توجه دونالد ترمب إلى قاعدة مؤيديه في خطاب حال الاتحاد. ويبدو الخطاب هذا، كأنه مُصمم لزيادة حظوظه في 2020، أكثر مما يسعى إلى توحيد الأميركيين على نحو ما أوحى بعضهم في البيت الأبيض.
وطوال 65 دقيقة، ضاعف الرئيس ترمب تشبثه ببعض سياساته المثيرة للجدل، وأضاف عليها بعض المقترحات الجديدة، منها اقتراح يرمي، على وجه التحديد، إلى استمالة المسيحيين الإنجيليين والمحافظين. ولم يُقدم ما يُعتد به لأولئك الذين ينتظرون ما يرصّ صفوف الأمة في وقت يسود الشك وغياب اليقين.
واستهل الرئيس خطابَه، بلغة توحي بأنه يسعى فعلاً إلى توجه جامع عابر للسياسات الحزبية. "المشروع الذي سأعرضه في هذه الأمسية، ليس من بنات أجندة جمهورية ولا ديموقراطية، بل هو مشروع للشعب الأميركي كله"، أعلن ترمب. وقال "في القرن العشرين، أميركا أنقذت الحرية، وغيّرت وجه العلوم، وأعادت تعريف مستوى عيش الطبقة الوسطى على مرأى من العالم كله. والآن، علينا أن نخطو خطوات جسورة وشجاعة نحو الفصل المقبل من هذه المغامرة الأميركية، وأن نرسي أسساً جديدة لمستوى العيش في القرن الحادي والعشرين".
لكن سرعان ما تحوّل خطابه إلى الدفاع عن أكثر سياسات إدارته إثارةً للخلاف، ومنها طلبه تشييد سياج حديدي وقمع الهجرة. ورفض الديموقراطيون الذين يسيطرون اليوم على مجلس النواب، أكثر من مرة مدّه بـ 5.7 مليار دولار طلبها لتشييد الجدار، وأدى رفضه المساومة في هذه المسألة إلى أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، والإغلاق الجديد مرتقب بعد أيام قليلة.
على الرغم من ذلك، وفي حين امتنع عن إعلان حال الطوارئ الوطنية - ومثل هذا الإعلان هو تكتيك متاح قد يوفر له أموال الجدار في معزل من تمويل الكونغرس ، ووصف الهجرة غير الشرعية بـ "الأزمة الوطنية الطارئة". ولاحظ أحد المعلقين أنه أمضى 17 دقيقة وهو يتحدث عن الهجرة. "في الماضي، اقترع الناس في هذه القاعة للجدار، ولكن الجدار المناسِب لم يُشيَّد قط. قال ترمب. "وعليه لنتعاون معاً، ونساوم ونتوصل إلى اتفاق يجعل أميركا فعلاً آمنة". وأضاف: "إدارتي أرسلت إلى الكونغرس اقتراحاً منطقياً لإنهاء الأزمة على حدودنا الجنوبية. وهو يشمل تقديم مساعدات إنسانية، وتعزيز إنفاذ القانون، ورصد المخدرات على أبوابنا، وسدّ ثغرات تسمح بتهريب الأطفال، وخطط عازل جديد أو جدار، لضمان أمن مساحات شاسعة في مداخل بلدنا... عازل حديدي وذكي وإستراتيجي غير صفيق لا يكون جداراً إسمنتياً وحسب".
وكشف ترمب، أنه سيلتقي من جديد الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ- أون، في وقت لاحق من الشهر الحالي في فيتنام، وتبجح بقوة الاقتصاد وبأكثر معدلات البطالة انخفاضاً. وتوسّل بهذه المسألة مهاجمة تحقيق المستشار الخاص، روبرت مولر، في احتمال التواطؤ بين حملة ترمب وروسيا في انتخابات 2016.
"تحدث معجزة اقتصادية في الولايات المتحدة، والأمر الوحيد الذي قد يوقفها هو حروب وسياسات غبية أو تحقيقات حزبية سخيفة. وإذا كان للسلام والقانون أن يتحققا، فلا يمكن أن تكون هناك حرب وتحقيقات. الأمور لا تتمّ على هذا المنوال"، قال ترمب.
وفي تصريحات بدت أنها موجهة إلى المسيحيين الإنجيليين، وهم كانوا شطراً بارزاً من قاعدة مؤيديه، قال ترمب كذلك، إنه سيسعى إلى تشريعات تضع حدّاً للإجهاض المتأخر وتحمي الأطفال "الذين يشعرون بالألم في رحم الأم".
" لا تناقض أعظم من التناقض بين صورة جميلة تظهر أماً تحمل رضيعها، وبين الفظاعات التي شهدتها أمتنا في الأيام الأخيرة. فالمشرّعون في نيويورك، احتفوا بالمصادقة على تشريع يسمح بانتزاع طفل من رحم أمه قبل دقائق من الولادة"، قال ترمب. "هؤلاء أطفال جميلون تنبض فيهم الحياة والأحاسيس، لن تتسنى لهم فرصة مشاركة العالم بحبهم وأحلامهم".
وأضاف "أطلب من الكونغرس إقرار تشريع يحظّر الإجهاض المتأخر لأطفال يشعرون بالألم في رحم الأم. لنعمل معاً لإرساء ثقافة تحتفي بالحياة البريئة. ولنؤكد حقيقة أساسية: كل الأطفال، سواء ولدوا أم لم يولدوا، هم على صورة الرب المقدسة".
وأدلت ستايسي أبرامز برد الديموقراطيين على ترمب، وهي خسرت بفارق ضئيل في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي انتخابات منصب حاكم ولاية جورجيا. ولو فازت به، كانت لتكون أول أفريقية أميركية تشغل مثل هذا المنصب. ومساء الثلثاء، أصبحت أول امرأة سوداء تتلو الجواب الرئيس على خطاب حال الاتحاد. وفي ملاحظاتها، اتهمت ترمب وغيره من الجمهوريين بالتخلي عن العمال الأميركيين وإذكاء الخلافات الحزبية. وفي قاعة اتحادية في ولاية أتلانتا، جمعت بين رؤية حزبها إلى مجتمع متراص أكثر، وبين سيرتها الشخصية، فهي الابنة السوداء المتحدرة من أقصى الجنوب. "هذه قيم عائلتنا: الإيمان والخدمة والتعليم والمسؤولية"، قالت وهي تدعو إلى "فضائل الجماعة". "لا نسعى إلى نجاح كلٍّ بمفرده. ففي هذه الولايات المتحدة، حين نمر في أوقات قاسية، يسعنا أن نثابر لأن أصدقاءنا وجيراننا سيأتون لنجدتنا".
© The Independent