لفّ الحذاء أقدامنا منذ آلاف السنين عندما كان الإنسان يغلّف قدميه بأوراق النباتات والأعشاب أو بفراء الحيوانات للوقاية من البرد أو الحر أو من الصخور. لكن، وفق بعض الروايات، شهد الحذاء تطوّراً منذ نحو تسعة آلاف سنة.
كانت أحذية المصريين القدماء والإغريق والرومان طريّة وناعمة ومن الجلد، فيما صُنعت الأحذية في الصين من الخشب والقماش.
تطوّر الحذاء من واقٍ إلى قطعة تدل على المكانة الاجتماعية. ففي القرن الخامس عشر، أُضيف كعب على أحذية الفرسان الجلدية كي لا تنزلق أقدامهم عند امتطاء خيولهم، ولا تزال هذه الأحذية تُستخدم حتى اليوم أثناء ركوب الخيل.
وفي القرن السادس عشر، كان الكعب العالي مألوفاً في فرنسا، ينتعله الرجال النبلاء. وتوثّق رسوم تلك الحقبة ذلك، قبل أن يصبح في القرن الثامن عشر شأناً نسائياً خالصاً وغير عملي للرجال.
أما النساء، فكنَّ أول من انتعل الكعب العالي عام 1533. ومنهن زوجة دوق أورليانز، كاترين دي ميديشي، في زفافها بسبب قصر قامتها. وبعد أكثر من مئة عام، اعتُبر الكعب العالي معياراً للرقي، تنتعله سيدات المجتمع وزوجات النبلاء في فرنسا.
خزائن مملوءة أحذية
تلاحظ بعض الإحصاءات أن نسبة أكثر من 57 في المئة من السيدات هنّ مهووسات بشراء الأحذية من غير الحاجة إليها. بعضهن لا ينتعلنها حتى، وتبقى في أرفف الخزائن.
هوس رندا جباعي بالأحذية بدأ عندما أصبحت بعمر قادرة مادياً على شرائها. ولديها ما يفوق الـ 50 حذاء. في المرحلة الأولى، كانت رندا تهتم بالماركات العالمية والألوان وتعتبر أن الحذاء يعكس حال الإنسان وذائقته، ومتى أصبح قديماً ولو قليلاً، تستغني عنه. فهي تبدّل الأحذية باستمرار. وعن ولعها في ذلك الوقت، تقول إنها أُعجبت بحذاء كان أكبر مقاساً فاشترته واحتفظت به. في مرحلة لاحقة مع تراجع الدخل، تراجع التسوق، وتروي "كنتُ أحياناً أستدين المال لأجله، فداويتُ نفسي من هذا الهوس بأن أقلّل من مشترياتي، وعدتُ إلى خزانتي المليئة بعددٍ كبيرٍ من الأحذية". وتقرّ بأنّ علاقتها كانت مرضية بالنسبة إلى اقتناء الأحذية وأصبحت طبيعية، على الرغم من أنها ما زالت تشتري من الماركات الشهيرة والمريحة. وتجزم باعتداد أنها تستطيع من طقطقة كعب السكربينة أن تعرف سعرها وإذا كانت أصلية أو مزورة.
تفضل رندا الكعب العالي والرفيع مع الفساتين، والحذاء المسطح مع الجينز. والآن، مع وجود الأولاد وبمساعدة الموضة، أصبح المسطح هو الأساس، لكنها لا تفضّل الحذاء الرياضي، وترتدي الحذاء المسكر صيفاً وشتاء لأنها تجده أنيقاً أكثر ولا تحبّ إظهار أظافر القدم حتى لو كانت مرتبة.
هذا الهوس ينطبق على أحذية زوجها وأولادها، فاشترت لطفلها عندما بدأ يمشي حذاء بـ250 دولاراً. وتعتبر كذلك أن حذاء الرجل يجب أن يكون أنيقاً وجديداً.
إينا جبيلي تعتبر أنه من المهم بالنسبة إلى الرجال أن يتناسب لون الحذاء مع لون الزنار والجوارب، وتنسيق الألوان يظهر أناقة الرجل. وأحبت موضة البدلة الرسمية مع الحذاء الرياضي، ولا تحب صنادل مفتوحة للرجال.
خصصت إينا خزانة لأحذيتها، إذ لديها أكثر من 80 زوجاً من الأحذية المختلفة، ولا ترميها إلى أن تهترئ. وترواح أحذيتها بين الكعب العالي والمسطح، ولا تحب الكعب المتوسط. لا تكترث للماركات، المهم بالنسبة إليها أن يكون الحذاء متيناً وجميلاً وأنيقاً. أما الحذاء المفتوح، فتفضله مسطحاً لأنها تجد أن الكعب العالي المفتوح يجعل شكل أصابع قدميها تبدو مخنوقة.
وبحكم العادة، تنتعل إينا الكعب العالي أثناء قيادة السيارة وفي التجوال في المعارض وفي الشارع وطوال النهار، من دون انزعاج.
الشكل والراحة
بتول كركوز تهتم للماركات بشرط أن يكون الحذاء مريحاً. هوسها السنيكرز الأبيض، وتحتوي خزانتها على كثير من الأحذية لدرجة لا تعرف عددها من كل الأنواع مع كعب ومن دونه، لكنها تفضل الأحذية الرياضية والعملية. أما الأحذية المفتوحة، فتفضل المسطحة منها، وهي تنتعل المسطح بشكل يومي لأسباب صحية. أما الكعب، ففي بعض المناسبات. ولا تستطيع قيادة السيارة بكعب عال.
وتفضل بتول الأحذية الرياضية لزوجها، على أن تتناسب مع الجوارب. تقول "غرامي هو الأحذية، وأستطيع الاستغناء عن شراء أي شيء إلاّ الحذاء، حتى إنّ والدتي تسخر مني، قائلة: ما بتشبعي أحذية، وبالواقع لا أشبع أحذية! ولا يزعجني شيء إلاّ إذا جُرح حذاء".
مجدلا خطار تحب الكعب العالي ولا يزعجها أثناء قيادة السيارة، ولكنها تفضّل المسطح أكثر لأنه مريح. ولقد أعجبها أن المسطح بات "على الموضة" حتى في المناسبات الرسمية. فالبعض، تقول مجدلا، يرتدي التنس شوز مع الفساتين والسراويل الرسمية والشورتات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تنتعل أي حذاء تشتريه مباشرة، لأنّها مولعة بالأحذية التي تعتبرها أهم قطعة لصرف المال عليها، لتكون الأفضل في الشكل والراحة في آن. وتفضل الأحذية المسطحة، ما عدا المفتوح من الأمام أو من الخلف، وتجد أنها تقلّل من قيمة الحذاء بإظهار أصابع القدم. "أحب أن أجن في موديلات الأحذية، وحتى لو كنتُ أنتعل كعباً في أحد الأعراس، ترافقني "البالورين" (حذاء مسطح) في السيارة".
بالنسبة إلى الرجل، فإن أول ما تنظر إليه مجدلا هو الحذاء الذي يجب أن يكون على الموضة ومنسجماً مع الجوارب. والحذاء هو أكثر ما تشتريه لزوجها.
متلازمة إيميلدا
هذه الحالات تبدو خجولة مقارنة بمهووسات الأحذية العالميات. ولم تعد استثناءً قصة سيدة الفلبين الأولى السابقة، إيميلدا ماركوس، التي فرّت من بلادها عام 1986، وتم اكتشاف أكثر من 3 آلاف زوج من الأحذية في قصرها، خصوصاً أنها أقامت لأحذيتها هذه متحفاً عام 2001 ضم نحو 250 حذاء. وحتى إنّ هوس التعلق بالأخذية سُمّي باسمها "متلازمة إيميلدا"، كأنه مرض. ولكن بعض الشهيرات تخطّينها، فهناك ملكة الأحذية الأميركية دارلين فلين، التي دخلت في 2006 موسوعة غينيس للأرقام القياسية، وكان لديها 7765 حذاء بدأت جمعها بعد انفصالها عن زوجها في 2001. وعام 2013، تفوّقت على ذاتها وأصبحت تمتلك 16400 حذاء.
والروائية الأميركية دانيال ستيل تمتلك أكثر من 6 آلاف زوج من الأحذية. والممثلة الأميركية ليندزي لوهان تمتلك مخزناً للأحذية يضم 5 آلاف زوج. أما المغنية الكندية سيلين ديون، فتمتلك نحو 3 آلاف زوج من الأحذية، وتقول إن الأحذية هي شغف حياتها، ولكل زوج تمتلكه حب خاص. وتقول الممثلة الإسبانية بينيلوبي كروز إنه عندما يُعرض عليها دور جديد، فإن أول ما تفكر فيه هو الحذاء الذي ستنتعله خلال أدائها الشخصية، فهو يساعدها نفسياً في تجسيد الدور المطلوب.