على إثر سلسلة من المشاورات المطولة والشاقة التي دامت ستة أسابيع، أعلن الحبيب الجملي رئيس الحكومة المكلف تشكيلة حكومته التي تضم 28 وزيراً و14 كاتب دولة بينهم 10 نساء، وسيقع التّصويت عليها في البرلمان خلال جلسة عامة قد تُعقد الأسبوع المقبل.
تمثيل ضعيف للمرأة
وبعكس ما أعلنه الجملي في وقت سابق، فإن تمثيل المرأة في الحكومة الجديدة لم يتجاوز 24 في المئة، وبإعلانه تركيبة حكومته، أنهى رئيس الحكومة المكلف جدلاً استمر ساعات طويلة حول خلاف محتمل بينه ورئيس الجمهورية قيس سعيد تسبب في تأجيل الإعلان عن تركيبة الحكومة.
وقبل الإعلان الرسمي عن قائمة الحكومة، سُرّبت التشكيلة الحكومية عبر شبكات الميديا الاجتماعية، ما اعتُبر بالون اختبار لمعرفة ردود أفعال الأحزاب السياسية والرأي العام التونسي.
فهل ستنجح هذه الحكومة في نيل الثقة في البرلمان؟ وما هي حظوظ نجاحها في رفع التحدّيات الماثلة في تونس اقتصادياً واجتماعياً؟
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حكومة الجملي لن تعمّر طويلاً
"اندبندنت عربية" سألت أستاذ الفلسفة السياسية في الجامعة التونسية فريد العليبي عن حظوظ الحكومة في نيل ثقة البرلمان، فأكد أنها لن تنال تزكية البرلمان، ما قد يفتح المجال أمام مقترح حكومة الرئيس، وإذا نالت الثقة، فإنها ستواجه مشاكل متتالية طالما أن استراتيجياتها السياسية غير واضحة المعالم، الأمر الذي عبّر عنه رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي الذي قال إن كل وزير سيحدد برنامجه بمفرده، ما يعني أن الاستراتيجية الشاملة مفقودة وهذا ما تتطلبه أية حكومة.
وفي ظل هذا الوضع، فإن المشهد السياسي في البلاد ملبّد بالغيوم، والأزمة السياسية تتفاقم والمرجح أن حكومة الجملي ميتة قبل ولادتها، حتى إن قُدرت لها الحياة، فإنها لن تعمّر طويلاً.
أحزاب لا تصنع غير الفشل
وأكد الصحافي المهتم بالشأن الوطني محمد صالح العبيدي لـ "اندبندنت عربية" أنه لا توجد إرادة سياسية في إنجاح الحكومة من قبل الأحزاب السياسية لأنها لا تملك حلولاً لما تعانيه البلاد من أزمات، وهي أحزاب تدير شؤونها الداخلية من دون أن تكون لها القدرة على إدارة شؤون الدولة أو أن تكون لها برامج سياسية واضحة. وأشار إلى أن حركة "النهضة" مهّدت للتبرؤ من الحكومة من خلال بيانها وإشارات بعض قياداتها إلى أنها حكومة الاتحاد العام التونسي للشغل.
وفي إجابته عن سؤال يتعلق بإمكانية نيلها الثقة في البرلمان، لفت العبيدي إلى أنه حتى لو صُدّق عليها، فإنّ عمرها الافتراضي سيكون قصيراً ولن يتجاوز العام الواحد.
الحل في تغيير نظام الحكم
وقال إن ضعف حكومة الجملي هو من فقر المشهد السياسي في تونس وانعدام التخطيط والرؤية الصحيحة لواقع البلاد ومستقبله، معتبراً أنه للخروج من هذا المأزق، لا بدّ من تغيير النظام السياسي إلى نظام رئاسي لأنه سيحدد قدرة الأحزاب على أن تكون ثابتة من خلال نظام الاقتراع ونظام العتبة، وعبر تجميع العائلات السياسية المتقاربة في كيانات سياسية موحدة وقوية. وأشار إلى أن هرمية السلطة تكون واضحة لأن تونس اليوم بحجمها الديموغرافي لا تحتمل سلطة تنفيذية بثلاثة رؤوس (رئيس الدولة ورئيس البرلمان ورئيس الحكومة).
وختم العبيدي "أن عدداً من الأحزاب السياسية على غرار حركة "النهضة" سيقوم بمراجعات من أجل تغيير نظام الحكم، لأن الطرف السياسي الذي أسس منظومة الحكم هذه، وجد نفسه في مأزق.
حكومة ستواجه مصيرها أمام البرلمان
وأثارت تركيبة حكومة الجملي التي قال إنها مكوّنة من كفاءات مستقلة عن الأحزاب سيلاً من الانتقادات حول عدد من الوزراء وكتّاب الدولة على اعتبار أنهم غير مستقلين، واعتبرت حركة "الشعب" أنها حكومة حركة "النهضة" و"قلب تونس"، رافضةً منحها الثقة، في موقف ينسجم مع الموقف الذي عبّر عنه التيار الديمقراطي، بينما رحّل "قلب تونس" الحسم إلى مكتبه السياسي الذي سيعقد خلال الساعات المقبلة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى حركة "النهضة"، إذ سينظر مجلس شورى الحركة في موضوع الحكومة نهاية هذا الأسبوع.
وقد تذهب حكومة الجملي بلا دعم حزبي قوي إلى مواجهة مصيرها تحت قبة البرلمان خلال الأسبوع المقبل.