خلافاً للدستور اللبناني الذي يعطي رئيسي الجمهورية والحكومة صلاحيات وضع الاستراتيجيات العامة للدولة اللبنانية، رسم الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله خطاً أحمر عريضاً حول إسقاط الحكومة التي يرأسها الرئيس سعد الحريري، قائلاً "لا نقبل لا بالفراغ ولا بإسقاط العهد ولا باستقالة الحكومة ولا بانتخابات مبكرة لأنها معقدة".
الحريري محرج
مصادر وزارية لبنانية تشير إلى أن السقف الذي وضعه نصر الله يحرج الحريري الذي تطالبه قاعدته الشعبية بالاستقالة الفورية والانضمام إلى صفوف المنتفضين في الشارع، مشيرة إلى أن الحريري طرح فكرة التعديل الوزاري كخيار وسطي بين الخيارات المطروحة، إلا أنه اصطدم أيضاً بجدار وزير الخارجية جبران باسيل الذي يرفض الخروج من الحكومة.
وتشير المصادر إلى أن الرئيس الحريري بات مقتنعاً أن حكومته باتت بحكم الميتة سريرياً ولن تنفع محاولات الإنعاش ولا يستطيع الدعوة لانعقادها وهي لا تزال قائمة بحكم قرار حزب الله. وأضافت أن جهات أوروبية معنية أبلغت القيادات اللبنانية رفضها لأي فض للتظاهرات بالقوة، وطالبت بتشكيل حكومة تكنوقراط من 14 وزيراً برئاسة الحريري، مؤكدةً أن الغرب، وتحديداً فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة، استثمروا كثيراً في تعزيز قدرات الجيش اللبناني عدة وعديداً ولن يقبلوا أن يقف متفرجاً على عمليات القمع التي قد تحصل في حق المتظاهرين السلميين.
حكومة جديدة مقابل 11 ملياراً
وأشارت مصادر دبلوماسية إلى أن موفداً من دولة أوروبية أبلغ السلطات اللبنانية أنه في حال تشكيل مثل هذه الحكومة سوف تعمل أوروبا على تفعيل مقررات مؤتمر "سيدر"، ورفد الاقتصاد اللبناني بـ 11 مليار دولار ومعها حوالى 6 مليارات من الدول العربية للنهوض بالاقتصاد اللبناني، مضيفة أن الموفد حذر من أنه في حال لم تجر الأمور على هذا المنوال فإن لبنان سيدفع ثمن الانهيار الاقتصادي والفوضى التي قد تكون ناتجة منها، إضافة إلى إمكانية تدويل القضية اللبنانية.
ووفق المصادر نفسها، فإن الرؤساء عون وبري والحريري وافقوا على المقترح الأوروبي، إلا أن باسيل ونصر الله رفضا المقترح الذي عملت على تسويقه ابنتا الرئيس ميراي وكلودين. غير أن خيار باسيل- نصر الله نجح في ثني الرئيس عون عن الموافقة على المقترح الفرنسي بحجة أن إقصاء باسيل عن الوزارة يعني عملياً إسقاط الرئيس عون وعهده، وحرمان باسيل من فرصة الترشح للرئاسة.
استياء الحريري
من ناحية أخرى، أشارت معلومات متابعة للقاء الذي جمع الحريري وعون الجمعة في قصر بعبدا، إلى أن الحريري أعرب عن استيائه الشديد لما أقدمت على فعله مجموعات محسوبة على حزب الله نزلت إلى ساحتي الشهداء ورياض الصلح وسط بيروت لإعلان رفضها التعرّض لنصر الله، معتبراً أنّ الأمور "كان من المُمكن أن تتطوّر إلى الأسوأ".
التعديل الحكومي
في السياق يقول النائب عن حزب القوات اللبنانية جورج عقيص، إنّ هذه الحكومة فقدت شرعيتها منذ يوم الأحد الفائت، حين امتلأت الشوارع بأكثر من مليون ونصف لبناني، من كلّ الطوائف والمذاهب والانتماءات، وهتفوا بصوت واحد "هذه الحكومة لم تعد تمثّلنا".
وبرأي عقيص، فنحن اليوم أمام حكومة ساقطة شعبياً، تخالف إرادة الشعب، وتخالف ما ينصّ عليه الدستور بأنّ "الشعب هو مصدر السلطات"، مضيفاً أن "التعامل اليوم يتمّ على أساس أننا أمام حكومة غير شرعية من الناحية الشعبية، وأي قرار يأخذه هكذا نوع حكومات، هو قرار صادر عن حكومة لا تمثّل الناس، والجميع يعرف من هي الأطراف الرافضة لتغيير هذه الحكومة، لأن ذلك لا يتناسب مع مصالحها. وهذه الأطراف ستتحمّل مسؤولية تاريخية أمام الشعب".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جانبه، النائب عن التيار الوطني الحر أسعد درغام، قال إن "الرئيس عون فتح الباب أمام الحوار، من دون وضع أي خطوط حمراء للتفاوض، وقال إنّه يمكن النقاش بكافة المواضيع بهدف الاستجابة لمطالب الناس، وإعادة الثقة بين المواطن والسلطة، هذه الثقة التي إذا أردنا أن نكون واقعيين، هي مفقودة في الوقت الحاضر".
ويضيف "اليوم المطلوب تفهّم مخاوف الرئيس بما يخصّ تغيير الحكومة، فلو تغيرت الحكومة، المشاكل الاقتصادية لن تنتهي، واليوم ما الذي يضمن لنا أن عملية تشكيل حكومة جديدة لن تأخذ وقتاً طويلاً، فهذه الثورة هي وليدة مشاكل اقتصادية ومعيشية، ولكن لا يمكننا الوقوع في الفراغ، وأيضاً لا يمكننا السماح بأخذ البلد إلى اشتباكات أمنية، تأخذنا إلى المحظور".
زج الجيش
في المقابل، أشار الوزير السابق أشرف ريفي، في تصريح عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أن "هدف السلطة زج الجيش بمواجهة ثورة اللبنانيين السلمية كي تهرب من المحاسبة"، لافتاً إلى أننا "كلنا ثقة بأن أهلنا في البداوي واعون لهذه المؤامرة، والثقة كاملة بقيادة الجيش والعماد جوزيف عون، وندعو للتحقيق وتحديد المسؤولية"، مشدداً على أن "الجيش جيشنا، ومؤامرة هذه السلطة ساقطة، كما السلطة".