حذّرت الإدارة الذاتية الكردية في سوريا، الثلاثاء، من أن استثناء مجلس الأمن معبراً حدودياً من المعابر المخصّصة لإدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، سيؤدي إلى نقص في المستلزمات الطبية وسيزيد من "تحكّم" دمشق بتوزيعها في شمال شرقي سوريا.
وكان مجلس الأمن الدولي وافق، الجمعة الماضي، على تمديد آلية تسليم المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا لمدة ستة أشهر بدلاً من عام، بضغط من موسكو، حليفة دمشق. واستبعد كذلك تقديم المساعدات عبر معبرين، أحدهما معبر اليعربية الحدودي مع العراق، الذي كان يُستخدم عادةً لإيصال المساعدات الطبية إلى مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد، حيث يعتمد أكثر من مليون ونصف شخص على المساعدات الإنسانية.
لا مساعدات سوى عبر دمشق
وقال رئيس مكتب الشؤون الإنسانية في الإدارة الذاتية عبد القادر الموحد لوكالة الصحافة الفرنسية "لن يكون هناك دخول لأي مساعدات إلا من دمشق، ما سيعطيها إمكانية تحكّم إضافية في المساعدات وآلية توزيعها واختيار الشركاء المحليين والمستفيدين".
ومن شأن آلية العمل الجديدة أن تحول دون تأمين "60 إلى 70% من الاحتياجات الطبية في مخيم الهول"، حيث يقيم عشرات الآلاف من النازحين وأفراد من عائلات مقاتلي تنظيم داعش. كما تهدّد القدرة على إيصال المستلزمات والمعدات الطبية إلى مستشفى الحسكة ونقاط طبية أخرى والهلال الأحمر الكردي، وفق الموحد.
ولم يعد أمام الإدارة الذاتية الكردية إلا خيار تلقي المساعدات عبر معبر سيماليكا غير الشرعي مع إقليم كردستان العراقي، والذي لا تستخدمه الأمم المتحدة وشركاؤها لإدخال المساعدات.
المساعدات عبر تركيا "شبه مستحيلة"
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسيقتصر إدخال المساعدات إلى سوريا في المرحلة المقبلة على معبري باب الهوى وباب السلام مع تركيا، التي تعدّ المقاتلين الأكراد "إرهابيين"، وعبر دمشق التي انتشرت قواتها أخيراً في مناطق الإدارة الذاتية بطلب كردي أعقب هجوماً واسعاً شنّته أنقرة في المنطقة الحدودية.
وأوضح الموحد أن إدخال المساعدات من تركيا "شبه مستحيل"، معرباً عن اعتقاده بأن إيصالها عبر دمشق سيسمح للأخيرة بـ"ابتزاز الإدارة الذاتية سياسياً"، وسيشكّل "إحدى أوراق الضغط التي ستستخدمها الحكومة السورية في مفاوضاتها مع الأكراد برعاية روسية حول مستقبل المنطقة".
ويطمح الأكراد، الذين تمكّنوا خلال سنوات النزاع وبعد عقود من التهميش من بناء إدارة ذاتية ومؤسسات تربوية واجتماعية وعسكرية، إلى الحفاظ على الحد الأدنى من مكتسباتهم خلال مفاوضاتهم مع دمشق إزاء مستقبل مناطقهم، بينما ترغب الأخيرة بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل بدء النزاع عام 2011.
انحياز الأمم المتحدة؟
ووصف القيادي الكردي في قوات سوريا الديموقراطية ريدور خليل، في تغريدة الجمعة، ما جرى بـ"تطوّر خطير"، و"تكرار لعدم حيادية الأمم المتحدة"، معتبراً ذلك بمثابة "إعلان واضح لمنع وصول المساعدات إلى مستحقيها".
ورأى الباحث في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، أن من شأن تقليص عدد المعابر التي تُدخل المساعدات منها أن "يركّز السلطة أكثر في يد دمشق وبأيدي الحكومة السورية". وأضاف "إنه مثال آخر على كيفية استفادة دمشق من تحكّمها بمؤسسات الدولة السورية ومن الشرعية الدولية لفرض تبعية" الأطراف الأخرى لها.