في أول ظهور له بعد فراره من اليابان إلى لبنان، نشرت قناة "تي إف 1" الفرنسية، الخميس 2 يناير (كانون الثاني)، صورةً بدا فيها الرئيس السابق لتحالف رينو نيسان ميتسوبيشي كارلوس غصن محتفلاً على الأرجح بحلول العام الجديد، بحضور زوجته كارول نحاس وأشخاص آخرين. وبينما لم تذكر القناة موقع التقاط الصورة، يرجّح أن يكون في منزله في بيروت أو في منزل أهل زوجته.
ورداً على الأخبار التي أشيعت حول ضلوع زوجته كارول بهروبه ووصفها بـ"الرأس المدبّر" للعملية الغامضة، قال غصن، في بيان الخميس، إن أسرته لم تلعب دوراً في مغادرته طوكيو وإنه رتّب بمفرده إجراءات خروجه. وجاء في البيان "المزاعم الواردة في وسائل الإعلام بأن زوجتي كارول وأفراداً آخرين من عائلتي لعبوا دوراً في رحيلي من اليابان خاطئة وكاذبة. أنا بمفردي دبّرت مغادرتي. عائلتي لم تلعب أي دور".
وفي آخر مستجدات ملف رجل الأعمال اللبناني الفرنسي البرازيلي كارلوس غصن، كشف مصدر قضائي لبناني أن بيروت تسلّمت من الانتربول ومذكرة توقيف بحقه هي "النشرة الحمراء"، وفق ما أعلنت وزارة العدل. غصن الذي فر بطريقة غامضة من اليابان حيث كان قيد الإقامة الجبرية في انتظار بدء محاكمته في مخالفات مالية، نفى مصدر في القصر الرئاسي اللبناني حصول أي لقاء بين الرئيس ميشال عون وغصن، وقال لوكالة الصحافة الفرنسية، الخميس، إن "غصن لم يلتق رئيس الجمهورية".
غصن (65 عاماً) وصل الإثنين 30 ديسمبر (كانون الأول) 2019 إلى بيروت، على متن طائرة تركية خاصة، مستخدماً جواز سفر فرنسي وبطاقة الهوية اللبنانية، في خطوة أثارت صدمة كبيرة في طوكيو، فيما اعتبرت السلطات اللبنانية الثلاثاء أنه دخل البلاد "بصورة شرعية"، ولا شيء يستدعي ملاحقته. الى ذلك، اشارت رويترز الى ان الشرطة التركية اعتقلت سبعة أشخاص من بينهم أربعة طيارين في ما يتصل بمرور غصن عبر تركيا خلال عودته من اليابان الى لبنان.
ويثير لجوء غصن إلى لبنان موجة استياء بين المواطنين لا سيما على وسائل التواصل الاجتماعي. فإضافة إلى التعليقات على صلة القرابة بين "فساد غصن وفساد الطبقة السياسية اللبنانية"، توقف كثيرون عند زياراته المتكررة إلى إسرائيل، وتنتشر صوره مع سياسيين إسرائيليين، ما يُعتبر مخالفاً للدستور اللبناني.
إخبار قضائي
كذلك، تقدم ثلاثة محامين لبنانيين بإخبار لدى النيابة العامة التمييزية ضد غصن، بتهمة زيارته اسرائيل في وقت سابق و"التطبيع" معها، وفق ما أعلن أحدهم لوكالة "الصحافة الفرنسية".
وقال المحامي حسن بزي الذي قدّم مع زميليه جاد طعمة وعلي عباس الإخبار ضد غصن، "موضوع التعامل مع إسرائيل ليس وجهة نظر، والقانون يمنع التطبيع"، كون البلدين في حالة حرب، موكداً توقيعه عقوداً تجارية وبالتالي فقد "ارتكب جرماً جزائياً ومن غير المقبول التساهل معه إطلاقاً من قبل السلطات اللبنانية".
وسأل بزي "أين كانت النيابة العامة التمييزية والأمن العام خلال زيارات غصن السابقة إلى لبنان، بعدما زار إسرائيل والتقط الصور فيها؟"، واصفاً ذلك بـ"وصمة عار".
وأبدى أسفه كون "الفقراء والمساكين يلاحقون في لبنان في حين يجري التعامل مع من جنى الملايين من استثماراته مع العدو كما لو أنه بطل قومي".
"أنا لم أهرب"
وقد بدأت هذه الموجة بعد انتشار كلام يضع غصن في محور "الممانعة"، ويقول إنه رفض العقوبات الأميركية على إيران "ولهذا يُحاكم في اليابان".
ولم تتضح بعد ظروف مغادرة غصن، في تطور فاجأ أيضاً على ما يبدو فريق دفاعه في اليابان، بينما تعهد في أول تعليق له، بالتحدثّ "بحرية" إلى وسائل الإعلام، بدءاً من الأسبوع المقبل.
وقال غصن، الرئيس السابق لتحالف رينو نيسان ميتسوبيشي، في بيان نقله المتحدثون باسمه في طوكيو الثلاثاء "أنا الآن في لبنان. لم أعد رهينة نظام قضائي ياباني متحيز حيث يتم افتراض الذنب".
أضاف "لم أهرب من العدالة، لقد حررت نفسي من الظلم والاضطهاد السياسي. يمكنني أخيراً التواصل بحرية مع وسائل الإعلام وهو ما سأقوم به بدءاً من الأسبوع المقبل".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال أحد محامي غصن في لبنان إن قطب صناعة السيارات سيعقد مؤتمره الصحافي "في الأسبوع المقبل، إلا أن الموعد النهائي لم يُحدّد بعد".
رد الفعل الياباني
وأثار فرار كارلوس غصن من اليابان، دعوات لتشديد النظام القضائي والذي يقول المنتقدون أصلا إنه بغاية الصرامة. وذكر الاعلام الياباني ان مسؤولاً تنفيذياً بارزاً في شركة نيسان قال عندما علم بهرب غصن الى لبنان لتجنب محاكمته "كنت أعلم أن ذلك سيحدث".
وبحسب صحيفة اساهي شيمبون قال المسؤول التنفيذي "هل يثبت براءته بهذه الطريقة؟ بهربه الى الخارج". وأضاف "يجب عدم السماح بمنح الخروج بكفالة للمشتبه بهم الذين ينفون التهم الموجهة لهم".
وقال أحد كبار ممثلي النيابة لصحيفة ماينيتشي شيمبون "هذا ما توقعناه عندما قلنا ان غصن يجب أن يبقى رهن الاحتجاز"، معرباً عن اسفه ان جهود النيابة المضنية لجمع الأدلة ذهبت هباء.
كما وردت دعوات في وسائل الاعلام لتشديد اجراءات الكفالة عقب فرار غصن الذي وصفته العديد من الصحف بأنه "سخر" من النظام القضائي الياباني.
وقالت صحيفة يوميوري شيمبون انه "لمنع تكرار ما حدث، يجب أن نناقش كيفية تغطية النقاط الضعيفة في النظام، مثل وضع الكفالة مساوية لمعظم أصول المدعى عليهم، ومراقبة مكان تواجدهم.
وسلط القبض على غصن بتهم متعددة تتعلق بالمخالفات المالية، الضوء في العالم على النظام القضائي في اليابان الذي يعتبر قاسيا مقارنة بمثيله في الغرب.
ففي اليابان يمكن التحقيق مع المتهمين لمدة 48 ساعة يمكن تجديدها لفترتين كل منها عشرة أيام، وبالتالي فإن وقت الاحتجاز دون توجيه تهم رسمية هو 22 يوما.
وغالبا ما تأمر النيابة "باعادة احتجاز" المشتبه به في تهمة مختلفة قليلة لتكرار احتجازه لنفس الفترة، وهو ما حدث لغصن عدة مرات.
وعندما يتم توجيه التهم رسميا في نهاية المطاف، يتم احتجاز المشتبه بهم لفترة شهرين بانتظار محاكمته، ويتم تجديدها شهراً واحداً في كل مرة بتقديم استئناف للمحكمة.
وصرح المدعي السابق ياسويوكي تاكاي "ان النظام يعمل بهذه الطريقة لكي توجه السلطات التهم للمشتبه فيهم بعد التأكد التام من أنهم مذنبون".
وأضاف "تخيل تبرئة 30 إلى 40 في المئة من الناس اثناء المحاكمة. سيتساءل الناس عن سبب توجيه الاتهامات لهذا العدد الكبير من الناس"، مشيراً الى ان المحاكم تقرر الافراج بكفالة بشكل متزايد.
وصرح تسونيهيكو مايدا النائب السابق ان قضية غصن "تثبت أنه توجد طرق فرار سهلة للأثرياء المدعومين الراغبين في الفرار الى الخارج، مهما كانت شدة شروط الكفالة التي تفرضها المحاكم".
وأضاف "نستطيع أن نتوقع ان يعارض ممثلو النيابة طلبات الافراج بكفالة في المستقبل بشكل أكبر".
وانتقدت جهات من بينها جماعات حقوقية مثل منظمة العفو الدولية النظام الياباني ووصفته بأنه اشبه باحتجاز "الرهائن"، ويهدف إلى تحطيم الروح المعنوية للمشتبه فيهم والحصول على اعترافاتهم بالقوة.
لبنانياً
وكانت وزارة الخارجية اللبنانية أفادت في بيان بشأن غصن الثلاثاء بأن "ظروف خروجه من اليابان والوصول إلى بيروت غير معروفة منّا وكل كلام عنها هو شأن خاص به". غصن كان قيد الإقامة الجبرية منذ أبريل (نيسان) 2019، بعد توقيفه في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) واعتقاله لمدة 130 يوماً، على مرحلتين، قبل أن يتمّ اطلاق سراحه بكفالة. ووجّه القضاء الياباني أربع تهم إليه تشمل عدم التصريح عن كامل دخله واستخدام أموال شركة نيسان التي أنقذها من الإفلاس للقيام بمدفوعات لمعارف شخصية واختلاس أموال الشركة للاستخدام الشخصي.
وكان يسمح له بالتنقل داخل اليابان، لكن فترة تغيبه عن مقر إقامته كانت تخضع لقيود صارمة.
ومنذ اعتقاله، ندد محامو غصن وعائلته مراراً بظروف احتجازه وبالطريقة التي يتعاطى بها القضاء الياباني مع ملفه. ونفى غصن التهم الموجهة إليه، مشيراً إلى أن عمليات الدفع التي قام بها من أموال نيسان كانت لشركاء في المجموعة، وتمت الموافقة عليها وأنه لم يستخدم يوماً بشكل شخصي أموال الشركة.