تدرس لجنة الشؤون الامنية في مجلس الشورى السعودي نظاما لمكافحة الهجرة الاستيطانية غير المشروعة الى السعودية، إذ حذر مقدم المشروع استاذ العلوم السياسية الدكتور صدقة بن يحيى فاضل من توافد أعداد كبيرة وبطرق وأعذار شتى إلى المملكة ليس بغرض الزيارة أو السياحة الدينية، أو العمل النظامي، بل بهدف "الاستيطان الدائم".
وذكر فاضل لـ"اندبندنت عربية"، أنه يهدف من وراء مقترحه في المجلس "علاج مشكلة مجتمعية خطيرة وملحة، هى الهجرة الاستيطانية غير المشروعة إلى بلادنا. وهي مشكلة تختلف عن موضوع هجرة العمالة الوافدة إلى المملكة، وان كان هناك شيء من التداخل بين الموضوعين، باعتبار أن جزءا من غير النظاميين يمارس عملا، لذا فان هذه المشكلة يجب التعامل معها بما يتفق وطبيعتها المختلفة قليلا عن مشكلة العمالة الوافدة ".
5 مليون مستوطن غير شرعي في السعودية
واعتبر فاض أن المشكلة يصل عمرها ما يقارب خمسة عقود، إذ "بدأت منذ أن من الله على هذه البلاد بالثروة النفطية وما زالت تتراكم ويتفاقم خطرها منذ ذلك الحين . أما عدد من ينطبق عليهم هذا الوصف الآن فغير معروف بدقة لعدم توثيق هذه الإقامة، ويقدره البعض بحوالي 4 – 5 مليون نسمة، ينتشرون في المكرمة وجدة والمدينة المنورة والطائف والرياض والدمام ومناطق عسير وجازان ، وغيرها. وهناك أحياء كاملة في هذه المدن تعج بأعداد كبيرة من هؤلاء" .
ورأى أن عدة خيارات ووسائل يمكن التفكير فيها للتعامل مع الظاهرة ولا يجب الأخذ بوسيلة واحدة دون غيرها. "لكن الأهم أن توقف هذه الهجرة أولا ولا تتواصل وبكل الوسائل الممكنة، فمن حق بلادنا أن تمارس سيادتها على أرضها، وبما يكفل حماية أمنها واستقرارها وراحة شعبها".
وطالب فاضل بضرورة تشكيل لجنة وطنية عليا من الجهات الحكومية المعنية ، تقوم – ضمن ما تقوم به – بحصر هؤلاء، وتجميع كل المعلومات الاساسية عنهم، ثم التفاهم مع بلدانهم الاصلية بشأن وضعهم ومستقبلهم.
لم تجن المملكة من الاجانب سوى الهجوم
ولفت عضو الشورى إلى أن المملكة تعتبر من حيث المستوى المعيشي من البلاد المتميزة، ومن ذوات الهجرة الجاذبة، أو التي تحسب ملاذاً فردوسياً لبعض المعدمين المحيطين. "فبلادنا، بفضل ما حباها الله به من نعم واستقرار، أصبحت هدفاً لهجرة استيطانية مكثفة، وغير مشروعة، مصدرها بعض بلاد أفريقيا وآسيا، وعناصرها بشر من أسفل السلم الاجتماعي في بلدانهم لدرجة أنه مهما كان مستوى عيشهم بالمملكة متدنياً ، فإنه ربما يظل أفضل من مستواهم المعيشي في مساقط رؤوسهم".
وذكر أن بلاده لم تجن من هذه الشريحة سوى الهجوم الضاري والأذى، "فمعظم أقسام الشرطة لدينا تنوء بمشاكل وقضايا مصدر أغلبها هؤلاء، تلك المشاكل التي تبدأ بالمخالفات والتزوير، وتنتهي بالترويع والقتل مروراً بترويج المخدرات ، والدعارة ، والسرقة، والشعوذة ، ونشر الأوبئة... الخ".
ونبه إلى أنه لا يتحدث عن الأجانب بصفة عامة "وإنما عن فئات معروفة، من شذاذ الآفاق"، مؤكداً أن هناك مقيمون كثر "أفادوا بلادنا واستفادوا منها، وبعضهم أصبح بإمكانه طلب الجنسية، بعد صدور نظام الجنسية الجديد، الذي يتيح للمتميزين ( إيجابا ) فرصة التجنس، أما الذين يملؤون شوارعنا وأزقتنا قذارة وجرما ورعبا فلا أهلاً ولا سهلا". على حد قوله.
الضغوط الدولية قد تفرض تجنيسهم
وأبدى فاضل تخوفه من "أن تجد المملكة نفسها في المدى الطويل، مضطرة تحت ضغوط دولية لقبول هؤلاء في الطيف السعودي المتميز، علما بأن بقاء هذه الفئة على أي له أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية سلبية، بالغة الخطورة، مما لا يخفى عن المعنيين"، مختتماً حديثه باقتراح أن "تستمر حملات التفتيش لتصفية البلاد من هذه الفئة المخالفة، خاصة في ظل التزايد الهائل لأعدادهم ، بين ظهرانينا. وهذه الحملات لن تنجح تماما إلا بتعاون المواطنين مع وزارة الداخلية".
180 مليار يتم تداولها خارج المصار
وفي جانب متصل بالعمالة غير النظامية ذكر عضو الشورى الدكتور عبدالله الحربي بأن النقد المتداول خارج المصارف السعودية يبلغ اكثر من 180 مليار ريال والرقم في ازدياد، ورغم خطورة هذه المعلومة لم تضع وزارة التجارة استراتيجية مع الجهات ذات العلاقة للعمل على الحد من التستر.
هذا واعتبر عضو الشورى الدكتور فهد بن جمعة ان انتشار المحلات التجارية بالشوراع بعشوائية (صيدلية، بقالة، سباك، كهربائي، إلكترونية) هي سبب الاقتصاد الخفي وغسل الاموال وتزايد الجريمة وبؤرة التستر التجاري حيث تسرح فيها العمالة وتزاحم السعوديين .
وقال: "تقليص هذه المحلات ضرورة مع وجود السوبرماركت الكبيرة التي تعزز المنافسة المكانية بأسعار مناسبة وجودة أفضل؛ فتقليص هذه العشوائيات يعظم الإيرادات الحكومية، ويحفز التوظيف، ويخفض تكاليف الوزارات ذات العلاقة، ويجعل من الرقابة والتفتيش أمرًا سهلًا عندما تتركز هذه المحلات على مسافات محددة وفي نقاط محددة".
وقال "إن ما يتم تحصيله من رسوم على سجلات أو تراخيص هذه المحلات، أقل بكثير مما تخسره الحكومة من إيرادات من خلال التستر والتهرب الزكوي والضريبي، وخروج معظم قيمة مبيعات هذه المحلات إلى الخارج في إطار حوالات مالية أو عينية أو بطرق أخرى".
وأشار "بن جمعة" إلى أن الأمر يتطلب اتخاذ قرارات حاسمة يتم تنفيذها بدلًا من ضياع الجهد والمال؛ فتهدف رؤية 2030 إلى زيادة مشاركة المنشآت الصغيرة من 20% إلى 35% في إجمالي الناتج المحلي، ولتحقيق هذه الأهداف نحتاج إلى منشآت صغيرة تعتمد في أعمالها على التقنية والعمالة السعودية، وتحقق قيمة مضافة للاقتصاد وتعزز الإيرادات الحكومية غير النفطية، وتقلص معدل البطالة على المدى القريب والبعيد".
وأوضح: "هذه المحلات تستنزف مواردنا الاقتصادية المدعومة وغير المدعومة، بل إنها دعمت تفشي ظاهرة البطالة بين السعوديين منذ عقود، وعلينا تغيير هذا المشهد، لقد حان الوقت لتوظيف أبنائنا وبناتنا في ظل توفر بيئة عمل جاذبة وملائمة لهم".
وقد اشارت اخر احصائيات من وزارة التجارة الى ارتفاع عدد قضايا التستر التجاري المحالة إلى النيابة العامة بنسبة 46 في المائة خلال الربع الأول من العام الجاري، لتبلغ 438 قضية مقارنة بـ298 قضية تم رفعها خلال الربع الأول من 2018.
وأوضحت الوزارة، أن الفرق الرقابية للوزارة نفذت جولات تفتيشية خلال الفترة نفسها، شملت 5251 منشأة تجارية للتحقق من التزامها بنظام مكافحة التستر التجاري.