بات لبنان "على عتبة تأليف حكومة من 18 وزيراً اختصاصياً"، وفق ما أعلن وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل من عين التينة، الخميس 16 يناير (كانون الثاني)، عقب مشاركته في لقاء جميع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف حسان دياب، الذي امتدّ نحو ساعتين.
وبينما غادر دياب من دون الإدلاء بتصريح، يشير كلام خليل إلى أن العقبات قد ذلّلت من أمام تشكيل الحكومة، إذ قال إن اللقاء بين بري ورئيس الحكومة المكلف "كان إيجابياً وأمّن مناخات تتيح تشكيل حكومة من اختصاصيين تمثل أوسع شرائح ممكنة"، مشيراً إلى اعتماد "معايير موحّدة في تشكيلها".
الأمن اللبناني يواجه الاحتجاجات بمزيد من الاعتقالات
وبعد مواجهات لليوم الثاني على التوالي، مساء الأربعاء، بين المتظاهرين والقوى الأمنية في العاصمة اللبنانية بيروت، أصيب خلالها العشرات وبينهم صحافيون، دافع المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان عن عناصر مؤسسّته قائلاً إن "عنصر قوى الأمن يعاني يومياً خلال 90 يوماً في الشارع، ويتعرّض يومياً لشتى أنواع الممارسات القاسية".
وفي مؤتمر صحافي، اعتذر عثمان من الصحافيين الذين أصيبوا في مواجهات الأربعاء، وأوضح "نواجه عنفاً كبيراً من مندسّين. كلنا معرّض للخطأ لكننا نقدّم دماءنا للوطن لنحافظ عليه". أضاف "أتحدّى أن يقول لنا أحد إننا منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) حتى الآن قد تعدّينا عليه قبل الاعتداء علينا وعلى الأملاك العامة والخاصة. التوقيفات جرت وفقاً للقانون وليس تلقائياً، وبالعودة إلى القضاء".
وكشف عثمان أنه منذ اندلاع الاحتجاجات جُرح 483 عنصراً من قوى الأمن، بينهم 100 في أحداث اليومين الماضيين، موضحاً أن هذا الرقم يشكّل ثلث عديد قوة مكافحة الشغب ويقلّ عن عدد الجرحى من المدنيين والذي بلغ 453 وفقه، ومعظمهم اختناقاً بالقنابل المسيلة للدموع. وأشار إلى تضرّر 70 آلية عسكرية لقوى الأمن وتوقيف 353 مدنياً.
وعن أحداث اليومين الماضيين، قال عثمان إن قوى الأمن لم تتعرّض للمتظاهرين السلميين، بل واجهت أشخاصاً رموها بالحجارة والمفرقعات وعبوات المياه.
ومساء الأربعاء، تظاهر المئات في منطقة كورنيش المزرعة أمام ثكنة للقوى الأمنية، التي أوقف فيها أكثر من 50 شخصاً ممن اعتقلوا خلال مواجهات بين المتظاهرين وعناصر مكافحة الشغب ليل الثلاثاء أمام المصرف المركزي في محلة الحمرا.
وقطع المتظاهرون الطريق أمام الثكنة، وهتفوا مطالبين بإطلاق سراح الموقوفين وضد المصرف المركزي والسلطة الحاكمة، قبل أن تندلع مواجهات بينهم وبين القوى الأمنية، التي استخدمت الغاز المسيل للدموع.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام، الرسمية، بسقوط قنابل مسيلة للدموع داخل السفارة الروسية المحاذية لمنطقة الاشتباكات.
وبعد ساعات من المواجهات، أفرجت القوى الأمنية عند منتصف ليل الأربعاء- الخميس عن عشرة أشخاص من موقوفي مساء الثلاثاء، وفق ما أفاد الإعلام المحلي وناشطون. لكن خلال مواجهات الأربعاء، اعتقلت القوى الأمنية مزيداً من المتظاهرين، قدر محام عددهم بـ17 شخصاً.
وأعلن الصليب الأحمر عن إسعاف عشرة أشخاص في المكان، ونقل 37 آخرين إلى مستشفيات قريبة.
وتظاهر العشرات أيضاً الأربعاء في مناطق عدة، بينها مدينة طرابلس (شمال) والنبطية وصور (جنوب) كما قطعوا طرقاً رئيسية عدة.
ضد المصارف
وفي وقت سابق الأربعاء، تظاهر العشرات أمام مصرف لبنان في شارع الحمرا، حيث فرضت القوى الأمنية إجراءات مشددة، قبل أن ينضموا إلى المعتصمين أمام الثكنة.
وهتف المتظاهرون "يا لبناني اتفضّل شرِف حتى نسقّط حكم المصرف" و"لا ليرة ولا دولار، سلامة فلّس لبنان"، في إشارة إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يحمله متظاهرون جزءاً من مسؤولية التدهور المالي الحاصل، إلى جانب المسؤولين السياسيين الذين يطالبون منذ ثلاثة أشهر برحيلهم.
ويأتي ذلك غداة مواجهات عنيفة استمرت خمس ساعات على الأقل ليل الثلاثاء بين المحتجين وقوى الأمن، التي استخدمت الغاز المسيل للدموع بكثافة.
وكسر المتظاهرون ليل الثلاثاء الواجهات الزجاجية الصلبة لعدد من المصارف، مستخدمين أعمدة إشارات السير التي اقتلعوها من مكانها وقساطل حديد ومطافئ الحريق. كما حطموا أجهزة الصراف الآلي ورشوها بالطلاء الأحمر، وكتبوا على الجدران شعارات مناوئة للمصارف بينها "يسقط حكم المصرف".
وأسفرت المواجهات ليل الثلاثاء عن إصابة العشرات من مدنيين وعسكريين.
إدانة أعمال الشغب
ودان مسؤولون لبنانيون أعمال الشغب ليلاً. وطالب رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري في بيانين منفصلين بمعاقبة المسؤولين عن الاعتداءات على المصارف، معتبرين أن ما جرى "غير مقبول"، في حين وصفته جمعية المصارف بـ"العمل الهمجي".
ودافع الحريري عن سلامة الذي التقاه ليلاً، وقال لصحافيين "لديه حصانة ولا أحد يستطيع عزله"، وفق ما نقلت الوكالة الوطنية للإعلام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في المقابل، انتقد المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، في تغريدة الأربعاء، أداء السياسيين الذين "يتفرجون على انهيار الاقتصاد" على وقع "تصاعد الاحتجاجات الغاضبة". وخاطبهم بالقول "أيها السياسيون، لا تلوموا الناس، بل لوموا أنفسكم على هذه الفوضى الخطيرة".
ومنذ أسابيع، ينتظر المودعون لساعات داخل قاعات المصارف لسحب مبلغ محدود من حساباتهم الشخصية بالدولار، بعدما حددت المصارف سقفاً لا يلامس الألف دولار شهرياً، كما فرضت مؤخراً قيوداً على سحب الليرة اللبنانية.
وتشهد المصارف بشكل شبه يومي إشكالات بين الزبائن الذين يريدون الحصول على أموالهم وموظفي المصارف العاجزين عن تلبية رغباتهم. كما لم يعد ممكناً تحويل مبالغ مالية إلى الخارج إلا في حالات محددة.
وفيما لا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتاً على 1507 ليرات مقابل الدولار، لامس الدولار عتبة 2500 ليرة في السوق الموازية، التي ظهرت في الصيف للمرة الأولى منذ أكثر من عقدين.
وفي لبنان، يتم استخدام الدولار والعملة المحلية في عمليات الدفع اليومية، إلا أن الحصول على الدولار بات مهمة صعبة منذ أشهر، ويتهم المتظاهرون المصارف بالتواطؤ مع الصرافين والتلاعب بسعر الصرف.
ومنذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، خرج مئات الآلاف من اللبنانيين إلى الشوارع والساحات وقطعوا الطرق احتجاجاً على أداء الطبقة السياسية التي يتهمها المتظاهرون بالفساد ويحملونها مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي وعجزها عن تأهيل المرافق وتحسين الخدمات العامة الأساسية.