Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

إسرائيل تدمر 25 إذاعة وتحرم سكان غزة من سماع الأخبار

نقابة الصحافيين الفلسطينيين عملت على خلق البدائل وطلبت من تلك الراديوهات الموجودة في الضفة الغربية تقوية بثها ليصل إلى القطاع

دمرت إسرائيل 25 إذاعة في غزة (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

بعد تدمير الإذاعات المحلية في غزة بات السكان يعتمدون على أخبار إسرائيل.

في أوقات الحروب تنقطع الكهرباء والإنترنت لفترات طويلة عن غزة، وحينها تعيش المدينة في عصر ما قبل التكنولوجيا.

حمل الجد منذر جهاز الراديو واتكأ على فراش وضعه أرضاً أمام عتبة منزله، وسرعان ما تجمع حوله الجيران ليستمعوا إلى الأخبار والمستجدات الأمنية، أخذ الرجل المتقدم في السن يدير مؤشر المذياع عله يلتقط إشارة إحدى الإذاعات لكنه عجز عن إشباع فضوله وتبديد قلقه بالاستماع إلى موجز إخباري، فلم يطغَ على صوت التشويش سوى تمتمات الجيران من حوله.

بهدوء يواصل الجد منذر تدوير إبرة المذياع بحثاً عن صوت مذيع من هنا أو أغنية وطنية من هناك، لكن عبثاً يحاول تقليب المؤشر إلى ترددات موجة الـFM، يقول "أسمع صوت انفجارات قوية تهز غزة وأحاول أن ألتقط بث أي إذاعة لكنني لا أنجح في ذلك".

وسيلة إعلامية مهمة

في أوقات الحروب تنقطع الكهرباء والإنترنت لفترات طويلة عن غزة، وحينها تعيش المدينة في عصر ما قبل التكنولوجيا، ولمتابعة آخر تطورات الميدان ومستجدات القتال العسكري يلجأ السكان إلى أجهزة الراديو التي تعمل بالبطاريات أو إعادة الشحن.

يضيف الجد منذر "في العمليات العسكرية الإسرائيلية على غزة يتحول جهاز الراديو إلى أكثر الوسائل الإعلامية أهمية، ونعتمد عليه لمعرفة ما يدور حولنا من أحداث وتطورات ميدانية وسياسية، لكن في هذه الحرب غابت الإذاعات وتغيب المواطن قسراً عن متابعة التطورات العسكرية والسياسية".

توقفت جميع الإذاعات المحلية في غزة وعددها 25 عن نقل الأخبار، وتعددت الأسباب بين قصف جوي إسرائيلي طاول مقرات كثير منها، مما أدى إلى تدميرها بصورة كاملة أو جزئية، إضافة إلى النقص الحاد في الكهرباء والوقود مما يمنع تشغيل الأجهزة والمعدات اللازمة للبث، كذلك فإن الانقطاع المتكرر للإنترنت زاد من صعوبة إيصال الأخبار للمتابعين.

يوضح الجد منذر أنه حرم من الأخبار ولم يعد يعرف ما يجري حوله لا سيما في اللحظات الحرجة، يضرب مثالاً "منذ دقائق وقعت سلسلة انفجارات ولحد اللحظة لم أعرف أين ومن المستهدف وما حصيلة الضحايا، لو الإذاعات المحلية تعمل لكان وصل هذا الخبر خلال ثوان".

إذاعات إسرائيلية

يمسك ماهر الذي يعيش في مخيم إيواء مذياعه الكبير ويدير إبرة الإشارة نحو تردد إذاعة "مكان" الرسمية الإسرائيلية، يحرك جهازه تجاه الشرق ليلتقط البث والإشارة، يقول "عندما دمرت الإذاعات المحلية شعرنا بحال من الضياع، وكأننا فقدنا عيننا على الأحداث خلال الحرب"، ويضيف "يصل بث بعض الإذاعات الإسرائيلية لغزة ونستمع إليها لمعرفة آخر المستجدات، لكن هكذا نكون قد تلقينا الرواية الإسرائيلية فقط من دون معرفة آخر التطورات في غزة ومستجدات الأحداث، وعليه نتعرض لحملة تشويه في المعلومات والأخبار".

يستمع ماهر يومياً لإذاعات إسرائيل التي يصل ترددها لغزة، ولكنه لا يعتمد على تلك الأخبار كمصدر لآخر أخبار غزة، بل يبحث عن بدائل مثل قراءة صفحات الويب للصحف العالمية والمحلية ويتابع آخر رسائل مواقع التواصل الفوري.

فضائيات تنقل بثها إذاعياً

ليليان التي راحت تجول في الشارع التي تسكن فيه حاملة جهاز الراديو علها تلتقط أي ترددات إذاعية، ثبتت المؤشر إلى موجة إحدى القنوات الفضائية التي عملت على فتح بثها على الموجات المحلية للاستماع للأخبار، تقول "كانت المذيعة تتحدث عن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للولايات المتحدة ولقائه الرئيس دونالد ترمب، هذه المعلومات لا تهمنا، نحن نبحث عن أخبار غزة المحلية"، وتضيف "الإذاعات كانت الوسيلة الأولى لمعرفة الأخبار وبعد توقفها أصبحنا نشعر بالقلق بعد فقدان مصدر مهم لتزويدنا بالتحديثات الدقيقة عن المناطق المستهدفة، وبسبب غياب الإذاعات وتوقفها لم نعد نعرف إلى أين نذهب أو كيف نحمي أنفسنا في ظل شح المعلومات".

تعتمد ليليان على الأخبار التي يتناقلها المواطنون شفهياً لمعرفة آخر المستجدات، وتتحدث عن "فوضى الأخبار" في ظل عدم الانضباط والكم الهائل من الإشاعات التي تُتداول، والتي تثير الهلع والرعب في كثير من الأحيان.

بحسب بيانات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فقد قصفت إسرائيل على مدى 18 شهراً من القتال، الإذاعات المحلية كافة ولم يسلم أي راديو من الاستهداف، مما حرم سكان القطاع من وسيلة إعلامية حيوية ومصدر رئيس للمعلومات، بخاصة في ظل انقطاع الكهرباء والإنترنت عن القطاع المحاصر.

ويقول مدير المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة "هذا الاستهداف للإذاعات يعكس محاولة إسرائيل الممنهجة لإسكات الصوت الفلسطيني وإشاعة الفوضى والخوف بين سكان القطاع والحيلولة بينهم وبين ما يجري حولهم، بخاصة أن الإذاعات كانت تؤدي دوراً حيوياً في نقل الأخبار والمعلومات والتوجيهات المحلية للمواطنين".

بث إشاعات وحلول موقتة

وفي السياق نفسه، يقول نائب نقيب الصحافيين الفلسطينيين تحسين الأسطل "من أجل منع الصوت الفلسطيني من الوصول إلى العالم وللمواطن في غزة، دمر الجيش الإسرائيلي كل المؤسسات الإعلامية ومقارها في قطاع غزة منذ الأيام الأولى للحرب، ورصدنا أن ذلك كان بطريقة متعمدة".

ويضيف الأسطل "بات المواطن في غزة يعاني لمعرفة ما يدور حوله، مما اضطره إلى الاستعانة بإذاعات ذات خلفية إسرائيلية، وهذا يأتي في إطار السياسات الإسرائيلية الرامية إلى تغييب الفلسطينيين عن الأحداث الدائرة".

ويوضح الأسطل أن إسرائيل لم تكتف بتدمير الإذاعات، وإنما استخدمت ترددات تلك الإذاعات لبث الإشاعات والتحريض والتهديد، إذ نقلت على ترددات الإذاعات المحلية في قطاع غزة رسائل مرعبة للمس بأمن المواطنين واستقرارهم.

ويشير نائب نقيب الصحافيين الفلسطينيين إلى أن تعطيل الإذاعات وتدميرها يعتبر "جريمة"، لا سيما في ظل القوانين الدولية التي تكفل عملها.

بحسب الأسطل، فإن نقابة الصحافيين الفلسطينيين عملت على خلق البدائل من خلال الإذاعات المحلية في الضفة الغربية، وطلبت منها تقوية بثها ليصل إلى القطاع، وكذلك تطبيق خطة إذاعية تهتم بتطورات غزة لإيصال رسالة بأن الشعب الفلسطيني واحد في مختلف أماكن وجوده، ولتصبح مصدراً بديلاً لمعرفة الأخبار.

المزيد من تقارير