في أول مؤتمر إعلامي له مساء الخميس، بعد انتخابه رئيساً للجمهورية الجزائرية، حاول عبد المجيد تبون نفي صلته تماماً بنظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة مردِداً "لست امتداداً للولاية الخامسة" التي ثار الجزائريون ضدها، ليبقى التساؤل قائماً، ما الذي سيفعله تبون مع رموز النظام السابق الذين لا يزالون في الحكم؟
يدخل الرئيس المنتخب عبد المجيد تبون قصر المرادية (قصر الرئاسة) مطلع الأسبوع المقبل مباشرةً بعد تأديته اليمين الدستورية، بمجرد إعلان فوزه رسمياً من قبل المجلس الدستوري، حيث سيتسلم مهماته من رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح.
وحتى الصيف الماضي، ظل اسم عبد القادر بن صالح، الذي شغل منصب رئيس مجلس الدولة لحوالى عقدين من الزمن خلال فترة حكم بوتفليقة، ضمن قائمة "الباءات الثلاث" التي تُرفع أسماؤها في الحراك الشعبي، بالإضافة إلى كل من رئيس الوزراء نور الدين بدوي ورئيس المجلس الدستوري السابق الطيب بلعيز. لكن مجرى الأحداث وتسارعها مع بداية تشكيل هيئة الحوار الوطني، جعلت من اسم بن صالح يتوارى بعيداً من غضب "الحراكيين"، فالرجل الذي قاد المرحلة في فترة عصيبة اقتنع تحت إلحاح قادة المؤسسة العسكرية بالاستمرار في منصبه على الرغم من "متاعبه الصحية" استدعت سفره إلى الخارج مرات عدة للعلاج خلال فترة الأشهر الـ10.
وتوجه عبد المجيد تبون إلى بن صالح بتحية خاصة قال فيها إن "هذا الرجل تحمّل التجريح والاستهداف في ظرف عصيب وهو الذي كرس حياته لخدمة البلد". وعلى الرغم من أن بن صالح يُعدّ الأول في قائمة المسؤولين البارزين الذين يُنسب اسمهم إلى حقبة بوتفليقة، بيد أنه استفاد شخصياً إلى حد كبير، إذ إن استمراره في المنصب خلال فترة الحراك الشعبي، شكّل فاصلاً ما بين الخيار الدستوري وفوضى الفراغ، لذلك كان التحوّل الكبير في صورة هذا الرجل واضحاً في المشهد السياسي العام، فانتقل من كونه أحد المحسوبين على النظام السابق إلى أن يصبح "شعرة معاوية" الفاصلة ما بين "الفراغ والاستقرار".
وتضم حكومة بدوي عدداً كبيراً من الشخصيات الوزارية التي يحمّلها جزائريون مسؤوليات كبيرة في سياسات عهد بوتفليقة التي أفضت إلى خروج الجزائريين بقوة في مسيرات فبراير، ولعل وزير المالية الحالي محمد لوكال هو الأبرز على تلك القائمة بعدما عُيّن بدوره في فترة "غليان شعبي" ضد منظومة الحكم، قادماً من رئاسة المصرف المركزي الذي زكّى مئات القرارات النقدية في البلاد، لا سيما سياسة أويحيى في طباعة النقود (التمويل غير التقليدي)، إضافة إلى تغطية عمليات تحويل كبرى للعملة الصعبة من قبل رجال أعمال جلهم مسجونون اليوم في سجن الحراش شرق العاصمة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أذناب العصابة
المرحلة الثانية
وشهد البرلمان تغييراً على رأس غرفتيه في فترة الحراك، لكن النواب لا يزالون محسوبين بدورهم على مرحلة بوتفليقة، وهي منظومة "فاسدة" اشترك فيها المال الفاسد بـ"الزبائنية" للنظام. كما جرى تطهير مؤسسة الرئاسة بالكامل، وجرى الأمر ذاته في المجلس الدستوري، ولاحقاً في المجلس الأعلى للقضاء والمجالس القضائية المحلية.
ومع وصول تبون إلى كرسي الرئاسة، يكون "عقد التطهير" دخل مرحلته الثانية بما أنه أكّد في مؤتمره الإعلامي الأول أن الهدف المباشر في المئة يوم الأولى من فترة حكمه هو "ملاحقة أذناب العصابة أينما كانوا ومحاسبتهم"، بل "رد الظلم عمَن كانوا ضحيةً للعصابة" ما يعني احتمال فتح ملفات قضائية إضافية ضد أزلام النظام السابق.