طغت الرموز التعبيرية الملوّنة (الإيموجي) على أنماط تفاعل الناس فيما بينهم، إذ باتت الغالبية تستخدمها عوضاً عن الكلمات أو اختصاراً لها أو لجُمَلٍ بأكملها، للتعبير عن حالتهم أو التعليق أو المشاركة، خصوصاً على منصات التواصل الاجتماعي وفي الرسائل النصية.
الإيموجي يابانية الأصل، ظهرت بأشكالها في تسعينيات القرن الماضي من قِبل مصمم الواجهات الياباني شجيتا كوريتا للمساعدة في التواصل بشكل أسرع بين الناس، وسرعان ما وجدت طريقها إلى شركات التقنية الكبرى التي أصبحت تتنافس فيما بينها.
تلبية لرغبة المستخدمين
وبحسب عبد العزيز الحمادي أحد المهتمين بالوسائط الرقمية “يوجد حتى اليوم أكثر من 3000 رمز تعبيري (إيموجي) في الهواتف الذكية تناسب جميع مجالات الحياة والعمل، 168 منها تم إضافتها في العام 2019 فقط”
التعبير عن الانفعالات
ويعلل فيصل السيف أحد المهتمين بالتقنية والعلوم الرقمية لـ"اندبندنت عربية"، انتشار الرموز التعبيرية بأنها "شكّلت بديلاً عن التعابير غير اللفظية في الحياة الواقعية كلغة الوجه والجسد ونبرة الصوت غير المتوفرة في النصوص المكتوبة".
وأضاف، "تعد الأيقونات التعبيرية في كثيرٍ من الأحيان الطريقة الوحيدة للتعبير عن المشاعر خلال تبادل المحادثات الرقمية".
وتابع السيف، "انتشرت الإيموجي منذ العام 2015، وكانت منذ بدايتها تعبيراً عن رأي ووصفٍ لحالة، ومع الانتشار عبَّرت عن الحالة العاطفية كالغضب والرضا والسعادة وغيرها من الانفعالات، كما أنها تحمل جوانب ثقافية وأخرى وطنية تمثلت في أيقونات الأعلام ورموز أخرى".
امتداد لتطور اللغات
وعمَّا إذا كانت الإيموجي غيّبت لغة الجسد وتعبيرات الوجه ودرجة الصوت وأبعدت الناس عن النمط القديم للتواصل، يقول "من بداية العصور الأولى ظهر جلياً تطور اللغات بشكل متسارع، والإيموجي امتدادٌ لتطور اللغات، إذ بدأت اللغة برسوم للتعبير عن قصة أو حدث كالكتابات والاختصارات في الكتابة بالهيروغليفية".
ويتفق المتخصص الاجتماعي محمد الحمزة مع وجهة نظر السيف، قائلاً "الإيموجي إلى حد ما تعكس مشاعر مستخدميها في العالم الافتراضي عبر استخدام الرموز التعبيرية".
وأوضح "الرموز الضاحكة واستخدامها في وسائل التواصل الاجتماعي يكوّن للرسالة جماهير أوسع وأكبر، حيث تكون التفاعلات أضخم وأكثر تعقيداً من المحادثات النصية الفردية".
وأضاف، "يمكننا توقّع أن الأشخاص الذين يرون أنفسهم أكثر وداً ولطفاً يحاكون ذلك في هذه البيئات الافتراضية، ويحاولون إيصال هذا الجزء من شخصياتهم عبر الرموز التعبيرية".
وتابع، "كلما استخدم الشخص الرموز المبتسمة كان يُنظر إليه على أنه أكثر وداً ووعياً ومنفتحاً على تجارب جديدة. وفي حين توحي الرموز المبتسمة بأن مستخدميها أكثر لطفاً ووعياً، فإن ذلك قد لا يتطابق مع شخصياتهم الحقيقية، كل ذلك يُلمح إلى الطريقة التي نستخدم بها التعبيرات والرموز الانفعالية في تشكيل انطباعات الآخرين عنا، والحقيقة يجب أن نكون مدركين لكيفية استخدامها على الإنترنت".
يذكر أن (الإيموجي) لعبت دوراً كبيراً في تسهيل حياة مستخدميها، فسهّلت التواصل عبر الشبكات ونقل التعابير البشرية، بل إنها باتت تملك القدرة للتعبير عن شخصيات المتحدثين من خلف الألواح الإلكترونية كاختيار حجم الابتسامة أو العيون الضاحكة، وبدأت تظهر في اختصارات الكلام والرموز التعبيرية التي غدت الطريقة المثلى للتواصل فيما بينهم ويعتمدون عليها اعتماداً شبه كلي.