أو عمليات تجسس إلكتروني قد تستهدف مؤسساته الحيوية"، شارحاً أنه نظراً إلى حساسية المنطقة القريبة من سبتة ومليلية التي تشهد تحركات أمنية مكثفة، فإن نشر هذه الكتائب يعزز قدرة الرباط على رصد ومنع أية أنشطة تهدد الأمن القومي".

وذهب الباحث عينه إلى أن "هذا التحرك يعكس دينامية التحديث المستمرة التي تنتهجها المؤسسة العسكرية المغربية، فالمغرب استثمر بصورة ملحوظة في تطوير منظومات دفاعية متقدمة، سواء عبر التعاون مع شركائه الدوليين أو من خلال بناء صناعة دفاعية وطنية متطورة، الشيء الذي يتجلى في هذا القرار".

واستطرد معتضد أنه "لا يمكن تجاهل البعد الردعي لهذا الانتشار، فامتلاك قدرات حرب إلكترونية متقدمة يضعف قدرة أي طرف معاد على شن عمليات استخباراتية أو عسكرية ضد المغرب، ويعزز من موقعه التفاوضي في أية معادلة إقليمية مستقبلية، وبخاصة في ظل التوترات المستمرة داخل منطقة المتوسط".

وخلص معتضد إلى أن "نشر هذه الكتائب ليس مجرد خطوة تقنية، بل جزء من استراتيجية بعيدة المدى تهدف إلى تعزيز النفوذ العسكري والتكنولوجي للمغرب، وضمان تفوقه في ساحة باتت تعتمد بصورة متزايدة على التكنولوجيا العسكرية المتقدمة".

المزيد من تقارير