تقدّم أكبر مؤسسة خيرية لمساعدة المشرّدين في العاصمة الهندية دلهي، دورة تدريب لأولئك الذين لا منازل لهم، على تصليح الهواتف المحمولة، ما يساعدهم على اكتساب المهارات اللازمة وتحقيق دخل يتيح لهم مغادرة الشوارع.
ومع تميّز الهند بتقديمها بعض أرخص رزم انترنت الهواتف المنقولة في العالم، انتشرت ملكية الهواتف الذكية على جميع مستويات مجتمعها، وبات نحو 70 في المئة من المشرّدين يملكون هاتفاً محمولاً.
ويستخدم العاملون في المجال الخيري هذه المعرفة التقنية بشكل جيّد، لسدّ الفجوة في الطلب على الخدمات مثل استبدال شاشات الهواتف وإصلاح المكوّنات وإعادة التجميع. وقد رحّب بالخطّة عدد من جمعيات خيرية بريطانية عدّة في لندن، بدعم من نداء عيد الميلاد في صحيفتي "اندبندنت" و"إيفنينغ ستاندرد كريستماس".
معلوم أن دلهي التي يقطنها قرابة 19 مليون شخص، يعيش أكثر من 100 ألف منهم بلا مأوى. ودورة التدريب هذه التي تستمر لمدة شهر كامل، تقدّمها جمعية "آشاري آديكار آبيان" الخيرية المعروفة اختصاراً بـ AAA، وبعدها يتلقى المشاركون شهادة مدعومة من "لجنة الحرف اليدوية والصناعات الريفية" التابعة للحكومة الهندية.
ويتم اختيار المتدرّبين من نحو 15 مأوى في جميع أنحاء المدينة. ويُجرى تعليمهم على طرق تحديد العيوب في الهواتف المحمولة، وتلحيم أجزاء معيّنة من الجهاز حيثما يكون ذلك ممكناً، وإذا تعّذّر عليهم ذلك، يُلقَّنون طرق استبدال المكوّنات التالفة. وذلك من خلال جدول مكثّف لورش عمل مدتها 10 ساعات في الأسبوع.
وقد تمكّن أربعة أشخاص من بين 20 شاركوا في الدورة التجريبية هذا الصيف، من الحصول على وظائف في محلاتٍ لتصليح الهواتف المحمولة، فيما أسّس إثنان شركة خاصّة بهما. وتأمل الجمعية الخيرية أن تنظّم الدورة مرّة أخرى السنة المقبلة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أنيل شاب في الخامسة والعشرين من عمره، شارك في دورة يوليو (تموز) هذه السنة، بعدما أمضى قرابة ستة أعوام من العيش في الشوارع. وكما كثيرين من الذين لا مأوى لهم في دلهي، جذبته المدينة إليها بحثاً عن وظيفة تعود عليه بأجر جيد. لكنه فوجىء بأن الوظيفة التي حصل عليها لا تستطيع أن تكسبه ما يكفي لإيواء نفسه.
أما الآن فمع المهارات الجديدة التي اكتسبها فيأمل في إطلاق مشروع عمل خاصّ به. وقال لصحيفة "اندبندنت" "كنت أحلم بأن أملك متجراً خاصاً بي، ومركزاً لتصليح الهواتف المحمولة يحمل اسمي". ويضيف "سيكون لدي دوام منتظماً- أي روتين يومي. وأعرف الوقت الذي يجب أن أفتح فيه المحل في الصباح، كما متى عليّ أن أغلقه في الليل".
ويرى مدير جمعية AAA الخيرية، سانجاي كريشنا، أن قضية التشرّد في دلهي تعادل إلى حدّ كبير مشكلة أخرى ظاهرة للعيان، هي التسول على الطرق الرئيسية في المدينة. وتقدّر مؤسّسته أن قرابة 90 في المئة من الذين هم بلا مأوى في العاصمة الهندية، هم في الواقع عمّال، ويقومون فور وصولهم إلى المدينة بالعمل في مواقع البناء والأسواق.
وتقول فيليبا ميدلتون، مديرة العمليات في "مشروع ماريليبون"، أن ورش العمل المماثلة في لندن تعمل أيضاً على رفع مستوى الأشخاص المشرّدين وتعزيز ثقتهم والحفاظ على مواكبتهم للتطوّر التكنولوجي. ويقدّم المركز الذي تديره منظّمة "تشيرش آرمي" Church Army التابعة لكنيسة إنجلترا، دروساً في أنشطة تتفاوت ما بين الحرف اليدوية والمهارات الشخصية اليدوية، وصولاً إلى تكوين شركة مبتدئة متخصّصة في تزويد المكاتب والمؤتمرات في لندن بالطعام، يديرها كلّها عملاء من المشرّدين.
وتقول ميدلتون إن "الأمر يتعلق بالشعور بالاستقلالية، وبأن هناك شيئاً يمكنهم تحقيقه... فكثير منهم يشعرون بأنهم منبوذون أو بأنهم فشلوا، ولذلك تتيح لهم هذه الفرصة أن يكون لديهم شيء قيّم لتقديمه".
حملة عيد الميلاد لهذه السنة مخصّصة لـ "صندوق المشرّدين" Homeless Fund، الذي سيموّل الخدمات الأكثر حاجة إليها. وستسلّط الحملة الضوء على أسوأ حالات التشرّد على مستوى العالم، بحيث يتمّ جمع الأموال لمساعدة مشاريع المشرّدين في لندن. انقروا هنا للتبرّع.
© The Independent