يستعد معسكر "السلطة" في لبنان لمنازلة بعنوان "المضي في التسوية الحكومية المنشودة قدماً" عبر تمرير تكليف رجل الاعمال اللبناني سمير الخطيب بأكثرية نيابية في الاستشارات النيابية التي أعلن الرئيس ميشال عون أنه سيجريها مطلع الاسبوع المقبل.
وفي المقابل، يحشد الحراك الشعبي معسكره في الشارع ويكثّف جهوده إلى أقصى الحدود لإثبات حضوره، فمصادر الحراك ترفض رفضاً قاطعاً الطروحات المتداولة باستبدال تمثيل حصة حزب القوات اللبنانية بحصة الحراك الشعبي، معتبرةً أن الحراك لن يعترف بما يُسمى حكومة "تكنو-سياسية".
وتضيف المصادر أن أي حكومة محاصصة مستنسخة عن الحكومة السابقة ستكون مرفوضة وأن مشاركة الحراك فيها هو تقزيم لمبادئ الثورة، معتبرةً أن الحراك لن ينجر إلى المأزق الذي وقع فيه حزب القوات اللبنانية عندما قرر المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية متخذاً موقف المعترض والمراقب من داخل الحكومة قبل ان يقرر الانسحاب منها.
"لسنا بديلاً عن القوات"
وشددت المصادر على أن "هدف السلطة من اعلان عزمها على مشاركة ثلاث وزراء مسيحيين من الحراك بدل حصة القوات اللبنانية هو وضع الحراك بمواجهة مع ذلك الحزب والزج بالنعرات الطائفية في قلب الحراك الوطني والعابر للطوائف، إضافة الى محاولات لشق صفوف الحراك عبر إغرائه بمكاسب المشاركة بالسلطة.
وكشفت المصادر عن تحركات نوعية ستفاجئ السلطة، لافتةً إلى أن مخططات السلطة الفتنوية باتت مكشوفة ولن تنطوي على أحد، فهي تحاول إشراك الجميع في حكومة الانهيار ومن ضمنهم الحراك بهدف تحميل الجميع مسؤولية السقوط المرتقب وبالتالي تنجو الأحزاب المتسببة بالكارثة من فعلتها بغطاء حكومة وحدة وطنية بلباس "تكنوسياسية". وأضافت "نواجه سلطة مافياوية متجذرة ولكنها ستنكسر وسينتصر المواطن في نهاية المطاف".
الخطيب شريك بالفساد
"حكومة الخطيب لا تمثلنا" هكذا يعلق الأمين العام لحزب الكتلة الوطنية اللبنانية بيار عيسى، وهو من الناشطين في الحراك الشعبي، ويؤكد أن "معظم المجموعات المنضوية في الانتفاضة الشعبية ترفض الدخول في حكومة محاصصة وتقاسم المغانم"، معتبراً أن الحكومة التي يتم التداول بها هي نسخة منقحة عن الحكومة السابقة التي أسقطها الشعب. وأضاف عيسى أن "الثوار مصرون على حكومة مستقلّة مصغّرة وهم على أهبة الاستعداد للنزول إلى الشارع وقطع الطرقات على مساحة لبنان مثلما فعلوا في المرة السابقة، والسبب أنه يعتبر كل ما يُصاغ هو صنيعة السلطة السياسية وليس نزولاً عند متطلبات الشعب"، لكن عيسى لفت إلى الوضع المالي والاقتصادي الذي انعكس سلباً على الوضع الاجتماعي، وقال إن "الطبقة المستضعفة وفقراء الفقراء وحدهم يدفعون الثمن".
واعتبر الأمين العام لحزب الكتلة الوطنية أن "أحزاب السلطة هم قادة الحراك"، موضحاً أن "خطاباتهم خالية من الإيجابية، هم يستفزون الناس ويدفعونهم إلى التحرك والمواجهة"، محذراً من المراوغة التي تمارسها السلطة لضرب الحراك وإضعافه، لكنه يراهن على فشلهم لأنهم لم يعودوا قادرين على إسكات الشعب عن المطالبة بحقه في الشارع. وأضاف أن "أجهزة السلطة الأمنية وإعلامها باتوا مكشوفين، فإنهم كلما أرادوا كسر الحراك، هناك مارد خرج من القمقم ولن يعود أبداً إلا وحقوقه في جيبه"، في إشارة إلى الشعب اللبناني.
وعن شخص سمير الخطيب وإذا ما إذا كان يلبي تطلعات الحراك الشعبي، يجيب بأن "الرجل بنى ثروته على أساس التزامات على حساب مصلحة الوطن"، محملاً إياه المسؤولية عقود الكهرباء وملفات أخرى لها علاقة بالفساد، ويخلص إلى أن "لا دول الخارج ولا أحزاب السلطة الفاسدة يطرحون حلاً، بل يـُنتجون إفلاس البلد".
لا تفاوض ولا حوار
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما مجموعة "لحقي" المنضوية ضمن مجموعات الحراك الشعبي، فتشير على لسان الناشط ميشال أبي راشد إلى أنه ومنذ انطلاق الثورة في ١٧ أكتوبر (تشرين الأول)، "لا تفاوض ولا حوار مع هذه السلطة وبالتالي ليس هناك أي تواصل واتصال مع الطبقة السياسية". واعتبر أبي راشد أن "أي حكومة لا تتجاوب مع مطالب الشارع أي حكومة مستقلة من خارج السلطة السياسية الحالية، لا تمثل الثورة".
ولفت إلى أن مشاركة أي شخصية مستقلة في الحكومة لا يعني أن "الثورة" ممثَلة في الحكومة وبالتالي إن "هذه الشخصيات لا تمثل الا مشروعها الخاص، حتى وإن كان لديها طروحات مستقلة ومعارضة للطبقة السياسية"، معتبراً أن مجموعة "لحقي" تنظر إلى أي حكومة من خلال بيانها الوزاري والخطة الاقتصادية الإنقاذية التي ستعتمدها.
وحول المعلومات المتداولة عن وجود بعض الخيم المرتبطة بالسلطة ضمن الخيم التابعة لمجموعات الحراك وسط بيروت، قال ابي راشد "نحن لسنا في موقع تحديد ما إذا كانت هناك خيم تابعة للسلطة في الساحات، ونحن نتوقع وندرك أن هذه السلطة تعمل جاهدة بأي طريقة لإفشال الثورة والعمل على إعادة الوضع إلى ما قبل ١٧ أكتوبر، ونحن ضد شيطنة أي مجموعة تحمل فكر أو رأي معيّن والساحات ملك جميع اللبنانيين وليس فقط لفئة أو مجموعة معينة".
وأكد أن "ما يحصل في موضوع الحصص في الحكومة عبر اعطاء حصة القوات اللبنانية للحراك ليس إلا هرطقة سياسية بخاصة وأن الحراك الشعبي لم يطالب بأي وزارة أو تمثيل في أي حكومة، بل إن مطالبه معيشية وحياتية، إضافة إلى المطالبة برحيل هذه الطبقة السياسية واسقاط العقلية الحزبية الطائفية التي كانت تنتج الحكومات السابقة.
ممثلين للتفاوض مع السلطة
من جهة أخر، يوضح الناشط في "مجموعة ثائرون" المنضوية في الحراك الشعبي نادي قماش أنهم طرحوا خارطة مطالب واضحة، من ضمنها أنه "لا بد للحراك من أن ينتج مشروعاً ويفوّض ممثلين عنه للتفاوض مع السلطة الحاكمة". وتجنباً للتخوين، اقترح وضع شرط على هؤلاء الممثلين بأن يتعهدوا بعدم المشاركة في أي وزارة أو الترشح للانتخابات النيابية المقبلة، أي عليهم أن يتعهدوا بألا يكون لهم دور سياسي في المرحلة الانتقالية. وبهذه الطريقة، أضاف قماش، "نحمي ظهرنا من لعبة السلطة بمحاولة شراء هؤلاء الأشخاص أو التأثير عليهم بأي شكل من الأشكال".
واعتبر قماش أن الأولوية في الوقت الحالي ليست لإجراء انتخابات نيابية مبكرة، بل هي "لإنقاذ الوضع النقدي مع تحميل مصارف اساسية مسؤوليتها بإنقاذ الوضع نظراً إلى مشاركتها في السياسات التي أوصلت الوضع إلى ما هو عليه".
في المقابل، فإن تشكيل الحكومة سيسمح بـ "تجميد الأزمة ومساعدة المغتربين على إدخال الأموال إلى البلد، وهو ما من شأنه أن ينعكس هدوءاً في السوق اللبناني ويوحي بالثقة لمَن خزنوا أموالهم في منازلهم لإخراجها والتداول بها، وبالتالي يحصل نوع من الانقاذ لهذه الازمة".