يتوالى إدراج الدول حول العالم، حزب الله اللبناني على قوائم الإرهاب. وآخر المحطات إعلان السلطات الألمانية عزمها حظر أنشطة الحزب على أراضيها. ووفق مصادر إعلامية ألمانية، فإن القرار سيساوي فوراً أنشطة الحزب وأعضاءه في ألمانيا بأنشطة تنظيم "داعش" الإرهابي وأعضائه، إذ تتخوف برلين من معلومات عن أنشطة غير مشروعة لشبكة إجرامية متنامية تابعة للحزب، تسلّلت إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قد تقوم بعمليات إرهابية لصالح إيران.
تكشف مصادر ديبلوماسية غربية عن أن أنشطة حزب الله في ألمانيا تخضع لمراقبة الاستخبارات الداخلية منذ فترة، وقد رُصد نشاط نحو 1200 من أنصار الحزب في الدولة الأوروبية، يرتبطون بشبكة من الجمعيات والمساجد، ولا سيما في مدينَتَيْ برلين وهامبورغ، وتعتقد الاستخبارات الألمانية أن حزب الله بات يملك خلايا نائمة، قادرة على شن هجمات إرهابية في البلاد وخارجها انطلاقاً من الأراضي الألمانية.
وتشير المصادر إلى أن الحكومة البريطانية كانت قد أعلنت في وقت سابق حظر حزب الله اللبناني على أراضيها وصنفته ضمن المنظمات الإرهابية، إذ تصل عقوبة الانتماء إلى حزب الله أو الترويج له إلى السجن لمدة 10 سنوات، مرجّحةً أن يدفع إعلان ألمانيا انضمامها إلى نادي الدول التي تدرج حزب الله على قوائم الإرهاب، الاتحاد الأوروبي في المستقبل القريب إلى إلغاء التفريق بين جناحه العسكري المحظور والحزب السياسي. وتعتبر المصادر أن فرنسا هي الدولة الأخيرة في أوروبا التي لا تزال ترفض إدراج الحزب بجناحَيْه العسكري والسياسي على قوائم الإرهاب، وذلك لاعتبارات عدّة، منها الاتفاق النووي الإيراني ومصالح تجارية مع طهران.
تاريخ حافل
تذكّر المصادر نفسها بأن تاريخ العمليات الإرهابية التي نفّذها حزب الله في أوروبا يبدأ من عام 1985، عندما اختطف طائرة كانت في طريقها من أثينا إلى روما. وعام 2012، تعرّضت حافلة سياحية في بلغاريا لهجوم أسفر عن مقتل ستة مدنيين وإصابة أكثر من 30 آخرين. وعام 2013، دانت محكمة في قبرص شخصاً كان يُعِدّ لهجمات إرهابية في قبرص، واعترف بأنه عضو في حزب الله. وتضيف "اكتشفت بريطانيا عام 2015 مخابئ كبيرة لمواد متفجرة، كذلك في قبرص، ودول أوروبية أخرى وخارجها"، مشيرةً إلى أن الاستخبارات البريطانية تعتقد أن هذه المواد كانت مخصصة لهجمات إرهابية في المستقبل.
وترى المصادر الدبلوماسية الغربية أن الاتحاد الأوروبي بات محرجاً باستمرار الازدواجية في التمييز بين الجناح العسكري والجناح السياسي لحزب الله، خصوصاً بعد شروع عدد من الدول الأوروبية بإدراجه على قوائم الإرهاب، والقانون الذي أقره مجلس النواب الأميركي والموجّه للاتحاد والذي يطلب منه تصنيف الحزب على قوائم الإرهاب لديه لزيادة الضغط على قيادته وأعضائه وإصدار مذكرات توقيف بحقهم، متوقعةً أن تُطرح القضية أمام البرلمان الأوروبي الذي قد يلغي التمييز بين جناحَيْ الحزب.
لبنان أسير
ويعتبر مصدر سياسي لبناني أن شروع الدول الأوروبية بإدراج حزب الله على قوائم الإرهاب، سيفاقم الحصار الدولي على لبنان، كون معظم الدول الغربية تعتقد أن حزب الله هو من يمسك بمفاصل الدولة اللبنانية وهو من يمتلك القرارات الاستراتيجية فيها، وبالتالي "سيدفع الشعب اللبناني الذي بات رهينة المفاوضات الغربية الإيرانية الثمن الأكبر".
ويشدد على ضرورة تشكيل حكومة حيادية بشكل عاجل لتدارك الغضب الغربي المتعاظم تجاه حزب الله، مشيراً إلى أن حكومة حيادية خارج التمثيل الحزبي تحمي لبنان من عقوبات محتملة، كونها تعيد الفصل بين الحزب والدولة اللبنانية من جهة، وتكون من جهة ثانية قادرة على فتح حوار مع الغرب لتنظيم الخلاف مع الحزب من دون أن يبقى الشعب اللبناني بأكمله رهينة للمطامع الإيرانية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويضيف أن أحد أبرز أسباب العقوبات التي تفرضها واشنطن على حزب الله هو توغله في دول أميركا الجنوبية، حيث أنشأ عصابات إجرامية تعمل لصالح إيران في قضايا غير شرعية، ولا سيما في فنزويلا والبيرو والأرجنتين والبرازيل، بالتواطؤ مع بعض الأنظمة في إطار الحرب التي تشنها طهران ضد الولايات المتحدة، معرباً عن اعتقاده بأنّ واشنطن ستوسع قاعدة عقوباتها لتشمل حلفاء لحزب الله في البيئة السياسية اللبنانية.
الوزارات السيادية
وتشير تقارير غربية إلى أن 57 دولة حول العالم بينها دول عربية تدرج حزب الله بشكل رسمي على قوائم الإرهاب وتحظر نشاطه بشكل كامل، في حين تخضع نحو 70 دولة، نشاطات الحزب إلى المراقبة الشديدة، وتفيد التقارير بأنه يتم رصد آلاف الجمعيات والشبكات والمؤسسات حول العالم التي تعمل لصالح إيران من خلال حزب الله بطرق غير شرعية ولا سيما في ما يتعلق بتجارة المخدرات بين أوروبا والشرق الأوسط وأميركا الجنوبية.
تضيف التقارير أن حزب الله يمتلك شبكة أمان داخلية في لبنان من خلال اختراقه الطوائف الأخرى وإمساكه بقرارات الدولة اللبنانية، بخاصة أن حلفاء له يمسكون الوزارات الأساسية في الحكومة، وأبرزها وزارات الخارجية والدفاع والمالية وهي ثلاث من أصل أربع وزارات مصنفة سيادية في لبنان، إضافةً الى وزارات أخرى تتيح له التستر خلف شرعية قراراتها.