الجدل التحكيمي لمباريات كرة القدم صراع قائم على مر العصور، تحديثات في قوانين لعبة كرة القدم بين الحين والآخر، لكنها لم تجد نفعا، فما زال الحكم بين موقفين إما جانٍ أو مجني عليه، وفي كلتا الحالتين يظل الحكم صامتا تجاه ما يحدث من حوله لأنه "قاض"، لا ينطق إلا بالحكم، ولا يعلق عليه، فأسبابه لنفسه مهما كانت وصلات النقد، وعن كيفية حفظ الحكم لحقوقه، وكيف تحافظ الأندية المتضررة من الحكام على حقوقها، "اندبندنت عربية" تفتح هذا الملف الشائك في كل الدوريات وبالأخص العربية منها.
"اندبندنت عربية" تعرض حالة حدثت بالجولة الأخيرة بالدوري المصري وكان بطلها نادي النجوم والحكم إبراهيم نور الدين الذي تغاضى عن احتساب ركلة جزاء للفريق أمام طلائع الجيش، وبعدها هاجم رئيس نادي النجوم حكم اللقاء ليتم إحالته للجنة القيم والأخلاق بالاتحاد المصري لكرة القدم.
محمد الطويلة، رئيس نادي النجوم، قال لـ"اندبندنت عربية": "إبراهيم نور الدين الذي أدار المباراة ظهر بمستوى لا يناسب لقاء في دوري الدرجة الرابعة، لماذا لا يحاسب من لجنة الحكام وعصام عبد الفتاح رئيس اللجنة؟!، فقد حاسبوني ولم أكن مخطئا، بل أردت أن أدافع عن حقوق النادي؟".
عقوبة غير معلنة
"اندبندنت عربية" توجهت إلى بعض المحكمين العرب، وعلى رأسهم عصام عبد الفتاح، عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة المصري ورئيس لجنة الحكام، لمعرفة الضوابط التي يتم على أساسها معاقبة الحكم في حالة ثبوت أخطاء قراراته خلال المباراة.
عبد الفتاح قال: "أي حكم يخطئ نعاقبه، ويتم إيقافه، لكننا لا نعلن العقوبة، وهذا أمر متبع في العالم كله، يتم الإعلان فقط عن حالات الرشوة أو ثبوت إدانة الحكم في عملية تلاعب، لكننا نحمي الحكام أيضا من أي هجوم عليهم، لأنهم بشر معرضون للخطأ، وهم أحد أهم عناصر اللعبة".
عواقب الخطأ تحكم العقوبة
الحكم السعودي محمد العيسى يرى أن هناك عدة أمور يجب أخذها في الاعتبار قبل معاقبة الحكم، وهي هل زاوية الرؤيا للحكم لحظة اتخاذ القرار واضحة أم لا، هل تلك الأخطاء أثرت على نتيجة المباراة أم لا؟".
وأضاف: "لا يمكن إغفال دور الحكم المساعد في قرار حكم الساحة وعلى أساسه تتم المحاسبة".
وتابع العيسى قائلًا: "الحكم عليه أن يتحلى بالنزاهة والعدل، أما معاقبته فتتم من قبل الجهات المختصة".
وبسؤاله عن آلية معاقبة الحكم، رفض العيسي التعليق على الأمر، مشيرًا إلى أن تلك القرارات تصدر عن الجهات المنوطة بالأمر.
وبسؤال حكيم جياد الحكم المغربي قال: "إذا كانت أخطاء الحكم تقديرية أثرت على نتيجة المباراة أو ساهمت في حدوث عنف أو شغب، يتم وقتها إيقاف الحكم لمدة معينة من قبل اللجنة المتخصصة وفي بعض الأحيان يعاقب بالوجود في الأقسام الأدنى من المسابقة".
وأضاف جياد: "التحقيق أو الاستبعاد يتم في حالات الرشوة أو الشك في شبهة معين، ولكن ليس في الأمور التقديرية التي تحدث على أرضية الملعب".
وبسؤاله عن الآلية التي يتم على أساسها معاقبة الحكم هل ينبغي أن يتقدم النادي المتضرر بشكوى أو يتم ذلك من خلال لجنة الحكام أجاب: "لا علاقة للنادي بعقاب الحكم، أو تحويله للتحقيق، يمكن للنادي رفع رسالة احتجاج فقط أو تظلم للاتحاد المحلي، ولكن الأهم في الأمر هو أن لكل مباراة مراقبا معنيا برفع تقرير مفصل عنها، وعلى ضوء هذا التقرير ينصف الحكم أو يعاقب بالإيقاف".
وأكمل: "أما إذا كان لدى الفريق المتضرر حجة أو دلائل على شيء سلوكي تجاه الحكم مثل الرشوة أو ما شابه ففي هذا الحالة تُرفع شكواهم مباشرة إلى رئيس الاتحاد المحلي لبحث الأمر، واتخاذ الإجراءات التأديبية في حق المتورطين".
من جانبه اقتصر الحكم المغربي سمير قزاز إجابته عن السؤال المطروح بأن اللجان المشرفة على التحكيم في كل بلد هى المعنية بوضع المعايير الخاصة باستبعاد حكم أو معاقبته، لافتًا إلى أن دور الحكم يقتصر على تطبيق القانون في أرضية الملعب فقط.
الإعداد البدني
الحكم الدولي السعودي خليل جلال الذي تم ترشيحه مسبقاً من قبل الفيفا ضمن قائمه أفضل 50 حكما في العالم 2008 ، وضع لـ"اندبندنت عربية" عدة معايير يتم على أساسها محاسبة الحكام في جميع الدوريات أولها مدى جاهزية الحكم واستعداده لإدارة المباراة لافتًا إلى ضرورة الإعداد البدني الجيد أهم هذه العوامل.
وأضاف جلال: "محاسبة الحكم تكون على الأخطاء المؤثرة في نتيجة المباريات كذلك الأخطاء الكبيرة حتى وإن لم تؤثر على مجريات اللقاء".
وتابع: "العقوبات تشمل الإيقاف أو النزول إلى المستوى الأقل"، مضيفًا أن هناك عدة أمور يتوجب التحقيق فيها مثل وقوع الحكم أو تورطه في أمور مشبوهة مثل الرشوة أو التلاعب في نتيجة المباراة، كذلك التواصل مع أي شخص له علاقة بأحد طرفي المباراة وفي حالة ثبوت التهمة يتوجب شطبه وتحويله للجهات الأمنية.
وبسؤاله عن نوعية الأخطاء التي تستوجب محاسبة الحكم أجاب: "من المفترض أن تكون جميع الأخطاء الكبيرة المؤثرة وغير المؤثرة محل نظر من قبل لجنة الحكام بغض النظر إذا تقدم الفريق المتضرر بشكوى أم لا، مثل عدم احتساب ركلة جزاء، أو احتساب أخرى غير صحيحة، كذلك طرد أحد اللاعبين أو احتساب هدف تسلل والعكس صحيح".