Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

من يكسب ومن يخسر في رئاسة ترمب الثانية؟

غالب الشركات الأميركية في تراجع وأكثرها تدهوراً تلك التي تفاءلت بفوز الرئيس

خلال اليوم الأخير من مارس الماضي رفع بنك "غولدمان ساكس" الاستثماري توقعاته للركود إلى 35 في المئة (أ ف ب)

ملخص

مؤشر "راسل 3000" الذي يضم معظم الشركات الأميركية المسجلة في البورصات ارتفع، بين يوم الانتخابات ويوم التنصيب بنسبة خمسة في المئة، أي إن القيمة السوقية للشركات الأميركية أضافت 2.4 تريليون دولار،وخلال الشهر الأول من رئاسة ترمب أضاف المؤشر 1.4 تريليون دولار أخرى ليصل إلى مستوى غير مسبوق عند 63 تريليون دولار

في الفترة ما بين إعلان فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 وتوليه منصبه رسمياً نهاية يناير (كانون الثاني) 2025، سيطرت على السوق والأعمال والشركات الأميركية موجة تفاؤل شديد، لكن على قدر التفاؤل كان الإحباط. وخلص تحليل ضمن العدد الأخير من مجلة "إيكونوميست" تحت عنوان "هل هناك أعمال تكسب من فترة ترمب الثانية؟ كلا، وبالتأكيد ليست ’تيسلا‘".

استمر تفاؤل الشركات والأعمال، ومعها الأسواق، بعد كلمة ترمب خلال يوم التنصيب وحديثه عن أن "العصر الذهبي لأميركا يبدأ الآن".

كان مؤشر "راسل 3000" الذي يضم معظم الشركات الأميركية المسجلة في البورصات ارتفع، بين يوم الانتخابات ويوم التنصيب بنسبة خمسة في المئة، أي إن القيمة السوقية للشركات الأميركية أضافت 2.4 تريليون دولار.

وخلال الشهر الأول من رئاسة ترمب أضاف المؤشر 1.4 تريليون دولار أخرى ليصل إلى مستوى غير مسبوق عند 63 تريليون دولار.

إلى جانب تصريحات ترمب المتتالية حتى خلال حملته الانتخابية حول أن فترة رئاسته الثانية ستجعل "أميركا عظيمة ثانية" وأن "أميركا أولاً"، اختار فريقه الاقتصادي بما يطمئن الأسواق والأعمال، فوزير الخزانة سكوت باسينت ملياردير جاء من قطاع صناديق التحوط، ووزير التجارة هوارد لوتنيك أيضاً من القطاع المالي، ومستشاره المقرب إيلون ماسك عبقري تكنولوجيا وهندسة جعل من شركة "تيسلا" رائدة وسيعمل على إصلاح الجهاز الحكومي بما يفيد الأعمال عبر القضاء على البيروقراطية.

بين الفورة والهوة

إلى ذلك، تفاءلت الشركات والأعمال بخفوض ضريبية تشجع التوسع في النشاط الاقتصادي وزيادة إنفاق المستهلكين نتيجة تحسن الأوضاع بصورة عامة، مما يعني زيادة الطلب في الاقتصاد، من ثم دفع الإنتاج لتوفير مزيد من المعروض لتلبية الطلب. وإجمالاً، جودة الثقة في مناخ الأعمال بما يجلب الاستثمارات ويزيد من توافر التمويل في السوق.

لكن ما أن حل الشهر الثاني من رئاسة ترمب الثانية حتى تبخر التفاؤل وحل محله القلق وعدم اليقين والاضطراب داخل الأسواق وخسارة الشركات والأعمال مع تدهور قيمتها السوقية، وسط مؤشرات إلى تراجع الاقتصاد وسوء مؤشراته الكلية.

وكما يشير تحليل المجلة، فبدلاً من خفض إدارة ترمب للضرائب بدأت زيادة ضريبية في صورة تعرفة جمركية عالية على شركائها التجاريين، أما الوزارة التي يتولاها ماسك فإنها "تدمر الجهاز الفيدرالي تماماً بدلاً من زيادة الكفاءة".

وخلال فبراير (شباط) الماضي وحده، فصلت الحكومة 62 ألفاً من العاملين بحسب أرقام شركة التوظيف "تشالنغر" التي تصدر بيانات شهرية عن العمالة والتوظيف، أما القطاع الخاص بما في ذلك شركات كبرى مثل "ميتا" و"جون دير" فأعلنت عن إلغاء 110 آلاف وظيفة وتسريح العاملين فيها، مقارنة مع تسريح 82 ألفاً خلال الشهر نفسه من العام الماضي 2024.

وبدأت ثقة المستهلكين في التدهور، والحال العامة في "وول ستريت" هي ترقب ركود اقتصادي. وخلال اليوم الأخير من مارس (آذار) الماضي رفع بنك "غولدمان ساكس" الاستثماري توقعاته للركود من نسبة 20 في المئة إلى 35 في المئة، أما بنك "جيه بي مورغان تشيس" فرفع توقعه للركود الاقتصادي العالمي إلى نسبة 40 في المئة.

وخلال الشهر الأخير فقد سهم "غولدمان ساكس" من قيمته 18 في المئة، أما سهم "جيه بي مورغان تشيس" فهبط 13 في المئة.

وهذه حال معظم الشركات والأعمال الأميركية الآن بعد أن ذهبت "الفورة" وبدأت "الهوة"، فثلثا الشركات على مؤشر "راسل 3000" هبطت قيمتها حالياً إلى أقل مما كانت عليه قبل انتخابات الرئاسة.

أما "العصر الذهبي" الذي تحدث عنه ترمب لدى دخوله البيت الأبيض فلم يكن سوى "عصر الذهب" الذي ارتفعت أسعاره بقوة غير مسبوقة، مستفيداً من خروج المستثمرين من الأسواق ووضع أموالهم في المعدن الثمين كملاذ آمن.

إعادة النظر

ليست "إيكونوميست" وحدها التي تعيد النظر الآن في توقعاتها إزاء فترة رئاسة ترمب الثانية، فكثير من المحللين والمعلقين توقعوا ازدهاراً اقتصادياً وتحسناً في مناخ الأعمال، لكن الرياح لم تأت بما تشتهي السفن أو يتوقع المراقبون، فقد كان التقدير السابق أن الشركات الأميركية في ظل فترة رئاسة ترمب الثانية ستتفوق على نظيراتها غير الأميركية، وداخل أميركا ستزدهر الشركات الصغيرة والمتوسطة مقابل الشركات الكبيرة والعملاقة.

والآن، يعيد الجميع تقريباً النظر في توقعاتهم وتقديراتهم السابقة في ضوء مؤشرات الوضع الحالي، فعلى سبيل المثال فقد مؤشر "راسل 2000" الذي يضم الشركات الأميركية الصغيرة والمتوسطة خلال الأشهر القليلة الماضية من هذا العام 10 في المئة من قيمته، أي أكثر من ضعفي ما فقده مؤشر "أس أند بي 500" الذي يضم الشركات الكبرى.

ويقول ستيفين دي سانكتيس من بنك "جيفريز" الاستثماري إن الشركات الأميركية الصغيرة والمتوسطة تواجه "مصيراً ركودياً هائلاً".

اقرأ المزيد

في مقابل تراجع مناخ العمال وتدهور القيمة السوقية للشركات الأميركية ترتفع الأسهم في أوروبا، ويسعى المسؤولون إلى تشجيع النمو، وفي الصين مع نمو شركات التكنولوجيا وبخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي بل وحتى في المكسيك التي تعمل الحكومة اليسارية فيها على تبني القطاع الخاص، كما تشير "إيكونوميست".

ونتيجة إعادة النظر، يجيب تحليل المجلة عن السؤال في العنوان بأنه من الصعب تحديد أي الأعمال والشركات يمكن أن تكون "فائزة" خلال فترة رئاسة ترمب الثانية، فلم تمر ثلاثة أشهر على الإدارة الجديدة والنتيجة كما نرى وتشير الأرقام، فما بال أكثر من ثلاثة أعوام متبقية، في ظل صدمات السياسة الاقتصادية والمالية ربما تستمر المؤشرات الحالية في التدهور أكثر.

خلاصة وتوقعات

مع ذلك، لن يتوقف المحللون والمعلقون عن التوقع، إذ تستند الأعمال والمستثمرون إلى تلك السيناريوهات المستقبلية في تحديد خططهم واستراتيجياتهم.

وخلص تحليل المجلة إلى أن "الشركات التي لم ترتفع قيمتها خلال فترة الفورة، أي ما بين إعلان فوز ترمب والشهر الأول له في السلطة، هي التي لا تشهد هبوطاً الآن".

ويشير التقرير إلى شركات الأدوية والتكنولوجيا الحيوية بصورة خاصة، ربما باعتباره القطاع الذي لم تطاله قرارات إدارة ترمب حتى الآن.

لذا، يتوقع أن تكون شركات الأدوية في الجانب الآمن إلى حد كبير في الأقل حتى الآن. أما بالنسبة لسياسة التعرفة الجمركية، فترى المجلة أنها "لن تؤدي إلى انتعاش التصنيع" الأميركي، لكن مع استمرار سياسات الضغط ستضطر كثير من الشركات لنقل أعمالها إلى أميركا "حتى لو كان ذلك غصباً عنها". وسيفيد ذلك الشركات المحلية التي تعتمد على توفير سلاسل الإمداد والتوريد.

أما الشركات والأعمال التي تخص الرئيس ترمب ورفاقه فيتوقع تحليل المجلة أن تكون أكبر الخاسرة، مثل شركته "مجموعة ترمب للتكنولوجيا والإعلام" وشركة إيلون ماسك للسيارات الكهربائية "تيسلا". والأخيرة لن تكون خاسرة فحسب بسبب عزوف الناس عن شراء سياراتها في الخارج إذ تزيد المشاعر المناوئة بسبب الحرب التجارية، ولكن لأن الأميركيين أيضاً لا يريدون مكافأة من يعمل على تسريحهم من وظائفهم أو يشارك في إدارة لا تحسن أحوالهم المعيشية. وبالفعل، فقدت الشركة نحو 40 في المئة من قيمتها منذ ديسمبر (كانون الأول) 2024 حتى الآن.