اتخذت الحكومة المصريَّة إجراءات جديدة تتيح حريَّة تبادل البيانات والمعلومات والتقارير الرقابيَّة لتتبع أنشطة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب من جانب، وتحسين بيئة ومناخ الاستثمار، وتوفير معلومات وبيانات دقيقة عن الاستثمارات الأجنبيَّة في مصر من جانب آخر.
بروتوكول تعاون ثلاثي
وقعت ثلاث جهات حكوميَّة مصريَّة بروتوكول تعاون لحصر الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، ضمَّ الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، والهيئة العامة للرقابة الماليَّة، ووحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتتبع الأخيرة مجلس الوزراء المصري مباشرة.
وقالت وزارة الاستثمار والتعاون الدولي، في بيان صحافي، "الغرض من البروتوكول الثلاثي تحسين بيئة ومناخ الاستثمار، ودعم سياسات الاستثمار، وتوفير معلومات وبيانات عن الاستثمارات الأجنبيَّة في مصر، بما يحقق تكاملها وتحديثها بهدف حصر وزارة الاستثمار والتعاون الدولي، لكل بنود الاستثمار الأجنبي، وكذلك في مجال تطبيق القرارات الصادرة بشأن الشركات المقيدة لها أوراق ماليَّة بالبورصة المصريَّة".
سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي المصريَّة، أكدت أن البروتوكول يأتي "تفعيلاً للتعديلات الأخيرة على قانون الاستثمار، التي نصّت على طلب المعلومات والبيانات اللازمة لحساب أصول الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر من الجهات العامة والخاصة للأغراض الإحصائيَّة، وفقاً للممارسات الدوليَّة المعمول بها".
وأوضحت، "المجموعة الاقتصاديَّة راجعت كل المؤشرات الاقتصاديَّة، ورأت تحسّناً في جميع المؤشرات، ما عدا مؤشرات الاستثمار الأجنبي المباشر".
مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب
وأرجعت نصر ذلك إلى "غياب الحصر الكامل لأرقام الاستثمار الأجنبي المباشر، ومنها توسّعات الشركات الأجنبيَّة في مصر بأرباحها التي استخدمتها في التوسعات الجديدة، إضافة إلى أن الاستثمارات في محور تنميَّة قناة السويس، لم يتم حصرها في مؤشرات الاستثمار الأجنبي المباشر".
ولفتت الوزيرة، إلى أن هناك لقاءات تمت مع "البنك الدولي" بخصوص مكافحة غسل الأموال، ومصر حريصة بعد الإصلاحات التي قامت بها وحدة مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، أن تشهد تحسناً في هذا الشأن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مستشار وزير الماليَّة الدكتور مجدي عبد العزيز قال، "مكافحة تبييض الأموال على رأس الملفات التي توليها وزارته اهتماماً خاصاً بالتنسيق والتعاون بين وحدة تبييض الأموال بمصلحة الجمارك ونظيرتها في البنك المركزي لمكافحة جرائم تبييض الأموال، التي لها علاقة مباشرة بمكافحة الإرهاب".
وأضاف، في حديثه مع "اندبندنت عربية"، توجد "إجراءات عديدة نفّذتها الوزارة في الفترة الأخيرة، منها عدم السماح بتمويل الصفقات التجاريَّة إلا من خلال القطاع المصرفي فقط"، مؤكداً "حرص الجمارك المصريَّة على متابعة الملف الدولي الخاص بالدرع الواقي الخاص بالمواد الكيماويَّة الثنائيَّة والمتعددة الاستخدام، التي تدخل في صناعة الإرهاب".
وتابع نائب وزير الماليَّة "هناك مشاورات مع مصالح الجمارك في عدة دول أوروبيَّة وأفريقيَّة للتعاون وتبادل المعلومات والبحث عن آليَّة لإدارة مخاطر شاملة في مجال مكافحة الإرهاب".
وفي يونيو (حزيران) الماضي أعلنت وزارة الداخليَّة المصريَّة خلال الفترة من بداية يونيو 2018 إلى نهاية مايو (أيار) 2019 ضبط (61) قضيَّة "تبييض أموال في مجال الاتجار غير المشروع بالمواد المخدرة"، إذ بلغت القيمة التقديريَّة الناجمة عن تلك القضايا التي حُصِرتْ بالتنسيق مع الجهات المعنيَّة بالدولة خلال تلك الفترة 3 مليارات و401 مليون جنيه (نحو 204 ملايين دولار أميركي).
تداول العملات الافتراضيَّة
محمد عمران رئيس هيئة الرقابة الماليَّة المصريَّة قال، "الهيئة مهمتها حمايَّة المتعاملين في الأسواق الماليَّة غير المصرفيَّة في ظل التحوّلات المتسارعة عما التي خلفتها الثورة الرقميَّة، وتنامي استخداماتها، وباتت تشكل متغيراً مهماً في صناعة الخدمات الماليَّة والمنتجات المرتبطة بها، ومنها استخدام العملات الافتراضيَّة أو العملات الرقميَّة".
وأضاف، "هيئة الرقابة الماليَّة المصريَّة أكدت عدم مشروعيَّة تداول العملات الافتراضيَّة، وحذّرت من تداولها بالأسواق الناشئة، لما تواجهه من مجال واسع للاحتيال المالي، خصوصاً أنها غير خاضعة لأي أطر تنظيميَّة وتشريعيَّة وغير خاضعة لرقابة أي جهة داخل مصر، ما يشكل تحايلاً على المنظومة النقديَّة الرسميَّة الخاضعة للرقابة، وما يرتبط بها من قوانين مكافحة تبييض الأموال".
وحول الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر قال عمران، "طبقاً للبروتوكول الذي وُقّع سيتم إرسال بيانات الشركات الخاضعة للهيئة العامة للرقابة الماليَّة، إلى الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، وإضفاء مزيد من التعاون والتكامل بين الهيئتين في اعتماد محاضر الجمعيات العموميَّة وتناسق القرارات من أجل تقديم خدمة أفضل للمستثمر، إضافة إلى التنسيق بين الهيئتين ووحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب فيما يتعلق بمكافحة تبييض الأموال".
حصر الاستثمار الأجنبي
وحول تدني أرقام الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، قالت وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، "الأرقام في مصر غير واقعيَّة لعدم تضمنها عديداً من القطاعات، وهو ما نستهدف معالجته من خلال التعديلات الأخيرة لقانون الاستثمار".
وأوضحت، "أعددنا نموذجاً خاصاً يهدف إلى حصر وتجميع البيانات الخاصة بأرقام الاستثمار الأجنبي من كل الجهات والوزارات المعنيَّة، وأيضاً عبر الوسائل الإلكترونيَّة على أن يتم الانتهاء منه وفق المنهجيَّة الجديدة في نهايَّة العام الحالي 2019".
وأضافت، "استعنا بالنماذج الدوليَّة في حصر أرقام الاستثمار الأجنبيّ، وكذلك منظمة الأونكتاد"، التي أشارت إلى أن تقديراتها لأرقام الاستثمار الأجنبي في مصر "أعلى من المعلن بنحو 30%".
وذكرت الوزيرة، أنه على سبيل الحصر لم تتضمن أرقام الاستثمار الأجنبي في مصر كثيراً من الاستثمارات التي ضُخت في محور تنميَّة قناة السويس، إضافة إلى قيم الآلات والمعدات (أصول) الخاصة بالشركات، بجانب توزيعات أرباح الشركات الأجنبيَّة المعاد استثمارها في مصر مرة أخرى، مشيرة إلى أنه تم إقرار "غرامة ماليَّة بقيمة 50 ألف جنيه (نحو 3.1 ألف دولار أميركي) على الشركات غير الملتزمة بتقديم البيانات إلى الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة".
طبقاً لبيانات البنك المركزي المصري سجّل صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال العام المالي 2017 - 2018 نحو 7.7 مليار دولار.
كانت الحكومة المصريَّة أدخلت تعديلات على بعض أحكام قانون مكافحة تبييض الأموال الصادر بالقانون رقم 80 لسنة 2002، واستهدفت التعديلات توسيع نطاق عمل وحدات مكافحة تبييض الأموال ليشمل مكافحة جرائم تمويل الإرهاب، لتساعد الأجهزة المعنيَّة على تجفيف منابع تمويل العمليات الإرهابيَّة.