لم يتوصّل وزراء خارجية الدول الأعضاء في التحالف الدولي ضد داعش مشكلة استقبال مواطني تلك الدول من أعضاء تنظيم داعش.
وقد اجتمع الوزراء في واشنطن، الخميس 14 نوفمبر (تشرين الثاني)، لمناقشة الخطوة المقبلة في مواجهة التنظيم الذي قُتل زعيمه أبو بكر البغدادي في غارة أميركية في شمال غربي سوريا، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وخسر داعش كل الأراضي تقريباً التي سيطر عليها في سوريا والعراق، لكنه ما زال يشكل تهديداً أمنياً في سوريا وخارجها. وما زال نحو عشرة آلاف من أعضائه وعشرات الألوف من أفراد أسرهم محتجزين في مخيمات في شمال شرقي سوريا، بحراسة قوات كردية سورية متحالفة مع الولايات المتحدة.
وحث وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الدول الأعضاء في التحالف على استعادة المتشددين الأجانب وتعزيز التمويل للمساعدة في إعادة بناء البنية التحتية في العراق وسوريا التي تضررت بشدة بسبب الصراع.
وقال بومبيو في كلمة ألقاها خلال افتتاح الاجتماع "يتعين على أعضاء التحالف استعادة آلاف المقاتلين الإرهابيين الأجانب المحتجزين ومحاسبتهم على الأعمال الوحشية التي ارتكبوها".
وقال نايثان سيلز المنسق الأميركي لمكافحة الإرهاب في إفادة صحافية في وزارة الخارجية الأميركية "يجب ألا يتوقع أحد أن تحل الولايات المتحدة أو أي طرف آخر تلك المشكلة نيابة عنهم... لدينا جميعاً مسؤولية مشتركة لضمان عدم تمكن مقاتلي داعش من العودة إلى ميدان المعركة ولمنع داعش من إلهام جيل تال من الإرهابيين أو دفعهم نحو التطرف".
وتريد الولايات المتحدة عودة المقاتلين المتشددين إلى دولهم للمثول أمام المحاكم أو إعادة التأهيل، لكن أوروبا لا تريد أن تحاكم مواطنيها الأعضاء بداعش على أراضيها بسبب صعوبات جمع الأدلة التي تدينهم وخشيتها من خطر شنهم هجمات على أراضيها.
وحذر سيلز الدول من سيولة الوضع في سوريا بما يعني احتمال فرار مقاتلي داعش الذين تحتجزهم قوات سوريا الديمقراطية وقال "إنها سوريا. كلنا نعلم أن الأمور هناك قد تتغير في طرفة عين".
وكشف الممثل الأميركي الخاص بسوريا جيم جيفري عن وجود "خلاف في الرأي" بين الدول الأعضاء في التحالف الذي يقاتل داعش يتعلق بما إذا كان ينبغي للدول الأصلية لمسلحي التنظيم استلام مواطنيها المحتجزين.
وقال جيفري في مؤتمر صحافي على هامش اجتماع أعضاء التحالف في واشنطن "يوجد خلاف في الرأي بشأن إذا ما كان ينبغي تسليمهم أم ستبحث تلك الدول أمراً ما وتدرسه بمزيد من التفصيل. لكن جرى الإقرار بأن هذه مشكلة كبرى".
وكرر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، بعد الاجتماع، موقف بلاده بأن المقاتلين "يجب إحالتهم على العدالة بأقرب (ما يمكن) بسبب الجرائم التي اقترفوها"، في إشارة إلى عدم الرغبة في إعادتهم إلى بلادهم.
تركيا ترحّل مقاتلين
في الإطار ذاته، أعلنت تركيا، الخميس، أنها سترحل مقاتلاً أميركياً من تنظيم داعش بعدما رفضت اليونان دخوله إلى أراضيها، كما أرسلت ثمانية أجانب لهم صلات بالتنظيم إلى ألمانيا وبريطانيا.
وخشيت دول أوروبية حليفة لتركيا في حلف شمال الأطلسي من أن الهجوم الذي نفذته أنقرة في أكتوبر(تشرين الثاني) على منطقة حدودية سورية يمكن أن يؤدي إلى فرار أشخاص يشتبه في انتمائهم إلى داعش وأسرهم من سجون ومخيمات تديرها القوات الكردية. وقالت أنقرة إن هذه المخاوف لا أساس لها.
وأعلنت السلطات التركية، الاثنين، أنها بدأت ترحيل مقاتلي داعش المحتجزين حيث بدأت بترحيل اثنين أحدهما ألماني والآخر أميركي، وقالت إنها ستُرّحل 23 أسيراً آخرين، جميعهم أوروبيون، في غضون الأيام المقبلة.
وقالت الشرطة اليونانية، الاثنين، إن ضباطاً من الشرطة التركية قدموا إلى موقع حدودي عند بلدة كاستانيس اليونانية وطلبوا تسليم مواطن أميركي ينحدر من أصول عربية كان برفقتهم لليونان عقب القبض عليه متجاوزاً فترة إقامته في تركيا.
أضافت الشرطة اليونانية أن السلطات رفضت السماح بدخول الرجل وأعيد إلى تركيا. لكن وسائل إعلام تركية رسمية قالت إن الرجل ظل في منطقة حدودية بين البلدين.
وقالت وزارة الداخلية، الخميس، إن الولايات المتحدة وافقت على استعادة المقاتل الذي طلب ترحيله إلى اليونان قبيل منع دخوله وإن السلطات التركية بدأت الإجراءات الضرورية لذلك.
وقال سيلز لصحافيين إن واشنطن تعمل عن كثب مع تركيا واليونان لمتابعة القضية، محذراً من مطالبة الدول باستلام مقاتلين ينتمون إلى بلدان أخرى.
تابع "ما نراه هو أن مطالبة دول أخرى بالمنطقة باستقبال مقاتلين أجانب ينتمون إلى بلدان أخرى ومقاضاتهم وسجنهم هو خيار غير ممكن وغير قابل للتطبيق".
ونقلت وكالة رويترز، بناء على شهود عيان، أن سبعة أسرى جرى ترحيلهم من تركيا وصلوا إلى العاصمة الألمانية برلين وأقلتهم مركبة إلى خارج المطار وهي مجموعة مؤلفة من رجلين وأربع نساء وطفل.
وقالت وزارة الخارجية الألمانية، الاثنين، إن أنقرة أبلغت برلين بترحيل عشرة أشخاص هم ثلاثة رجال وخمس سيدات وطفلان. وأضافت الوزارة أنها لا تعلم إن كان أي منهم من مقاتلي داعش لكنها أكدت أنهم ألمان.
وقالت الشرطة في العاصمة البريطانية لندن إن رجلاً في السادسة والعشرين من عمره اعتقل في مطار هيثرو، الخميس، للاشتباه في ضلوعه في جرائم إرهابية متعلقة بسوريا. وكان الرجل قد وصل من تركيا، لكن لم يتضح بعد إذا ما كان هو المقاتل البريطاني الذي قالت تركيا إنها سترحله.
وتقول تركيا إنها أسرت 287 آخرين أثناء عمليتها العسكرية في شمال شرقي سوريا ضد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية السورية في أكتوبر.
وذكرت أنقرة أن لديها مئات من المتشددين المحتجزين، واتهمت الدول الأوروبية بالعزوف عن استعادة مواطنيها الذين سافروا للانضمام إلى المتشددين الذين يشاركون في حروب في الشرق الأوسط لا سيما سوريا والعراق.
يأتي قرار تركيا بترحيل المقاتل الأميركي في تنظيم داعش بعد يوم من إجراء الرئيس رجب طيب أردوغان محادثات مع نظيره الأميركي دونالد ترمب في واشنطن لتخطي الخلافات بين البلدين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأبلغ أردوغان ترمب أن تركيا تتوقع من الولايات المتحدة أن توقف دعمها لوحدات حماية الشعب الكردية.
وقالت تركيا إنها سترسل أيضاً بعض المتشددين المسجونين لديها إلى أيرلندا والدنمارك وفرنسا في غضون الأيام المقبلة.
ترمب و"مواطنته"
في سياق متصل، رفض القضاء الأميركي، الخميس، طلب الجنسية الذي تقدمت به جهادية شابة محتجزة في شمال شرقي سوريا ولا يريد ترمب أن تعود إلى الولايات المتحدة، وفق ما أعلنت محاميتها.
وعبّرت المحامية كريستينا جامب، في بيان، عن شعور "بخيبة أمل"، قائلة "لا نوافق على القرار، لكن هذا ليس نهاية الخيارات القانونية بالنسبة إلى موكلتنا".
وكررت الجهادية الشابة هدى مثنى (25 سنة) في مقابلة مع قناة "إن بي سي نيوز" التلفزيونية الأميركية، في وقت سابق هذا الشهر، مطلبها بالعودة إلى الولايات المتحدة حيث ولِدت، وهي عودة رفضتها واشنطن التي لا تعتبرها مواطنة أميركية.
وأسفت مثنى "لكل الأشياء" التي فعلتها ضمن تنظيم داعش الذي انضمت إليه في عام 2014 بعد تحولها إلى التطرف في ولاية آلاباما الأميركية (جنوب شرق) حيث كانت تعيش مع أسرتها.
وعبرت الشابة عن خشيتها على حياتها، معتبرة أنها يمكن أن تصبح هدفاً لجهاديين آخرين لم يتخلوا عن الأيديولوجيا المتطرفة للتنظيم.
وقالت "لم أؤيد يوماً (عمليات) قطع الرؤوس (التي ارتكبها التنظيم) وأنا لا أؤيد جرائمه وهجماته الانتحارية".
وكانت مثنى قد دعت إلى "إراقة الدماء الأميركية" وهنأت مرتكبي الاعتداء في يناير (كانون الثاني) 2015 على مجلة شارلي إيبدو الفرنسية التي اسفرت عن 12 قتيلاً. لكنها قالت خلال المقابلة عبر "إن بي سي"، "لقد كانت هذه إيديولوجية، وكانت تلك مجرد جملة"، رافضة التعليق على ما قالته آنذاك.
وأبدت استعدادها لمواجهة العدالة إذا سُمح لها بالعودة إلى الولايات المتحدة، قائلة "يمكنهم مراقبتي 24 ساعة باليوم، أنا موافقة".
وأعادت حكومة الولايات المتحدة العديد من النساء الأميركيات المرتبطات بداعش، مع أطفالهن، لكنها ترفض عودة مثنى لأنها لاتعتبرها مواطنة أميركية. وينص الدستور الأميركي على منح الجنسية لأي شخص يولد في البلاد باستثناء أبناء الدبلوماسيين إذ يعتبرون خارج الاختصاص القضائي للولايات المتحدة.
وعمل أحمد علي، والد مثنى، ضمن البعثة الدبلوماسية اليمنية في الأمم المتحدة. ورفع دعوى قضائية في وقت سابق في مسعى للتأكيد على جنسية ابنته، قائلاً إنه غادر منصبه الدبلوماسي قبل ولادتها بأشهر عدة.
في وقت سابق قال بومبيو إن مثنى ليست مواطنة أميركية، ووصفها بـ"الإرهابية".