تخضع معلِّمة أستراليّة للتحقيق بعد ظهورها في شريط مصوّر تبلغ فيه تلاميذها أن الضحية التي تختار ملابس كاشفة تتحمّل جزءاً من المسؤوليّة عن الاعتداء الجنسيّ.
يقول تلاميذ أنّ المعلِّمة في ثانوية "سوانسي" في ولاية نيو ساوث ويلز أبلغت أحد الصفوف أنّ "جميع الرجال يكافحون يومياً لكبح رغباتهم بالاعتداء على النساء أو التحرّش بهنّ".
نتيجة لذلك، تظاهر عشرات التلاميذ في المدرسة صباح يوم الاثنين الماضي، متّهمين المعلِّمة بـ “إلقاء اللوم على الضحية"، وطالبوا المدرسة بطردها. ورفع التلاميذ خلال التظاهرة لافتة صنعوها بأنفسهم تحمل شعاراً يقول، "ليس لدى كل الرجال الرغبة في الاغتصاب. وللنساء الحق في ارتداء ما يحلو لهنّ".
يذكر هؤلاء أنّهم تلقوا إنذاراً بالفصل من المدرسة إذا نشروا على فيسبوك شريطاً مصوّراً تجادل فيه المعلِّمة بأن خيار النساء من الملابس يؤدي دوراً في تعرّضهن للاغتصاب.
ومن الممكن فعلاً سماع صوت المعلِّمة في المقطع المصوَّر وهي تقول لتلاميذها خلال حصة التاريخ إن جيلهم "لا يفهم". ويعلّق أحد التلاميذ في الفيديو مخاطباً المعلمة، "لا يهم ما ترتديه الضحية، كان عنصر عدم القبول بالأمر موجوداً بغض النظر عن أي شيء.. لقد قالت لا". لكنّ المعلِّمة تسارع بالرد كما يُظهر الشريط، مؤكدة "لا، إنه يهم، وما ترتديه يؤثر كثيراً، وهذا هو السبب في أن جيلك لا يفهم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال التلاميذ إنّهم كانوا يتلقون درساً حول التغيّر الذي طرأ على نمط الأزياء منذ خمسينيات القرن العشرين، عندما توجّهت المعلِّمة بذلك الكلام إليهم.
وفي تصريح لموقع "نيوز دوت كوم دوت أي يو"، ذكر أحد التلاميذ "تطرّقت معلمتنا فجأة خلال الدرس إلى قصة فتاة تعرّضت للاغتصاب أخيراً في مدينة نيوكاسل الأستراليّة، وأنّ الفتاة عندما اتصلت بالنادي الليليّ حيث كانت، لم تسلم من اللوم لأنّها كانت ترتدي ملابس فاضحة.. وشرعت المعلِّمة بعد ذلك مباشرة، في إيضاح كيف أنّه كان على الضحية أن تتحمّل المسؤولية عمّا كانت ترتديه في تلك الليلة. قالت وقد اعتراها غضب شديد، إنّ جيلنا نحن التلاميذ لا يعرف شيئاً، وإنّ عليّنا أن نتعلّم، وإنّ ضحايا الاغتصاب لا يمكنهن أن يعتقدن أنّهن ضحايا مئة في مئة".
في سياق متصل، ذكرت وزارة التعليم في نيو ساوث ويلز أنّها تدرس الملاحظات حول هذا الأمر وأبلغت وسائل الإعلام أنّ المعلِّمة ستتغيب يوم الاثنين، فيما أتيح للتلاميذ الاستفادة من استشارة مختص إذا أرادوا ذلك.
من جهتها، قالت شيلبي كواست من منظمة "إيكويلتي ناو" (المساواة الآن)، وهي منظمة غير حكوميّة تهدف إلى تعزيز حقوق النساء والفتيات، إنّه "لا يجدر بالمدرِّسين أن يكرسوا الصور النمطية الجندريّة الضارة، أو الترويج لثقافة إلقاء اللوم على الضحايا. الشخص الوحيد المسؤول عن الاغتصاب هو المغتصب نفسه، وإنّ كانت المدارس لا تقول ذلك لتلاميذها فنحن إزاء مشكلة خطيرة تحتاج إلى تصحيح فوراً".
وتابعت أنّ "التثقيف الجنسيّ النوعيّ الجيد يؤدِّي دوراً أساسيّاً في التصدّي للثقافة التي تسمح للعنف الجنسيّ والإكراه بالتنامي. بدورها، تتحمّل المدارس أيضاً المسؤولية عن التأكّد من أنّ الأطفال يشعرون بالأمان، وتقديم الدعم اللازم لهم كي يتحدّثوا علناً في حال تعرضهم لاعتداء جنسيّ.. لم يبلغ كثير من ضحايا الاغتصاب وغيره من أشكال الاعتداء الجنسيّ سنّ الـ 18 بعد، لذلك من المهم إعطاء التلاميذ في عمر مبكر دروساً تثقيفيّة جنسيّة مناسبة، تشمل العلاقات الصحيّة والصحة الجنسيّة ومعنى القبول بممارسة الجنس مع الآخر، فضلاً عن الحقوق المتعلقة بأجسادهم".
في هذا السياق، وجدت دراسة أنّ واحداً من كل سبعة شبان أستراليين يعتقد أنّ الرجل يمكنه أن يُجبر المرأة على ممارسة الجنس في حال بدأت بذلك ثم عدلت في رأيها. وكشف "تقرير الشباب حول مواقف المجتمع الوطنيّ من العنف ضدّ المرأة"، الذي نُشر في شهر مايو (أيار) الماضي، أنّ لدى الكثير من الشباب آراء مقلقة بشأن الموافقة على ممارسة الجنس والعلاقات التي تنطوي على إساءة المعاملة.
وكشفت الدراسة عن أنّ واحداً من بين كل ثلاثة رجال يعتقد أن النساء اللواتي يزعمن أنّهن تعرّضن للاغتصاب قد مارسن فعلاً الجنس بالتراضي إنما شعرن بالندم لاحقاً. وأنّ واحداً من كل خمسة شباب يرى أنّ العنف المنزلي رد فعل طبيعيّ على الإجهاد الذي يكابده الرجل.
لا تختلف الحال في المملكة المتحدة، حيث يعتقد معظم الرجال أنّ المرأة تصبح أكثر عرضة للتحرّش الجنسيّ أو الاعتداء عليها إذا كانت ترتدي ملابس كاشفة، وذلك وفقاً لاستطلاع حصريّ أجريّ لصالح صحيفة "اندبندنت". وأظهر أيضاً أنّ 55% من الرجال يرون أنّه "كلما كانت الملابس التي ترتديها المرأة فاضحة، كلما ازداد احتمال تعرضها للمضايقة أو الاعتداء". ووجد البحث الذي أجرته شركة الاستقصاء "دي- سيفور" أنّ الرجال أكثر ميلاً من النساء بشكل ملحوظ إلى التمسك بهذا الرأيّ، إذ أيدت نسبة 41% من المشاركات الرأيّ القائل إنّ الملابس الفاضحة تستدعي تحرّشات جنسيّة غير مرغوب فيها.
وقال "مركز دبلن للعلاج من أزمات الاغتصاب"، الذي يدير خطا هاتفياً مجانياً للمساعدة على مدار 24 ساعة للأشخاص الذين تعرّضوا للاعتداء الجنسيّ، إنّ النتائج توضح إلى أي مدى يتغلل إلقاء اللوم على الضحايا داخل المجتمع.
تحدّثت في هذا الشأن نولين بلاكويل رئيسة المركز فقالت إنّ "ثمة افتراضاً، لا تؤكده أي أدلة، بأنّ أسلوب المرأة في الملابس يؤدي على الأرجح إلى الاغتصاب أو الاعتداء الجنسيّ عليها.. ولكن في الواقع، يتعرّض الناس للاغتصاب وهم يرتدون مجموعة متنوّعة من الثياب. تمثِّل الفكرة القائلة إن المرأة التي تخرج شبه عارية ستتعرّض للاغتصاب الخرافة الأكثر شيوعاً عبر الأجيال. في الحقيقة، يمكن أن تواجه الاعتداء على الرغم من أنّها ترتدي سروال جينز أو زيّاً مدرسيّاً أو حتى بيجاما".
(اتصلت "اندبندنت" بالمدرسة والمعلِّمة للتعليق على الحادثة)
© The Independent