أظهرت البيانات الاقتصادية الصادرة عن الهند هذا الأسبوع انكماش الإنتاج الصناعي الهندي في سبتمبر (أيلول) 2019 بـ4.3-%، وهو الأدنى خلال ثماني سنوات (أضعف قراءة للإنتاج الصناعي الهندي منذ أكتوبر "تشرين أول" 2011). قراءة شهر سبتمبر (أيلول) أسوأ من نتيجة أغسطس (آب) 2019، الذي شهد انكماش القطاع الصناعي بـ1.4-%، ومقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي سجَّل القطاع الصناعي نمواً بـ4.6+%.
في سبتمبر (أيلول) 2018، للشهر الثاني على التوالي يشهد القطاع الصناعي انكماشاً، بينما بلغ ارتفاع الإنتاج الصناعي خلال الثلاثة أشهر من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول) 2019 فقط 1.3+% (مقارنة بـ5.2+% للفترة نفسها من العام الماضي). بالنسبة إلى القطاعات المكوّنة للقطاع الصناعي بلغ انكماش قطاع التعدين 8.5%، وانكماش السلع الرأسمالية في القطاع الصناعي الهندي 20.7-%. يستمر تراجع السلع الرأسمالية في القطاع الصناعي الهندي للشهر التاسع على التوالي (تشتمل على المعدات والقطع والمكونات التي تدخل في عمليات الإنتاج).
ومن المؤشرات المهمة التي أوضحت تراجع النشاط في القطاع الصناعي هو تراجع الطلب على الطاقة الكهربائية بـ13% في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 الأدنى خلال 12 عاماً، ما تسبب في انخفاض توليد الطاقة الكهربائية بـ2% خلال سبتمبر (أيلول) 2019.
الاقتصاد الهندي عند أدنى مستوى في 6 سنوات
آخر قراءة لنمو الناتج المحلي الإجمالي كانت 5% خلال الفترة بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) 2019، وهو المستوى الأدنى خلال 6 سنوات. الأسواق تترقب في الـ27 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، وتشير التوقعات إلى معدل نمو أقل من الـ5%، ما يعني استمرار تباطؤ الاقتصاد الخامس في العالم.
في مايو (أيار) 2019 توقعت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OECD أن ينمو الاقتصاد الهندي بـ7.2+% للسنة المالية 2019 – 2020، وخفضت هذه التوقعات في سبتمبر (أيلول) 2019 إلى 5.9%. في الاتجاه نفسه جاءت تقديرات صندوق النقد الدولي IMF الذي خفّض توقعاته لنمو الناتج المحلي للهند خلال السنة المالية 2019 - 2020 من 7+% إلى 6.1% حسب تقديرات الصندوق في أكتوبر (تشرين الأول) 2019.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يوم الجمعة الـ8 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 خفَّضت وكالة (موديز) رؤيتها المستقبلية للاقتصاد الهندي من مستقرة إلى سلبية، وقالت على الرغم من الإجراءات الحكومية التي تستهدف تعزيز النمو، فإن الجهد المالي ومخاطر الائتمان وضعف التوظيف تشكل عوامل سلبية.
الهند تخطط لرفع اقتصادها إلى 5 تريليونات دولار بحلول العام 2024، لكي تحقق ذلك تحتاج إلى نموٍ سنوي لا يقل عن 8%. هذا الضعف في القطاع الصناعي سينعكس سلباً على نتيجة نمو الناتج المحلي الإجمالي للفصل الثاني من السنة المالية 2019 - 2020، الذي من المتوقع أن يخرج أقل من 5%.
السياسة الصناعية الوطنية ''صنع في الهند''
في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 أطلقت وزارة التجارة والصناعة سياسة الهند الصناعية. أهدافها بحلول 2022 خلق 100 مليون وظيفة، ورفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 25%. خلال العقدين الماضيين الهند كانت مركزاً لصناعة البرمجيات، بينما كانت الصين مركزاً لصناعة الأجهزة والمعدات.
في الـ25 من سبتمبر (أيلول) 2014 أعلن رئيس الوزراء نارندرا مودي مبادرة ''صنع في الهند''، التي تستهدف تحويل الهند إلى مركز صناعي عالمي في آسيا، وحددت الحكومة 25 قطاعاً لتحقيق أهداف المبادرة، مثلاً قطاع السيارات ومكوناتها يحتل المرتبة السادسة عالمياً، هذا القطاع يوفر 29 مليون وظيفة، وتبلغ مساهمة هذا القطاع 7% في نمو الناتج المحلي الإجمالي، وتستهدف الهند رفع الاستثمارات في هذا القطاع إلى 300 مليار دولار، وبحلول 2026 تستهدف رفع عدد الوظائف فيه إلى 65 مليون وظيفة، وتستهدف رفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 12%. هذه التقديرات وضعتها خطة الرؤية لقطاع السيارات في الهند 2026 (Automotive Mission Plan).
قطاع الصناعات الإلكترونية أيضاً هو أحد القطاعات المهمة ضمن السياسة الصناعية الوطنية للهند، تستهدف جذب 100 مليار دولار لهذا القطاع، وتعمل على إنتاج مليار جهاز موبايل بحلول 2025، وتستهدف رفع الصادرات في هذا القطاع من 8 مليارات دولار إلى 80 مليار دولار، وخلق 28 مليون وظيفة، عليه يلعب القطاع الصناعي دوراً مهماً في جذب الاستثمارات، وفي خلق الوظائف وزيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي، وهو أحد الأعمدة التي ترتكز عليها مبادرات التحوّل الصناعي في الهند.
القطاع الصناعي الهندي والحرب التجارية
استمرار الحرب التجارية بين واشنطن وبكين خلق فرصاً لبعض الدول الآسيوية، مثل فيتنام وتايلند وكمبوديا والهند. تستعد الهند لاستقبال الشركات الصناعية التي تخشى نيران الرسوم الجمركية التي تفرضها الإدارة الأميركية على البضائع الصينية منذ بداية العام 2018. الهند لديها مميزات تساعدها بأن تكون أحد المستفيدين من الحرب التجارية، أهمها تكلفة العمالة Unit cost of labour أقل من 2 دولار لكل ساعة، مثلاً التكلفة في ألمانيا تعادل 30 ضعف تكلفة العمالة في الهند، وتصدر ألمانيا 8.1% من إجمالي الصادرات في العالم، بينما تبلغ صادرات الهند فقط 1.6% من إجمالي الصادرات بالعالم، مع العلم أن عدد سكان الهند 16 ضعف عدد سكان ألمانيا، شركة سامسونغ أغلقت وحدة التصنيع في الصين ''شنزن''، وافتتحت أكبر مصنع للهواتف المتحركة بالهند، أيضاً قررت شركة (أوبو) الصينية لصناعة الهواتف الذكية افتتاح وحدة تجميع الهواتف في الهند، وشركة (نوكيا) أيضاً تتخذ من تشيناي الهندية مقراً لوحدتها التصنيعية.
استطاعت الهند أن تجتذب كثيراً من الشركات التكنولوجية لتباشر عملية التصنيع ضمن مبادرة (صنع في الهند)، بلغ إجمالي الاستثمارات الخارجية المباشرة 42.3 مليار دولار للعام 2018 بارتفاع بلغ 6% مقارنة بالعام 2017 الذي استطاعت فيه الهند أن تجتذب استثمارات بلغت 39.9 مليار دولار.
على صعيد تصنيع المحركات والمكائن تحتل الهند المرتبة الـ12، الولايات المتحدة وأوروبا تستقبل 60% من الصناعات الهندية لقطاع المحركات والمكائن، لتحقق الهند الفائدة القصوى من هذه الفرصة تحتاج إلى أن تجري إصلاحات في سوق العمل، وأن ترفع من مهارة العمالة. بعض التقارير يشير إلى أن الهند تستطيع على المدى المتوسط أن تكسب ما يعادل 11 مليار دولار جراء استمرار الحرب التجارية بين أميركا والصين. مع كل هذه الفرص تحتاج الهند إلى أن يعمل القطاع الصناعي بكفاءة لتحقق أهدافها بشأن مبادراتها وأهداف سياستها التصنيعية.