هدد ترمب بـ"رمي" مقاتلي "داعش" ممن قبضت القوات الأميركية عليهم، على حدود المملكة المتحدة إذا لم تبدأ الحكومة البريطانية بإعادتهم إلى أوطانهم من معسكرات اعتقالهم في سوريا.
وجاء تصريحه خلال المؤتمر الصحافي الذي أعلن فيه عن مقتل زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي. وكذلك وصف الرئيس الأميركي الأمم الأوروبية بأنها "مخيبة جدا للآمال".
وبعد ثنائه على روسيا وتركيا وسوريا والعراق لدعمهم الولايات المتحدة في عملية [قتل البغدادي]، أوضح ترمب إنه ضغط شخصياً على بلدان الاتحاد الأوروبي لإعادة أعضاء "داعش" إلى تلك البلدان.
وأضاف ترمب أنهم "جاءوا من فرنسا، وجاءوا من ألمانيا، وجاءوا من المملكة المتحدة، وجاءوا من بلدان كثيرة، وأنا في الحق قلت لهم، إذا لم تأخذوهم، فأنا سأرميهم على حدودكم مباشرة، وبإمكانكم أن تتسلوا بالقبض عليهم ثانية".
وأشار ترمب إلى أنه في حالة هروب المحتجزين من معسكرات الاعتقال التي يسيطر عليها الكرد، فإن الولايات المتحدة لن "تقبض على أشخاص يريدون العودة إلى ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وأجزاء أخرى من أوروبا... إنهم يستطيعون العودة مشيا على أقدامهم إلى بلدانهم، لكنهم لا يستطيعون القدوم مشياً إلى بلدنا. هناك الكثير من المياه الفاصلة بين بلدنا وبينهم".
وفي أوقات سابقة، أطلق ترمب تهديدات عدة مماثلة، ففي أوائل هذا الشهر ذكر إنه غير قلق من احتمال هروب مقاتلي "داعش" لأنهم "سيهربون إلى أوروبا".
وفي أغسطس(آب) الماضي، زعم الرئيس الأميركي أنه "سيفرج عن آلاف المقاتلين من "داعش" إلى أوروبا، إذا لم تجرِ إعادتهم إلى أوطانهم" لكن التهديد لم ينفَّذ أبداً.
وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة لا تسيطر مباشرة على السجون والمعسكرات التي يُحتجَز مقاتلون أجانب ونساء أعضاء في "داعش" مع أطفالهم، من قِبَلْ قوات كردية.
وقد أُبلِغ عن عدد كبير من حالات الهروب منذ أن أمر ترمب القوات الأميركية بالانسحاب من سوريا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي، ما حفز على وقوع هجوم مدعوم تركيّاً على الأراضي التي يحتجز أعضاء من "داعش" فيها.
كذلك أدت الانقسامات بين المحتجَزين إلى وقوع اغتيالات واضطرابات داخل المعسكرات وسط تحذيرات من احتمال وقوع تمرد لأعضاء "داعش". وفي آخر رسالة صوتية نشرت له قبل مقتله، دعا البغدادي أتباعه إلى تحرير أعضاء "داعش" المحتجزين وعوائلهم من المعسكرات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويعتقد أن هناك عشرات من مقاتلي "داعش" الذين جاؤوا من المملكة المتحدة محتجزون في شمال سوريا، جنباً إلى جنب مع ما لا يقل عن 60 طفلاً بريطانياً، هربوا من المناطق التي كانت تحت سيطرة التنظيم، بعد سقوط "الخلافة" المزعومة، بمن فيهم شميما بيغوم وجاك ليتز.
وكذلك نُقِلَ عضوان في خلية "داعش" البريطانية الإرهابية المعروفة باسم "الخنافس"، إلى عهدة الولايات المتحدة لمحاكمتهما على قضايا تعذيب وإعدام للرهائن بمن فيهم جيمس فولي وديفيد هَينز.
وفي تصريح إلى "الاندبندنت"، أوضح قادة عسكريون كرد في المنطقة التي تضم معسكرات اعتقال مقاتلي "داعش"، إنهم لا يستطيعون تأمين سجناء "داعش" والمعسكرات المحتجزين فيها إذا استمر القتال مع القوات التركية، على الرغم من وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه بفضل وساطة روسية.
وفي هذا الصدد، أوضح ميرفان قامشلي قائد "قوات الدفاع السورية"، "نحن ما زلنا محافظين على السيطرة لكن إذا استمر التهديد والهجمات التركية، فإننا لا نعرف إلى متى سنبقى قادرين على إبقاء هذه السجون مؤمَّنة... نحن بحاجة إلى مساعدة لإيقاف هذا النزاع كي تعود قواتنا إلى حماية السجون وإدارتها".
من ناحية اخرى، أورد مسؤولون أميركيون إن ما لا يقل عن 100 مقاتل داعشي تمكنوا من الهرب خلال الأسبوعين الأخيرين، منذ شنت تركيا هجومها ضد المقاتلين الكرد المتحالفين مع الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة لكنهم يُعتبرون إرهابيين من قبل أنقرة.
ويقدر المسؤولون الكرد أن هناك 800 من أفراد عوائل "داعش" قد يكونون هربوا من معسكر "عين عيسى"، الذي كان مأوى لأكثر من 100 ألف شخص مهجَّر.
وهناك مخاوف تتعلق بتأمين معسكري "الهول" و"روج" اللذان يضمان عدداً كبيراً من الأجانب المشتبه بانتمائهم إلى "داعش".
وفي وقت سابق، رفضت الحكومة البريطانية إعادة المحتجزين إلى بلدهم لمحاكمتهم وزادت بشكل درامي استخدام الصلاحيات المثيرة للجدل التي بيدها لحرمانهم من المواطنة، ومنعهم من العودة.
وتشير تقارير إلى أن الحكومة البريطانية قد تتهيأ الآن لاستقبال أطفال مقاتلي "داعش" البريطانيين الذين حوصروا في ميادين القتال، على الرغم من أنه ليس واضحاً إذا كانت هذه المقاربة ستطبّق على الأطفال غير المصحوبين براشدين، وكذلك اليتامى أو أولئك الذين ما زالوا مع آبائهم.
ودعا عدد من النواب الحكومة إلى إعادة المتطرفين البريطانيين، في حين اعتبر مسؤولون كُرد هذا الإجراء بأنه "واجب بريطانيا الأخلاقي والقانوني".
نُقِلَ عضوان في خلية "داعش" البريطانية الإرهابية المعروفة باسم "الخنافس"، إلى عهدة الولايات المتحدة لمحاكمتهما على قضايا تعذيب وإعدام للرهائن بمن فيهم جيمس فولي وديفيد هَينز
ففي شهر أغسطس(آب) الماضي، حذر كاتب الدولة السابق لشؤون الدفاع، توبياس ايلوود، من أن احتجاز آلاف المقاتلين المتطرفين وعائلاتهم في سوريا يخلق ظروفاً مناسبة لتمرد جديد في "داعش" وهجمات إرهابية على المستوى العالمي.
ووفق كلمات ايلوود، "إننا سنرى "داعش 2.0"... سنرى تكراراً لإعادة تجمع "القاعدة" ليصبح تهديداً حقيقياً، ولن يفرض نفسه على الشرق الأوسط فحسب بل بريطانيا أيضاً".
في المقابل، رحبت الحكومة البريطانية بمقتل البغدادي، فيما أوضح خبراء إن بيروقراطية "داعش" والتركيز المتزايد على جماعات دولية خارج العراق وسوريا، سيضمنان بقاء ذلك التنظيم الإرهابي.
وتذكيراً، قبل أن يصبح "خليفة" للدولة الإسلامية المزعومة خلال توسّع ذلك التنظيم الإرهابي في 2014 حينما شن حملة إبادات واغتصابات جماعية ضد الأقلية الإيزيدية، كان البغدادي معتقلاً لدى القوات الأميركية. وقد احتُجز في مدينة الفلوجة العراقية في 2004 مع متطرفين آخرين أصبحوا لاحقاً شخصيات بارزة في تنظيم "داعش".
ولاحقاً، أصبح البغدادي زعيما لتنظيم "القاعدة في العراق" في 2010، قبل سنة من مقتل أسامة بن لادن. بعد ذلك، شن البغدادي حملة إرهابية دموية في البلاد قبل أن يضم سوريا إلى دولته المزعومة، ويعلن عن تشكيل "داعش" بعد الصراع الداخلي في 2014.
وكذلك أعلن ترمب إن البغدادي قتل نفسه وثلاثاً من أطفاله بتفجير قنبلة انتحارية خلال غارة شنتها قوات أميركية خاصة على مخبئه في سوريا. وكذلك علمت "الاندبندنت" أن الجيش البريطاني لم يساهم في العملية.
واعتبر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مقتل البغدادي "لحظة مهمة في قتالنا ضد الإرهاب" لكنه أضاف أن "المعركة ضد شرور "داعش" لم تنته بعد".
وأضاف جونسون، "نحن سنعمل مع شركائنا في الائتلاف لإنهاء النشاطات الإجرامية البربرية لـ"داعش"... مرة واحدة وإلى الأبد".
© The Independent