Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

ملف المقاتلين الأجانب يقلق الغرب ويضع الإدارة السورية على المحك

30 في المئة من قوام القوة التي أسقطت دمشق من المهاجرين في صفوف المعارضة

ضغوط غربية على دمشق بسبب المقاتلين الأجانب ومطالب بكبح جماحهم (اندبندنت عربية)

ملخص

إلى أي دول ينتمي المقاتلون الأجانب داخل سوريا وأين يتوزعون وكم يبلغ تعدادهم؟

ضغوط محلية وإقليمية ودولية من شأنها وضع السلطات على محك الاختبار الجدي لمدى قدرتها على التعامل مع الملفات الشائكة.

تواجه الإدارة السورية الجديدة جملة ملفات حساسة يجب عليها حلها أو البت السريع بها، تحت وطأة ضغوط محلية وإقليمية ودولية من شأنها وضع السلطات على محك الاختبار الجدي لمدى قدرتها على التعامل مع الملفات الشائكة.

وعلى رأس تلك الملفات يطفو ملف المقاتلين الأجانب "المتطرفين"، وهؤلاء تبلغ نسبتهم نحو 30 في المئة من مجموع مقاتلي "هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقاً)، والتي سيطرت على زمام الحكم في سوريا بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد خلال ديسمبر (كانون الأول) 2024.

من كل أصقاع الأرض

تلك النسبة المئوية جاءت على لسان زعيم "النصرة" في حينها عام 2015 خلال لقاء تلفزيوني، إذ قال أحمد الشرع وقتذاك، الذي كان يعرف بـ"أبي محمد الجولاني"، إن من بين المهاجرين أوروبيون وقلة أميركية مع وفرة في الآسيويين وتواجد لشيشان وروس وعرب بالطبع، قائلاً "هؤلاء أناس مسلمون أحبوا أن يناصروا أهلهم والإسلام، ولا ينازعون أحداً في ملك أو شيء، وهم يتقدمون الصفوف الأولى ويقاتلون، وكل الساحة بكل فصائلها تشهد للمهاجرين في شجاعتهم وتقدمهم".

وإن كان يبدو موقف الجولاني حينها مفهوماً في سياق الأيديولوجية والاستقطاب ضمن حال ثورية فصائلية تخوض معارك على جبهات متعددة، إلا أن الوصول إلى الحكم وانتفاء حال الثورة كما عبر هو عنها والانتقال إلى مرحلة بناء الدولة بعقل المنطق لا الثأر، وضع أمامه ملف المتطرفين كحجرة عثرة في طريق إتمام مشروعه الذي "يبدو أنه يناور في زواياه عبر استمرار الاعتماد على الأجانب في أكثر من موقف وموقع"، بحسب متابعين للشأن السوري.

مما أوقعه تحت أنظار الغرب ومجهر المراقبة الدولية التي تحثه وتحاول البحث معه عن مخرج قد لا يكون يريده، وبخاصة مع حديثه السابق بعد انتصار الانتفاضة لوسائل الإعلام قائلاً إن "المقاتلين الأجانب كانوا ركيزة أساس في النصر، ويجب مكافأتهم لقاء ما بذلوه"، وعليه أجرى تعيينات وترفيعات لمقاتلين أجانب أثارت استغراب السوريين والقوى الدولية على حد سواء.

0 seconds of 1 minute, 35 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
01:35
01:35
 

 

ترفيعات لرتب عسكرية عليا

ومن بين تلك الإجراءات قام الرئيس الانتقالي أحمد الشرع خلال وقت مبكر من وصوله إلى الحكم بترفيع ضباط أجانب إلى مناصب عسكرية عليا، شملت رتب عقيد وعميد ولواء. وجاء من بين الذين نالوا رتباً عالية كل من كلمن عبدل بشاري (خطاب الألباني) وهو ألباني الجنسية ويقود منذ أعوام "جماعة الألبان"، وعمر محمد جفشتي (مختار التركي) والمصري علاء محمد عبدالباقي، وعبدالعزيز داوود خدابردي الذي يتحدر من القومية التركستانية. وكذلك مولان ترسون عبدالصمد وهو طاجيك الجنسية وعبدالرحمن حسين الخطيب الذي منح رتبة عميد وهو طبيب أردني الجنسية، فضلاً عن "ذو القرنين" زنور البصر عبدالحميد الملقب بعبدالله الداغستاني، وهو قائد "جيش المهاجرين والأنصار".

أجانب في القيادة

وفي ما بعد عهد إلى الطبيب الأردني ذي رتبة العميد عبدالرحمن الخطيب بقيادة فرقة الحرس الجمهوري السوري، وهي فرقة ضاربة في الجيش السوري، عدداً وعتاداً، وإليها تنسب مواجهات الحدود اللبنانية خلال الأسابيع الماضية. الخطيب طبيب تخرج في جامعة عمان واعتقل هناك بتهمة الانتماء لـ"التيار السلفي" قبل أن يغادر السجن ويتجه إلى سوريا ملتحقاً بصفوف "جبهة النصرة" عام 2013، بحسب مصادر مطلعة.

أما مختار التركي (جفشتي) فقد أسندت إليه مهمة قيادة فرقة دمشق أو ما يعرف بـ"حامية دمشق" وهي فرقة عسكرية حساسة أيضاً. وجفشتي وعلى رغم أنه مطلوب من الجانب التركي فإنه تولى دور الوسيط في ملفات عدة بين الهيئة والأتراك خلال أعوام الحرب السورية، إضافة لتولي 50 شخصية أخرى مهام ومسؤوليات أقل في غرفة العمليات العسكرية.

نقطة التحول: لا شيك على بياض

تلك التعيينات والترفيعات أثارت قلق الغرب والدول المحيطة، لا سيما أن مجازر الساحل التي وقعت بين السادس والـ10 من مارس (آذار) الجاري أعادت فتح العيون على ملف الأجانب إثر ثبوت ضلوعهم مع فرق محلية غير منضبطة، بالوقوف خلف المجزرة التي خلفت 2000 قتيل من الأقلية "العلوية"، بحسب ما أحصاه المعارض الحقوقي البارز هيثم المناع، وهو ما استدعى انعقاد جلستين لمجلس الأمن، رافقتهما مواقف أميركية وأوروبية حازمة ورسائل صارمة، ولقاءات سرية مع وزير الخارجية السوري أسعد شيباني من طرف مسؤولين أوروبيين.

ونقلت وكالة "رويترز" عن تلك الاجتماعات قولاً مفاده "بألا شيكَ على بياض لسلطة دمشق"، وأن على الشرع بحسب طلبات الغرب كبح جماح المتطرفين، وأن الدعم الدولي للإدارة الجديدة قد يتبخر ما لم توقف تمدد المتطرفين، بحسب ما رشح عن لقاء ثلاثة مبعوثين أوروبيين قابلوا وزير خارجية تسيير الأعمال في الحكومة السورية.

وأوضح المسؤولون أن قيادات الغرب تراقب من كثب سلوك سلطة دمشق، للتأكد من أنهم سيكبحون الجماعات المتطرفة الذين قتلوا مئات العلويين. وطالب مسؤولون إقليميون ومبعوثون أوروبيون بتطهير قوى الأمن، ومنع عودة "داعش" أو "النصرة". تقرير "رويترز" جاء مطولاً ومحملاً برسائل وتحليلات وتحذيرات من كل الاتجاهات وفقاً للرؤى الدولية، وهو ما عاد ليضع حكم الرئيس الانتقالي على حافة المواجهة وتحت كمية ضغط يصعب التنصل منها ومواجهتها أو الفكاك منها خلال أسابيع وأشهر قليلة، وهنا مكمن الضغط الغربي المتنامي والموقف الصيني الحازم اتجاه الإيغور، والمحاذير العربية وعلى رأسها المصرية.

بين "داعش" و"النصرة"

كان ينحصر وجود المقاتلين الأجانب داخل سوريا في اتجاهين، تنظيم "داعش" في البادية والشرق السوري واستقطب بحسب مراكز دراسات ما يربو على 300 ألف مقاتل في ذروته عام 2015، لكنه اندثر واختفى أثره الفعلي مع نهاية وجوده العملي الواسع إثر عملية الباغوز شرق سوريا عام 2017، التي قادها التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية (قسد).

حينها هرب قسم كبير من المقاتلين نحو بلدانهم أو بلدان أخرى وكان قُتل منهم قسم أكبر خلال أعوام الحرب واعتقل الآلاف منهم. أما المتطرفون من غير "داعش" والذين استمروا في القتال بعد ذلك، فهم الذين تحالفوا مسبقاً وانضموا إلى "جبهة النصرة" التي تحولت منذ عام 2016 إلى "هيئة تحرير الشام".

ونظراً إلى السرية الواسعة التي كانت تحيط بملف المقاتلين الأجانب، فقد كان يصعب -ولا زال- استخلاص أرقام دقيقة لتعدادهم، فيما ترجح مصادر بحثية ومنظمات معنية بمتابعة ملف هجرة المتطرفين، أن يكون قوامهم بالآلاف.

وبحسب المتابع لشؤون الجماعات المتطرفة توفيق عبدالرحمن، فإنه يعتقد بوجود ما بين ثلاثة إلى سبعة آلاف مقاتل أجنبي، ويمكن الأخذ بالاعتبار احتساب عائلاتهم. ويضيف "خصوصاً أن المعلومات المتداولة حول ’هيئة تحرير الشام‘ تفيد بأن قوامها يراوح ما بين 20 إلى 25 ألف مقاتل، مما يعني احتمالية وجود خمسة آلاف مقاتل هو الرقم الوسطي الأكثر تناسباً قياساً بتصريحات عام 2015 للجولاني، عن أن نسبتهم تبلغ 30 في المئة في حينه. ولا أعتقد أن الأعداد تزايدت بعد ذلك بما يمكن لحظه فعلياً، خصوصاً مع الخلاف البيني بين ’داعش‘ و’النصرة‘ والذي لم يتح سلاسة الانتقال الجماعي المنظم بين الجماعتين المتحاربتين أساساً".

ويتابع "قد يكون الرقم قلَّ عن خمسة آلاف مقاتل بقليل بعد 10 أعوام عن ذلك الحديث" على اعتبار معرفة الباحث لتعداد "هيئة تحرير الشام" الفعلي، "مع التنبه للخسائر التي تكون وقعت في صفوف المتطرفين خلال أعوام المعارك الطويلة وقصف التحالف، والانشقاقات والاقتتال الداخلي أحياناً".

إلى أين ينتمون؟

يبرز عناصر الإيغور (تركستان) كالنسبة الأعلى في صفوف المهاجرين، معظمهم منظم في صفوف الهيئة، وحيالهم تبدي الصين تخوفات وتهديدات ومواقف حاسمة لخصوصية ملفهم القومي في سياق محاربتها للإرهاب وخشيتها من إعادة تصديرهم. ويصعب تقدير عددهم بدقة، لكنهم الأكثر بالتأكيد ويمثلون الشريحة الأوسع والأكثر تشدداً. وترجح مصادر مطلعة أن يراوح عددهم ما بين 1500 و2000 مقاتل من دون إحصاء رسمي. ويتمركزون بصورة أساس داخل مدن جسر الشغور في ريف إدلب وداخل جبلي التركمان والأكراد شرق محافظة اللاذقية شمال غربي سوريا. وينشطون تحت اسم "الحزب الإسلامي التركستاني".

أما كتيبة "فرقة الغرباء" فتضم بين 300 إلى 400 مقاتل من الطاجيك والأوزبك، واندمجت مع "هيئة تحرير الشام" عام 2017 وأسهمت معها في معاركها تحت مسمى لواء عمر بن الخطاب.

ويقدر عدد كتائب "أجناد القوقاز" بالمئات، وهم من جنسيات شيشانية توزعوا بين كتيبتي "أجناد القوقاز" و"جند الشام".

كذلك هناك "ملحمة تاكتيكال" التي تضم مقاتلين إيغور شديدي التدريب والخبرة ويطلق عليهم اسم "العصائب الحمراء". وهناك تنظيم حراس الدين (فرع القاعدة) تأسس عام 2018 من مقاتلين عرب من تونس ومصر والأردن والمغرب وتركيا وغيرها، وما زالت حتى اليوم تستهدف قوات التحالف الدولي تحركاتهم في مدينة إدلب، إضافة لمهاجرين تركمان وغيرهم تأسسوا عام 2013 وانضموا إلى كتائب متفرقة، جميعها شاركوا في معركة "ردع العنوان" التي أسقطت حكم بشار.

التوزع الحالي

ومع إسقاط النظام السوري تحررت تلك الكتائب جغرافياً وتمكنت من الخروج جزئياً من ريفي إدلب وحلب والتمركز في جبهات أبعد على الخريطة السورية، فقد استقرت كتائب أجنبية في ريف جبلة قرب اللاذقية، وفي مناطق متفرقة من اللاذقية وريفها وقرب قرية الحميدية جنوب محافظة طرطوس الساحلية وفي مناطق مجاورة للعاصمة دمشق ومحافظتي حمص وحماة وسط البلاد، متخذة من معسكرات لكتائب وألوية سابقة للجيش المنحل مقاراً لها، وجميعها تنسب إليها الاستفزازات والانتهاكات وحالات القتل والخطف والسلب، إضافة لوجودها المستمر في إدلب وحلب بصورة رئيسة.

يشار إلى أن إسرائيل استهدفت خلال الأيام الماضية مقار القوات الأجنبية في كل من طرطوس ومنطقة المينا البيضاء داخل اللاذقية. وشهدت قرى ومناطق عدة تظاهرات تطالب بخروج القوات الأجنبية من جوارها، وأبرز تلك الاحتجاجات كانت في قرى ريف حمص الشمالي وفي قرى مدينة جبلة، واستجابت السلطات حيناً وغضت النظر في أحيان أخرى.

المزيد من تقارير