كسر آلاف العراقيون ليل الاثنين الثلاثاء حظر التجول الليلي الذي فرضته السلطات في بغداد لست ساعات يومياً، بعد يوم احتجاجي شهد توافد آلاف الطلاب إلى شوارع مدن عدة في العراق، في إطار التظاهرات المتواصلة في البلاد من الخميس، غير آبهين بتحذيرات السلطات.
وبينما يحتشد المتظاهرون في ساحة التحرير، شهدت محافظة كربلاء عنفاً دامياً مساء الإثنين 28 أكتوبر (تشرين الأول)، وأعلن مسؤول عراقي ارتفاع حصيلة ضحايا إطلاق النار على المحتجين في كربلاء إلى 18 قتيلاً، واتهم المتظاهرون قوات أمنية خاصة بإطلاق الرصاص الحي لتفريقهم، وارتكاب مجزرة في المدينة فجر اليوم الثلثاء.
وأعلن التلفزيون العراقي فجر الثلاثاء أن المتظاهرين يواصلون فعالياتهم في ساحة التحرير وشارع السعدون وساحة الخلاني وشارع أبو نؤاس في بغداد.
أكثر من 250 قتيلاً
ومنذ بداية الحراك الشعبي في الأول من أكتوبر في العراق احتجاجاً على غياب الخدمات الأساسية وتفشي البطالة وعجز السلطات السياسية عن إيجاد حلول للأزمات المعيشية، قُتل ما لا يقل عن 250 شخصاً وأُصيب أكثر من ثمانية آلاف بجروح، عدد كبير منهم بالرصاص.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وشهدت الاحتجاجات الاثنين 28 أكتوبر، مشاركة واسعة جداً من طلاب المدارس والجامعات الذين يمثلون فئة الشباب التي تشكل 60 في المئة من سكان العراق، وتعاني البطالة في بلد مزقه الفساد، كما شهدت مدن كثيرة، من بغداد حتى البصرة جنوباً، تظاهرات مطلبية شارك فيها الآلاف، بينها اعتصامات.
إضراب عام
وأعلن المجلس المركزي لنقابة المعلمين العراقيين الاثنين الإضراب العام في عموم مدارس العراق لمدة أربعة أيام تضامناً مع المتظاهرين، والتحقت نقابات مهن مختلفة بينها نقابة المحامين، التي أعلنت إضراباً لمدة أسبوع، ونقابة المهندسين بالاحتجاجات، على الرغم من الإجراءات الأمنية التي تعرقل الوصول إلى أماكن الاعتصامات والتظاهرات.
وتزايدت أعداد المتظاهرين في ساحة التحرير التي تغطي جزءًا كبيراً منها خيم وأكشاك لتقديم الطعام وتأمين حماية للمتظاهرين من القنابل المسيلة للدموع التي تطلقها قوات الأمن. في غضون ذلك، انتشرت قوات مكافحة الشغب في محيط الجامعات للحد من توسع رقعة التظاهرات.
وشهدت مدن مختلفة تظاهرات طلابية حاشدة، بينها الكوت والديوانية والناصرية والحلة والعمارة وميسان والبصرة، تمتد وسط وجنوب البلاد. ففي الديوانية الواقعة على بعد 200 كيلومتر جنوب بغداد، قرّر الأساتذة والطلاب في كل الجامعات الحكومية والخاصة "اعتصاماً لمدة 10 أيام حتى سقوط النظام".
وخلال الاحتجاجات التي ارتدى بعضها طابعاً عنيفاً، هوجمت مقار أحزاب وفصائل مؤيدة لإيران. وخرج آلاف الطلبة إلى الشارع في البصرة التي شهدت احتجاجات دامية مماثلة في صيف عام 2018.
احتجاجات غير مسبوقة
وللمرة الأولى منذ انطلاق الحراك المطلبي مطلع أكتوبر الحالي، انضم طلاب من مدينة بعقوبة، كبرى مدن محافظة ديالى شمال شرقي بغداد والمتاخمة لإيران، إلى الاحتجاجات التي تجمهرت عند مبنى مجلس المحافظة الذي استقال اثنان من أعضائه تضامناً مع المحتجين. وتُعتبر هذه الاحتجاجات غير مسبوقة في التاريخ العراقي الحديث، وبدأت عفوية بسبب الاستياء من الطبقة السياسية برمتها، وصولاً حتى إلى رجال الدين.
وشهدت التظاهرات المطلبية أيضاً سابقة في العنف بالتعاطي معها، إذ سقط 157 قتيلاً في الموجة الأولى منها بين الأول والسادس من أكتوبر، و82 قتيلاً حتى الآن في الجولة الثانية التي بدأت مساء الخميس.
وكان مجلس النواب العراقي صوّت خلال جلسة عُقدت الاثنين بالإجماع لتشكيل لجنة تعديل الدستور وإلغاء جميع امتيازات المسؤولين الكبار في محاولة لتهدئة الاحتجاجات الغاضبة ضد الطبقة الحاكمة في البلاد. وجاءت هذه الجلسة غداة إعلان أربعة نواب عراقيين تقديم استقالاتهم من البرلمان رفضاً لأداء الطبقة السياسية التي يتهمونها بـ "الفشل" في الاستجابة لمطالب الحركة الاحتجاجية.
وكان نواب رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر بدأوا السبت اعتصاماً مفتوحاً داخل البرلمان "إلى حين إقرار جميع الإصلاحات التي يُطالب بها الشعب العراقي".
قصف معسكر التاجي
وفي خضم الاحتجاجات، سقطت قذيفتا هاون مساء الاثنين على معسكر التاجي حيث يتمركز جنود أميركيون شمال بغداد، بحسب ما قال مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية، مشيراً إلى أن "قذيفة ثالثة سقطت في محيط المعسكر، من دون أن تنفجر". ولاحقاً، أوضح وزير الدفاع العراقي نجاح الشمري أن معسكر التاجي لم يتعرض لأي ضرر نتيجة سقوط صاروخ بالقرب منه، مشدّداً على ضرورة الحيطة والحذر والحفاظ على سلامة جميع الموجودين في المعسكر.