تفاعل الأردنيون مع الانتفاضة الشعبية في لبنان على نحو ملفت، وبشكل أعاد إحياء احتجاجات الشارع الأردني ضد الفساد في الأردن.
فبعد غياب طويل لاحتجاج الناشطين الأردنيين على الدوار الرابع وسط عمّان، عادت الحياة إلى الحراك الأردني وبزخم أكبر على وقع الاحتجاجات اللبنانية التي يتابعها الأردنيون باهتمام.
اهتمام لافت
وتسيّد شعار "كلن يعني كلن" الذي بات أيقونة الاحتجاجات اللبنانية، هتافات المعتصمين في العاصمة عمّان، في دلالة على مطالبتهم بمحاسبة جميع الفاسدين في الأردن من دون استثناء.
وتصدرت وسوم تتعلق بالحراك في لبنان مثل # لبنان_ينتفض اهتمام الأردنيين على تويتر ووسائل التواصل الاجتماعي، فيما أبدى كثير من الأردنيين إعجابهم بالحراك اللبناني من حيث سلميته ورقيه.
واستلهم محتجون في مدن الرمثا والهاشمية فكرة إغلاق الطرق في وقت توافد فيه مئات الأردنيين إلى منطقة الدوار الرابع في العاصمة عمّان داعين إلى تنظيم مليونية لمحاربة الفساد الأسبوع المقبل.
وطالب النشطاء الحكومة باتخاذ خطوات مماثلة للتي اتخذتها الحكومة اللبنانية بتخفيض رواتب الوزراء والنواب وكبار المسؤولين لتخفيض عجز الموازنة.
وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي عشرات مقاطع الفيديو التي تعلق على الحركة الاحتجاجية في لبنان، كان أبرزها لشاب أردني يصف فيه بطريقة محببة الانتفاضة البنانية بالبساطة والجمال، مضيفاً أن الشعب الأردني لو خرج في تظاهرات مشابهة لثلاثة أيام فقط سيكون بذلك حقق كل أمنياته، واصفاً ما يحدث في لبنان بأنه أجمل من مهرجانات الأردن.
نموذج يحتذى
واعتبر الاقتصادي ورجل الأعمال الأردني محمد الخشمان، في مقال له، نموذج التظاهر في لبنان بأنه يجب أن يحتذى لأنه أرغم الحكومه على البحث عن تسويات إصلاحيه ترضي الشعب الموحد في مطالبه.
وأضاف الخشمان "نحن في الأردن نقف على مسافة واحده وبصورة متزنة في متابعتنا لما يجري حولنا فإننا الأقرب من النموذج اللبناني في طرحنا المطالبة بالأصلاحات الأقتصاديه".
عدوى الحراك اللبناني
وتقول الصحافية الأردنية غادة الشيخ "من غير الإنصاف ألا تتم قراءة مشهد التفاعل الشعبي الأردني مع أحداث لبنان، ومن غير العدل ألا تتجه عيون الإعلام العربي إلى حجم هذا التفاعل الذي يتزامن مع هموم معيشية وسياسية يعيشها الأردنيون".
وتضيف غادة الشيخ أن من أمثلة حجم التفاعل الأردني مع الحراك اللبناني متابعة المحطات الإخبارية اللبنانية لساعات في بيوت الأردنيين وملاحقة مواقع التواصل الاجتماعي التي تضجّ بمنشورات تدعم أصوات المتظاهرين اللبنانيين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتنقل الشيخ عن ناشطين وحراكيين أردنيين قولهم إن احتمال العدوى من الحراك اللبناني كبيرة لتقارب الشعبين جغرافياً وإقليمياً، فضلاً عن تقاربهما في المعاناة من الفساد المتشابه بين البلدين أيضاً.
وأبدى آخرون أملهم في أن لا يقتصر التشابه اللبناني والأردني في المطالب، بل أن تنتقل العدوى من الإعلام اللبناني إلى الإعلام الأردني، بحيث يكون صوتاً للشعب ومطالبه، كما هو الحال في لبنان.
احتجاجات في لبنان وإصلاحات في الأردن
وكانت الحكومة الأردنية أقرّت جملة من القرارات التي اعتبرت إصلاحية بعد 48 ساعة فقط من انطلاق الاحتجاجات في لبنان، تركزت حول زيادة الأجور وتحفيز الاستثمار، ما حدا بالنشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي إلى التعليق بالقول "الاحتجاجات في لبنان والإصلاحات لدينا".
واعتبر مراقبون أن الحكومة اتخذت خطوة استباقية لاحتواء الحراك الشعبي الذي عاد بقوة إلى الشارع الأردني مستلهماً الحراك اللبناني المتواصل منذ 10 أيام، عدا عن الاحتجاجات في العراق.
وأعلن رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز جملة إجراءات لتحسين الواقع المعيشي والاقتصادي للمواطنين، ضمن 4 محاور رئيسة، هي زيادة الأجور والرواتب، وتحفيز الاستثمار، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، والإصلاح الإداري والمالي.
ويطالب الأردنيون بفتح ملفات الفساد من بينها ملف المؤسسات المستقلة التي يتجاوز عددها 70 مؤسسة باعتبارها أحد الأسباب الرئيسية لتدهور الاقتصاد وارتفاع عجز الموازنة، وتوصف هذه المؤسسات بأنها حكومة ظل تستنزف سنوياً مليارات الدنانير كرواتب فلكية ومخصصات.
وكان الأردن شهد في مايو (أيار) من العام الماضي احتجاجات غير مسبوقة بسبب ارتفاع الأسعار والضرائب انتهت بإقالة حكومة هاني الملقي لتخلفها حكومة عمر الرزاز.