صعدت أسعار النفط في تعاملات، اليوم الأربعاء، قبيل اجتماعات تُعقد غدا في فيينا، حيث تبحث "أوبك" وحلفاؤها تمديد قيود على الإنتاج لدعم السوق، بينما أظهرت بيانات للقطاع أن مخزونات النفط الخام الأميركية تراجعت بأكثر من المتوقع مما أسهم في رفع الأسعار.
وارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي "برنت" بنحو 44 سنتا، أو 0.7% إلى 61.26 دولار للبرميل. كما صعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي بنحو 38 سنتا أو 0.7% إلى مستوى 56.48 دولار.
وتعمل منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وحلفاء، بينهم روسيا، المجموعة المعروفة باسم "أوبك+"، على الموافقة على زيادة خفض إنتاج النفط هذا الأسبوع حين يجتمعون في فيينا خلال الساعات المقبلة. وقال وزير النفط العراقي، ثامر الغضبان، إن عددا من الأعضاء الأساسيين يميلون إلى زيادة الخفض.
وتجتمع "أوبك"، غدا الخميس، وبعد ذلك تجتمع "أوبك+" يوم الجمعة. وتخفض "أوبك+" الإمدادات منذ 2017، ومن المتوقع أن تُبقي على التخفيضات سارية لتخفيف أثر الإنتاج القياسي في الولايات المتحدة.
وانخفضت مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة بأكثر من المتوقع الأسبوع الماضي بحسب معهد البترول الأميركي. وتراجعت مخزونات الخام بمقدار 3.7 مليون برميل، وهو ما يزيد على مثلي المستوى المتوقع لانخفاض قدره 1.7 مليون برميل.
وقال وزير النفط بسلطنة عمان، محمد الرمحي، إن وفد بلاده في المباحثات مع منتجين كبار للنفط في فيينا هذا الأسبوع سيوصي بتمديد تخفيضات الإنتاج حتى نهاية 2020. وردا على سؤال عما إذا كانت زيادة التخفيضات ستسهم في استقرار السوق، قال الرمحي، في مناسبة للقطاع في دبي، "أيا كان المطلوب أنا متأكد من أنهم (المشاركين في المباحثات النفطية) سيتخذون القرار السليم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هل تتجه "أوبك" إلى تمديد خفض الإنتاج؟
الخبير والاستشاري النفطي، عبد السميع بهبهاني، يرى "أن الاجتماع المقبل لمنظمة (أوبك) سيكون له انعكاسات على مستقبل إنتاج أعضاء المنظمة، ومن ثمّ أسعار النفط العالمية". ولفت إلى أن تصريح سكرتير أوبك حول إمكانيه تمديد خفض إنتاج أوبك الحالي مارس (آذار) وحتى يونيو (حزيران) من عام 2020 دفع أغلب المحللين إلى الذهاب نحو اتجاه "أوبك" لتمديد خفض الإنتاج الحالي.
وأشار لـ"اندبندنت عربية"، إلى ضرورة أن نضع في الاعتبار 3 عوامل مهمة، على رأسها الإنتاج الأميركي خلال العام المقبل، حيث تشير التوقعات إلى تأثره بانخفاض عدد منصات الحفر في 2019 حيث وصل إلى انخفاض 260 منصة عن مثيلتها في السنة الماضية.
هذا إلى جانب شكوك البنوك الممولة للاستكشاف من أداء الحوض البرمي للنفط الصخري، كما يمكن إضافة مؤشر عزم الإدارة الأميركية على فتح باب الاستكشاف في محميه ألاسكا بمقدار 30%، وتطوير ميناء هيوستن لرسو الناقلات العملاقة، كل ذلك يدل على قلق انخفاض الإنتاج الأميركي. وأضاف "لكن كل هذه أعتقد أنها مشكلات عابرة، فهناك سعي فني واستراتيجي في تجاوز الوضع الحالي. وأتوقع انخفاض إنتاج أميركا من النفط الصخري".
أما العامل الثاني فيتمثل في الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة مع تعثر المفاوضات بعد أحداث هونغ كونغ والموقف الأميركي الداعم لها، الذي قابله رفض صيني، ما تسبب في تعقيد الأزمة. لافتًا إلى أن الأزمة بين الصين والولايات المتحدة لن تشهد أي انفراجة قبل انتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة.
وأضاف، لا أعتقد أيضاً أن ذلك سيؤثر كثيرا على الطلب على النفط فهناك مؤشرات تدفع بعكس ذلك. وأعتقد أن الإدارة الأميركية الحالية سوف تتخذ قرارا في وقت لا يتجاوز مارس (آذار) المقبل يكون فيه تنازلات أميركية حتى تنتهي الحرب التجارية مع الصين.
توقعات بزيادة الطلب العالمي
ولفت "بهبهاني" إلىن أن هناك عوامل أخرى صوف تنعكس إيجابا على أسعار النفط، حيث توقعت تقارير حديثة زيادة الطلب العالمي بمقدار 1.12 مليون برميل. رغم أن المخزون العالم يبين التجاري والاستراتيجي ما زال في معدل أعلى من خمس سنوات عند 4.5 مليار برميل، إلا أن عثرات الإنتاج في إيران وفنزويلا وليبيا وحتى العراق لم توضع في التوقعات المستقبلية للإنتاج في تقرير أوبك، لذلك فمن المتوقع أن يكون هناك نقص في الإنتاج يفوق القرارات التي أعلنتها "أوبك".
وتابع، "إذا أضفنا إلى هذه العناصر الثلاثة مؤشرات قرارات النرويج والبرازيل لزياده الاستكشاف، وتراجع استهلاك الفحم في الصين في 2019 وتعويض ذلك بالنفط الخليجي، فإن زيادة الطلب ونقص الإمدادات سوف تؤدي إلى تأرجح سعر خام برنت في 2020 بين 62 و 65 دولاراً للبرميل.
3 قرارات أمام "أوبك" في اجتماعات فيينا
من جانبه قال الخبير محمد الشطي، إن المؤتمر الوزاري لمنظمة "أوبك" في غاية الأهمية بسبب التوقيت وعدم وضوح المؤشرات، وأمام "أوبك" ثلاثة قرارات، أولها الاستمرار في اتفاق خفض الإنتاج إلى حين ينتهي في شهر مارس (آذار) المقبل. مع التأكيد على ضرورة الالتزام بالاتفاق وأنه لا يمكن قبول الاستفادة من حالة السوق من دون الالتزام باتفاق خفض الإنتاج، وهو القرار الأقرب في ظل معطيات السوق في الوقت الحالي.
وأيضاً تعميق التخفيض في اتفاق جديد بعد نهاية الاتفاق في نهاية مارس (آذار) المقبل، وهو ربما قرار مستبعد في ظل تطورات جيوسياسية تمثل تحدياً كبيراً أمام المعروض في السوق، وربما تتم الإشارة إليه من خلال الاستمرار بمتابعه تطورات السوق إلى حين الاجتماع المقبل المقرر في شهر مارس (آذار) من عام 2020.
أما المؤشرات الإيجابية في سوق النفط فإنها تتمثل في توزان أسواق النفط مع فائض قليل لا يتجاوز 30 مليون برميل، حسب متوسط المخزون النفطي للدول الأعضاء في منظمه التعاون الاقتصادي والصناعي، فيما تبحث "أوبك" تعديل هذا المقياس وحسب الأخبار الواردة فإن المقياس الجديد على أساس المتوسط في 2010 – 2014 يؤكد استمرار الفائض في أسواق النفط.
هذا بالإضافة إلى أن أسعار النفط الخام متماسكة بين 60 و65 دولاراً للبرميل، وهيكلة الأسعار ضمن الباكورديشين، وهو ما يعني تناقص المعروض ليعزز الأسعار حالياً مقابل المستقبل لنفس النوعية من النفط. ولفت "الشطي" إلى تناقص نوعيه النفوط المتوسطة والثقيلة وتعزيز أسعار نفط خام دبي، والسبب الرئيس هو اتفاق أوبك+ حيث يستهدف هذه النوعية من النفوط على وجه التحديد مقابل ارتفاع في النفوط الخفيفة. هذا إلى جانب تناقص حجم الزيادة في إنتاج النفط الصخري الأميركي.
السوق تجاوزت ما هو أسوأ
وذكر أن المؤشرات الاقتصادية تشير إلى أن الأسوأ قد تم تجاوزه، وأن الاقتصاد العالمي يبدأ في التعافي التدريجي من العام المقبل، هذا إلى جانب أجواء من التفاؤل الحذر في المفاوضات التجاريه بين أميركا والصين مع اقتراب الانتخابات الأميركية ورغبة الطرفين في عدم التصعيد ووقف الحرب التجارية.
في الوقت نفسه، أشار "الشطي" إلى أن بعض مناطق الإنتاج الرئيسة ما زالت تعاني أوضاعا جيوسياسية غير مستقرة يتهدد معها الإنتاج، وبالتالي يتأثر أمن المعروض في السوق. كما أن نسب الالتزام باتفاق خفض الإنتاج تفوق 100% وتقترب من 150% وهي نسب عالية في خفض المعروض لإحداث التوازن. والسبب في ذلك التزام دول بعينها مثل السعودية والكويت مقابل دول تعاني أوضاعا سياسية غير مستقرة، وهناك دول تستفيد من الاتفاق من دون أن تلتزم بالخفض، وهذا الوضع لبعض الدول لن تقبله الدول التي تلتزم بشكل كامل بإنفاق خفض الإنتاج.
وأشار إلى تحسن في هوامش أرباح المصافي في عدد من الأسواق مع تحسن أسعار المنتجات الخفيفة والمتوسطة واقتراب بدء تطبيق الشروط المتشددة فيما يتعلق بوقود السفن. وأيضاً تحسن الطلب على النفط في بعض الأسواق الواعدة مثل الصين.
في مقابل ذلك، مازال هناك اختلال كبير في ميزان الطلب والعرض يعبر عن ضغوط على الأسعار، حيث ما تزال تدور في فلك الـ65 دولارا للبرميل خلال الأسابيع الماضية ولا ترتفع إلى مستويات الـ70 وأكثر، على الرغم من العقوبات الأميركية على إيران، ولعل ذلك يعود إلى تحسن إنتاج النفط في فنزويلا وليبيا ونيجيريا.
أضف إلى ذلك تدني تعزيز المراكز المالية للعقود في الأسواق الآجلة لبيوت الاستثمار والمضاربة بعد أن بلغت مستويات عالية خلال أشهر سابقة في 2019، وأعتقد أن سلوك هذه المراكز يعكس انطباعات عن أوضاع السوق ويؤثر بشكل مباشر في الأسعار.