ملخص
سيقدم رئيس "الاحتياطي الفيدرالي" جيروم باول تقييمه للاقتصاد في خطاب الأربعاء المقبل أمام نادي الاقتصاد في شيكاغو
تستعد البنوك المركزية لقرارات السياسة النقدية الأولى بعد إطلاق الرئيس الأميركي دونالد ترمب حربه التجارية التي أدت إلى اضطراب الأسواق العالمية استجابات متباينة من جانبي الأطلسي.
بينما قد يقرر مسؤولو بنك كندا، الأربعاء المقبل، إبقاء كلف الاقتراض من دون تغيير لحماية الاقتصاد من التأثير التضخمي المحتمل بسبب استمرار النزاع التجاري مع الولايات المتحدة، من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة في اليوم التالي.
لن يتخذ قرار "الاحتياطي الفيدرالي الأميركي" حتى السابع من مايو (أيار) المقبل، مما يجعل اجتماعات هذا الأسبوع محورية بالنسبة إلى صانعي السياسات في فرانكفورت وأوتاوا، إذ يسعون إلى تهدئة المستثمرين مع تقييم تداعيات الإجراءات الاقتصادية التي اتخذها ترمب.
أوقف الرئيس الأميركي عديداً من العناصر الأكثر قسوة في تعريفة رسومه المقررة، باستثناء الإجراءات ضد الصين، لكن تقلبات الأسواق والضبابية المستمرة قد تلحق أيضاً أضراراً. وأشارت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد إلى هذه الأخطار، قائلة إن المسؤولين يراقبون الوضع ولديهم أدوات متاحة، مشيرة إلى أن استقرار الأسعار والاستقرار المالي يسيران جنباً إلى جنب.
وهذه هي المرة الثانية في أقل من عامين التي تجد نفسها فيها لاغارد وزملاؤها في موقف يحيرهم في شأن قرار أسعار الفائدة بعد الاضطرابات التي انبعثت من الولايات المتحدة، قبل أن يجتمع صناع السياسة في "الاحتياطي الفيدرالي".
بعد انهيار بنك "وادي السيليكون" الذي أدى إلى اضطرابات في الأسواق عام 2023، اختار البنك المركزي الأوروبي عدم التراجع ورفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة كما وعد.
في هذه المرة، قد يكون قرار البنك المركزي الأوروبي أكثر وضوحاً، إذ من المتوقع أن تؤثر التعريفات الجمركية على الاقتصاد، لكن الاتحاد الأوروبي قرر تأجيل اتخاذ تدابير لمواجهة التضخم في الوقت الحالي، ومن المتوقع على نطاق واسع أن يخفض المسؤولون أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة.
أما كندا فأمامها خيارات أخرى يجب مراعاتها، ففي حين تلحق رسوم ترمب الجمركية الضرر باستثمارات الشركات وإنفاق المستهلكين، تشهد توقعات التضخم ارتفاعاً حاداً، وقد تشكل بيانات أسعار المستهلك الصادرة، الثلاثاء الماضي، عاملاً محورياً في تقييمهم.
ويقول محللو "بلومبيرغ"، "قرار البنك المركزي الأوروبي المقبل في شأن أسعار الفائدة في 17 أبريل (نيسان) الجاري أصبح أسهل من ذي قبل، إضافة إلى أن التأثير المباشر المحتمل على اقتصاد منطقة اليورو من التعريفات الجمركية الأميركية، سيضطر المجلس الحاكم أيضاً إلى أخذ تأثير العملة الأقوى في اعتباره".
في أماكن أخرى، من بين أبرز الأحداث القادمة قرارات أسعار الفائدة من كوريا الجنوبية إلى تركيا، بيانات الناتج المحلي الإجمالي للصين، وتقارير التضخم من بريطانيا إلى اليابان.
الاقتصاد الأميركي
وفي ظل ارتفاع عوائد سندات الخزانة، وضعف الدولار، وتراجع الأسهم المرتبطة بسياسة التجارة الأميركية، سيتطلع المستثمرون إلى إشارات من صانعي السياسات في "الاحتياطي الفيدرالي" لمعرفة مدى استعدادهم لخفض أسعار الفائدة.
وسيقدم رئيس "الاحتياطي الفيدرالي" جيروم باول، تقييمه للاقتصاد في خطاب الأربعاء المقبل أمام نادي الاقتصاد في شيكاغو، وفي اليوم نفسه، سيناقش رئيسا "الاحتياطي الفيدرالي" الإقليميان جيف شميد ولوري لوغان الاقتصاد والمصارف.
والإثنين، سيتحدث محافظ "الاحتياطي الفيدرالي" كريستوفر والير عن آفاق الاقتصاد، فيما ستقدم المحافظة ليزا كوك ملاحظات الثلاثاء.
وفي الوقت نفسه من المتوقع أن تظهر مبيعات التجزئة لمارس (آذار) الماضي، الأربعاء، زيادة كبيرة، إذ سارع المستهلكون لتفادي الرسوم الجمركية على السيارات المستوردة وقطع غيار السيارات. وتشير التوقعات المتوسطة في مسح "بلومبيرغ" للاقتصاديين إلى زيادة بنسبة 1.4 في المئة في المبيعات، وهي أكبر زيادة شهرية منذ بداية عام 2023.
وتظهر بيانات الصناعة أن مبيعات السيارات ارتفعت إلى وتيرة سنوية تبلغ 17.77 مليون، مما يجعلها أقوى شهر لبائعي السيارات منذ ما يقارب أربعة أعوام، وفقاً لـ"واردز إنتليجنس". رفع ترمب الرسوم الجمركية على السيارات وقطع الغيار المستوردة إلى 25 في المئة، والتي دخلت حيز التنفيذ في الثالث من أبريل الجاري.
وباستثناء السيارات والبنزين ومواد البناء وخدمات الطعام، وهي مبيعات المجموعة المراقبة التي تتعقب من كثب الإنفاق على السلع ضمن تقرير الناتج المحلي الإجمالي، من المتوقع أن تحقق المبيعات زيادة قوية لتختتم ربعاً هزيلاً نسبياً للاستهلاك.
أيضاً يوم الأربعاء، من المرجح أن تظهر بيانات الإنتاج الصناعي انخفاضاً بنسبة 0.2 في المئة في مارس الماضي، إذ قيدت درجات الحرارة المعتدلة إنتاج المرافق العامة وتباطأ قطاع التصنيع. ومن المتوقع أن تظهر الأرقام الحكومية، الخميس، انخفاضاً في بدايات بناء المنازل، إذ ركز البناؤون على تقليص مخزون المنازل الجديدة.
الأوضاع في آسيا
قد تشير البيانات من الصين، التي تتحمل حالياً وطأة هجوم ترمب العالمي على التعريفات الجمركية، إلى تراجع الزخم قبل الإعلان عن الرسوم المفروضة من قبل الرئيس الأميركي.
ومن المتوقع أن تظهر أرقام الصادرات، الإثنين، تباطؤاً في مارس الماضي، بينما يتوقع أن تكشف بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول بعد يومين عن أدلة على فقدان الاقتصاد لزخمه، وفي تقرير الخميس، استمرت الانكماشات في أسعار المستهلكين للشهر الثاني على التوالي.
وعلى رغم الضغط الذي يواجهه، لم تظهر بكين أي تراجع، ففي يوم الجمعة، ردت الصين على أحدث التعريفات الجمركية التي فرضها ترمب بزيادة الرسوم على جميع السلع الأميركية، ووصفت الإجراءات الإدارية بأنها "مزحة"، قائلة إنها لم تعد تراها تستحق الرد بالمثل.
ومن المتوقع أن تصدر سلطة النقد في سنغافورة قراراً في شأن الفائدة، الإثنين، مع توقعات من "بلومبيرغ" للاقتصاد بتيسير السياسة النقدية، وفي الخميس، يتوقع أن يبقي البنك المركزي في كوريا الجنوبية على كلف الاقتراض من دون تغيير.
ومن بين الدول التي ستصدر أرقام التضخم في الأسبوع المقبل الهند الثلاثاء، ونيوزيلندا الخميس، واليابان الجمعة.
أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا
من المتوقع أن تجذب التقارير البريطانية انتباه المستثمرين، إذ تشير البيانات إلى قوة الضغوط السعرية في الاقتصاد، ويتوقع أن يظهر تقرير سوق العمل، الثلاثاء المقبل، استمرار نمو الأجور بشكل قوي، وفي اليوم التالي، يتوقع أن تظهر أرقام التضخم تراجعاً في كل من المؤشرات الرئيسة والأساسية، لكنها لا تزال تبقى أعلى من مستوى اثنين في المئة الذي يستهدفه بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني).
من غير المحتمل أن توفر أي من هذه التقارير راحة لصانعي السياسة لتسريع التيسير النقدي، بخاصة في ظل الخلفية العالمية من التوترات التجارية، وخصوصاً بعد تقرير الجمعة الذي أظهر زيادة غير متوقعة في النمو خلال فبراير (شباط) الماضي.
وفي منطقة اليورو، قد تساعد التقارير الاقتصادية من الدرجة الثانية في توجيه صانعي السياسة في البنك المركزي الأوروبي نحو قرارهم الخميس، ومن المتوقع إصدار بيانات الإنتاج الصناعي لفبراير الثلاثاء، إلى جانب مسح "ZEW" الألماني لثقة المستثمرين.
في اليوم نفسه، قد تظهر بيانات التضخم السنوي في إسرائيل تباطؤاً إلى 3.2 في المئة في مارس الماضي، ورغم أن ذلك لا يزال أعلى من النطاق المستهدف للبلاد الذي يراوح ما بين واحد وثلاثة في المئة، فإن ذلك قد يدفع البنك المركزي للانتظار حتى يحدث تباطؤ أكبر قبل بدء دورة من خفض الفائدة لمساعدة الاقتصاد المتأثر بالحرب.
أيضاً هناك عدة قرارات متعلقة بأسعار الفائدة مخطط لها في المنطقة، الأربعاء، من المحتمل أن تبقي ناميبيا على سعر الفائدة الرئيس عند 6.75 في المئة، بما يتماشى مع موقف جنوب أفريقيا الثابت الشهر الماضي، علاوة على أن الدولار الناميبي مرتبط بالراند، وغالباً ما يسترشد السياسة هناك بتحركات جارتها الكبرى.
من المتوقع أن تبقي بوتسوانا، الخميس، على سعر الفائدة عند 1.9 في المئة للاجتماع الرابع على التوالي بهدف كبح التضخم الذي وصل إلى أعلى مستوى له في ستة أشهر.
في اليوم نفسه، تواجه اللجنة النقدية في تركيا قراراً صعباً إذ تجتمع للمرة الأولى بعد فترة من الاضطرابات السوقية التي أثارها احتجاز زعيم المعارضة إكرام إمام أوغلو. ويرى معظم المحللين أن الفائدة ستظل ثابتة، رغم أن "غولدمان ساكس" من بين عدد قليل من البنوك التي تتوقع رفع الفائدة.
من المتوقع أن يبدأ البنك المركزي المصري دورة تخفيفية مع خفض الفائدة الخميس، وبعد تباطؤ التضخم أخيراً، فإن معدل الفائدة الحقيقي في البلاد يبلغ نحو 15 في المئة، وهو من أعلى المعدلات في العالم، لكن التدفقات النقدية الخارجة في أعقاب التعريفات الأميركية قد تدفع إلى تأجيل ذلك.
سيكشف البنك المركزي الأوكراني عن قراره في اليوم نفسه، بعد تحركه الشهر الماضي لرفع كلف الاقتراض بنسبة واحد نقطة مئوية.
أميركا اللاتينية
في عامه الأول في المنصب، حقق الرئيس خافيير ميلي فائضاً مالياً هو الأول للأرجنتين منذ أكثر من عقد، بما يعادل نحو 1.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أو 0.3 في المئة بعد احتساب مدفوعات الفائدة. وتشير بيانات مارس الماضي، التي نشرت، الأربعاء، إلى أن الحكومة سجلت فائضها الشهري الـ14 منذ عام 2023.
وفي لحظة مفصلية، توصلت الأرجنتين الجمعة إلى اتفاق بقيمة 20 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي، بعدما أجرى ميلي تغييرات جذرية لتخفيف القيود المفروضة على العملة الوطنية.
وستنشر بيرو، الثلاثاء، بيانات الناتج المحلي الإجمالي التقديري لفبراير الماضي، إلى جانب تقرير سوق العمل لشهر مارس الماضي في عاصمتها ليما.
ونما اقتصاد البلاد بوتيرة أسرع من المتوقع لسبعة أشهر متتالية، ويقول وزير المالية خوسيه سالاردي، إن بيرو يمكن أن تحقق نمواً يصل إلى أربعة في المئة هذا العام والخمسة في المئة في العام المقبل.
ويتوقع محللون استطلعت "بلومبيرغ" آراءهم أن يبلغ النمو ثلاثة في المئة هذا العام، ارتفاعاً من توقعات سابقة عند 2.8 في المئة في ديسمبر (كانون الأول) 2024، مدعوماً بارتفاع أسعار المعادن. وتعد بيرو ثالث أكبر منتج للنحاس في العالم، ومصدراً رئيساً للذهب.
وبعد فقدان بعض الزخم في نهاية عام 2024، استعاد الاقتصاد الكولومبي نشاطه في يناير (كانون الثاني) الماضي، بدعم من انخفاض أسعار الفائدة وارتفاع الأجور الحقيقية. ومن المرجح أن تدعم مجموعة من المؤشرات المنتظرة خلال الأسبوع المقبل الرأي السائد بأن الناتج المحلي الإجمالي لعام 2025 سيسجل ارتفاعاً للعام الثالث على التوالي.