دعا رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، إلى تشكيل حكومة إنقاذ من ذوي الاختصاص للخروج من الأزمة التي يشهدها البلد.
وأكد جعجع بعد اجتماع تكتل "الجمهورية القوية" أن "استمرار الوضع على حاله"... يمثل الذهاب "إلى المجهول".
وفيما طالب بـ “خطوة إنقاذية"، دعا إلى "أخذ 17 تشرين كعامل جديد مستجد على الساحة". وقال "علينا الذهاب إلى حكومة تكنوقراط، لأنها الخلاص، وهي لا تعني حكومة مستشارين، بل حكومة إنقاذ من ذوي الاختصاص، فلو نجحت الحكومات السياسية لما لقينا هذا الرد من الشارع".
واعتبر أن "المميز في هذا التحرك الشعبي أنه كان صادقا وشفافا"، لافتا إلى أن "التحركات الكبيرة في السابق كـ 14 آذار، كانت دائما تعبر عن خطّ سياسي معين، إنما هذا التحرك تخطى الطوائف والحدود".
وأضاف أننا "حاولنا تجنب ما حصل ابتداء من اجتماع بعبدا الاقتصادي، ولكن للأسف لا نتيجة، وسقطت الحكومة تحت وطأة الحراك".
وكان الوزراء المنتمين إلى حزب القوات اللبنانية قد استقالوا من الحكومة في أول أيام الحراك وظل الحزب يدفع لاستقالة الحريري ورحب بقرار الاستقالة ودعا إلى تشكيل حكومة جديدة من اختصاصيين.
عون يدعو إلى تشكيل حكومة متجانسة
وفيما حملت كتلة حزب الله النيابية (الوفاء للمقاومة)، الرئيس المستقيل مسؤولية هدر الوقت باستقالته، لا تزال المراوحة والمماطلة مستحكمة بالمشهد الحكومي. فمساء الخميس، خاطب رئيس الجمهورية ميشال عون اللبنانيين في الذكرى الثالثة لتوليه منصبه، عارضاً إنجازات عهده في السنوات الأولى، مشاركاً المتظاهرين ثورتهم على السلطة والفساد، وخطابه في هذا الجزء يصلح لأن يكون خطاب الثائرين. لكنه لم يتطرق إلى موعد الاستشارات النيابية الملزمة التي يفترض أن تطلق إشارات إيجابية حيال حرص السلطة على تسريع خطوات تأليف الحكومة.
ولكن كلمة الرئيس لم توجه هذه الإشارة، بل شكلت محور استفهام حيال دعوته إلى حكومة متجانسة، وهذا ما وصفته أوساط سياسية بأنه بمثابة تهويل بحكومة من لون واحد، مع كل ما ترتبه من ارتدادات خطيرة على الوضع الداخلي. علماً أن مثل هذه الدعوة تضعها الأوساط أيضاً في إطار الضغط على الحريري لعدم وضع شروط تتعلق بشكل الحكومة وأعضائها، إذا تم تكليفه مجدداً.
بعد الاستقالة غير ما قبلها
بات واضحاً أن ما قبل استقالة الرئيس سعد الحريري في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 لن يكون كما قبلها، تماماً كما أن لبنان بعد 17 منه، تاريخ اندلاع الانتفاضة الشعبية العارمة في ساحاته، لن يكون كما قبله.
وإذا كان هذان التاريخان قد غيرا وجه لبنان بعد التسوية السياسية التي أفضت إلى انتخاب عون رئيساً للجمهورية، والحريري رئيساً لحكومة العهد الأولى وكل حكوماته اللاحقة، فإن خطاب رئيس الجمهورية في مناسبة الذكرى الثالثة لانتخابه رئيساً، وخطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، المرتقب اليوم الجمعة في حفل تأبيني، وهو للمفارقة الخطاب الثالث في أسبوعين، محطتان من شأنهما أن تحددا الخيارات التي سيلجأ إليها هذا الفريق الذي يملك حتى الآن الغالبية النيابية القادرة على حسم اسم المرشح لترؤس حكومة العهد الثانية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حتى الآن، لا يزال الغموض يلف المشهد السياسي اللبناني، في ظل تريث رئيس الجمهورية في دعوة الكتل النيابية إلى الاستشارات الملزمة، وفق ما ينص عليه الدستور اللبناني، والتي على أساسها تتم تسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة العتيدة.
في المعلومات المتوافرة، فإن التريث يعود إلى رغبة الفريق الرئاسي درس الخيارات المتاحة، بين الحفاظ على بنود التسوية من خلال إعادة تسمية الحريري أو الذهاب إلى اختيار شخصية سنية ثانية، علماً أن مثل هكذا خطوة تعتبرها الأوساط السنية استفزازية، نظراً إلى أن الحريري لا يزال الزعيم الأقوى في طائفته، ويملك الكتلة النيابية السنية الأكبر في البرلمان، ولا بد للقوى السياسية المعنية بالتأليف أن تأخذ هذا الأمر في الاعتبار.
استياء عون
في المعلومات أيضاً، تفسير آخر، يعزوه بعض المراقبين إلى استياء فريق رئيس الجمهورية من خروج الحريري عن التسوية، وعن التوافق الذي كان تم بينه وبين عون والثنائي الشيعي الذي يمثله حزب الله وحركة أمل، والقاضي بالتريث وعدم الرضوخ لمطلب الشارع. ذلك أن الرئيس المستقيل كان أعرب أكثر من مرة منذ اندلاع الانتفاضة، عن انزعاجه من وزير الخارجية جبران باسيل، على الرغم من الشراكة التي جمعت بينهما، وأدت إلى ابتعاده عن حليفيه الأساسيين، القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، بعدما حمّله مسؤولية تعطيل الكثير من القرارات والإجراءات، التي لو اتخذت لكانت وفرت على الناس الانتفاض في الشارع، كما كانت وفرت على البلاد خطر الانهيار والإفلاس الجاثم فوق رؤوس الجميع من دون استثناء.
التريث لم يوقف حركة الاتصالات والمشاورات على كل الخطوط. وكان لافتاً الاجتماع الذي جمع الحريري إلى وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل على مدى ساعة ونصف الساعة. والمعلوم أن خليل هو المعاون السياسي لرئيس المجلس نبيه بري، الذي بقي خارج صورة الحركة السياسية طيلة أسبوعي الانتفاضة، بعدما تردد اسمه واسم عقيلته رندا في ملفات فساد. وتفيد المعلومات أن حزب الله لا يمانع عودة الحريري إلى ترؤس الحكومة على الرغم من استيائه الشديد من عدم انصياع الأخير إلى طلب الحزب إليه عدم الاستقالة. ذلك أن ما دفعه إلى الاستقالة لم يكن بسبب اشتباك بينهما، بل بسبب باسيل. لكن يبقى على الحزب البحث عن الصيغة التي ستعيد الحريري إلى رأس الحكومة، من دون كسر الحليف المسيحي الأبرز المتمثل بباسيل.
وينتظر أن تحسم كلمة نصر الله بعد ظهر اليوم المسار الحكومي، تكليفاً وتأليفاً، حتى لو أن مسار الأمور منذ اندلاع الانتفاضة وإطلالتَي نصر الله، بيّن أن الحزب لم يعد يملك الكلمة الفصل، ما لم يلجأ إلى تسخير قوته العسكرية لذلك. وعندها تذهب الأمور في اتجاهات تصعيدية خطيرة لن يحتمل لبنان عواقبها.