Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

سفيان بامارت عازف بيانو مغربي الاصل يتألق عالميا

وصل إلى قائمة عازفي الموسيقى الكلاسيكية الثلاثة الأكثر استماعاً خلال سنة 2024

سفيان بامارت يعزف في حفلة (صفحة الفنان - فيسبوك)

ملخص

يبدو أن أصداء نجاح عازف البيانو سفيان بامارت (مواليد 1990) لم تصل بعد إلى العالم العربي. فقد تحول هذا الشاب ذو الأصل المغربي إلى أحد أشهر الأسماء في تخصصه الفني، وتم تصنيفه في السنوات الأخيرة ضمن أمهر 10 عازفي بيانو في العالم، قبل أن يصل في العام الماضي إلى قائمة عازفي الموسيقى الكلاسيكية الثلاثة الأكثر استماعاً خلال 2024، ليحمل في الأخير لقب "ملك البيانو".

يتحدر سفيان بامارت الذي يقيم الآن في لوس أنجليس من عائلة مغربية. فجده أمازيغي من مدينة تارودانت التي تقع جنوب المغرب، قدم إلى فرنسا للعمل في المناجم، حيث لقي مصرعه هناك إثر انفجار مباغت. وينتمي عازف البيانو إلى أسرة ثقافية، فوالده يدير مركزاً لتعلم اللغة الفرنسية لفائدة الأجانب، بينما تعمل والدته أستاذة للأدب.

منذ عامه السابع سجلته والدته في معهد الموسيقى بمدينة ليل، من أجل دراسة الموسيقى الكلاسيكية، واختارت له منذ البداية أن يتخصص في آلة البيانو. لفت إليه أنظار أساتذة الموسيقى والمتخصصين في كلاسيكيات الفن حين حصل إثر تخرجه في المعهد على الميدالية الذهبية. وكي يضع مهارته في العزف على البيانو ضمن إطار معرفي وأكاديمي واصل الدراسات العليات وحصل على شهادة جامعية في علم الموسيقى. ولم يدرس الفن وحده فحسب، بل انتبه أيضاً إلى الشرط المهني، فحصل على ماجستير في القانون والاقتصاد من جامعة ليون، وماجستير آخر في إدارة الأعمال من المدرسة العليا لتدبير الصناعات الإبداعية.

في خريف 2022 لم يصدق الفنان ذو الأصول المغربية نفسه وهو يتلقى التصفيقات الحارة من أكثر من 20 ألف متفرج بالقاعة الشهيرة في باريس أكور أرينا. فقد بيعت حينها التذاكر بالكامل، وحظيت سهرته بتقدير كبير من لدن الحاضرين ومن الإعلام الفرنسي.

من النخبة إلى الشعبية

 

في أحد حواراته مع الإعلام الفرنسي صرح بأنه ينتمي إلى طبقة شعبية، ولذلك يريد أن يزرع هذا النوع من الموسيقى في هذه الطبقة، أي أن يمنح العزف على البيانو ملمحاً شعبياً. تخلى أيضاً عن البدلة الرسمية السوداء التي يرتديها عادةً عازفو البيانو في عروضهم الفنية، كأنما يريد أن يوصل بذلك رسالة مفادها أن البيانو ليس حكراً على طبقات معينة في المجتمع، وليس في الآن ذاته موجهاً لفئة عمرية دون سواها. فبملابسه الرياضية، والأكسسوارات التي يرتديها في حفلاته، يجعل العزف الفردي على البيانو قريباً من الشباب وبعيداً من الصورة النمطية التي تعودوا عليها. وتعزيزاً لهذه الفكرة يغير ملابسه أكثر من مرة في السهرة الواحدة. إنه يحاول أن يخرج هذه الآلة العريقة من عالمها الكلاسيكي ويضعها في قلب العصر الحديث بكامل تحولاته، وبكل جنوحه نحو الخفة والسرعة والمرونة والانسياب.

كان بامارت مهووساً أيضاً بالراب، منجذبا مع الموجة التي غزت العالم مع أواخر الألفية الماضية، بالتالي شارك مع مجموعة من فناني هذا اللون الأدائي سواء في إحياء السهرات أو في إصدار الألبومات الغنائية، لكن البيانو أخرجه من هذه الموجة، وحمله إلى مختلف بقاع العالم ليعزف منفرداً في كبريات القاعات والمسارح في جولات فنية متعاقبة وغزيرة في فرنسا وسويسرا ولوكسمبورغ والتشيك وكندا وأميركا والمكسيك والإكوادور وكولومبيا والبيرو وغيرها. كان يعتبر أن مؤلفين موسيقيين أمثال شوبان ورافيل وديبوسي يشكلون نماذج ومصادر إلهام بالنسبة إليه. غير أنه لا يريد أن يكون عازفاً كلاسيكياً، فهو بقدر حرصه على أصالة وتاريخ البيانو حريص في الآن ذاته على التماهي مع العصر الذي ينتمي إليه، بالتالي كان ضرورياً أن يضفي على العزف لمسته الخاصة.

الشاعرية والطفولة

 

تحمل ألبوماته الموسيقية عناوين شاعرية: اكتمال القمر، دموع الماس، هذا العالم قاسٍ، أتمنى لو كان لديَّ الوقت، المأزق، الكوكب، ظل الدموع، الطفل والبحر، زورق شراعي، سيجارة على القمر، وغيرها. يؤمن بامارت بأن السفر مصدر كبير للإلهام، بالتالي من يسافر أكثر يبدع أفضل. ثم إن الموسيقى أيضاً قادرة على تخليد الأمكنة. لقد استلهم كثيراً من المعزوفات التي ألفها من أسفاره الكثيرة، بل إنه جعل هذه المقطوعات الموسيقية تحمل أسماء الأماكن التي ألهمته بإبداعها، فنجد لديه في ألبوماته الأخيرة معزوفات بالعناوين التالية: شيكاغو، القاهرة، برلين، قرطاج، ميديين وغيرها.

اقرأ المزيد

في عامه الرابع وضع سفيان بامارت أصابعه على البيانو الصغير المخصص للأطفال. أراد أن يلعب، لكن هذه اللعبة أخذته أبعد مما توقع. تشربت مسامعه منذ الطفولة الموسيقى العالمية الكلاسيكية بالموازاة مع الموسيقى المغربية التراثية بتأثير من والديه، فضلاً عن الأغاني الفرنسية وموسيقى الجاز. بالتالي تشكلت لديه ذائقة موسيقية تغترف من ألوان فنية مختلفة، لكنها تتسم كلها بالأصالة.

يعتبر التقنية عنصراً أساساً في الموسيقى، لكنه يخاف أن تكون عائقاً أمام عفوية الفن وانسيابه. لذلك يعتبر الطفولة المصدر الأول لكل إبداع. على الفنان أن يعود إلى طفولته، أن يستحضرها ويستلهم منها فنه. هذه هي فلسفته. وبالنسبة إلى الآلة المفضلة لديه يقول: "البيانو الذي تعلقت به أكثر هو الذي كان في بيتنا خلال مرحلة الطفولة، في السنوات الأولى من التعلم. لم يكن جيداً، لكن ملامسه الثقيلة، من أجل الحصول على الصوت، ساعدتني في تقوية أصابعي".

سبق لسفيان بامارت أن عبر عن حلمه بطريقة واضحة: "أريد أن أكون عازف البيانو الأول في العالم". وبانتقاله في الفترة الأخيرة إلى لوس أنجليس، ومواصلته تحقيق أرقام كبيرة في نسب الجمهور الذي يحضر عروضه، وما يحظى به من مواكبة إعلامية وتنويهات من المتخصصين، تحولت هذه الأمنية من الخيال إلى الواقع، بالنسبة إلى شاب ظل يؤمن، إلى الحدود القصوى، بما يمكن أن تصنع أنامله.

 

 

المزيد من فنون