لم يتوقف الجدل حول حجم الحقوق الممنوحة للمرأة رغم التقدم التي تحرزه الرياض في هذا المجال، إذ أعاد مجلس الشورى السعودي نبش الملف لكن هذه المرة عن طريق طرق الباب الذي يطلق عليه السعوديين "بلاغ التغيب"، الذي يقدم من قبل ولي الأمر ضد الفتيات اللواتي يتغيبن عن المنزل.
إذ تدرس لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية في مجلس الشورى توصية تقدمت بها عضوتان من أعضائه، تطالبان فيها وزارة العدل برفض بلاغات التغيب المرفوعة على المرأة التي بلغت 21 عاماً من عُمرها.
وبررت العضوتان طلبهما لمعارضة نظام التغيب القائم في السعودية منذ عقود، مع التعديل الأخير الذي طال نظامي الأحوال الشخصية ووثائق السفر، وهو الذي أعطى للمرأة كامل الأهلية في حال تجاوزها سن 21 عاماً بالتساوي مع الرجل.
وقالت الدكتورة لطيفة الشعلان وهي إحدى اللواتي تقدمن بالتوصية "تقدمت بتوصية مع الزميلة موضي الخلف تطالب وزارة العدل بالتوقف النهائي عن قبول بلاغ التغيب على من أتمت 21 سنة من العمر باعتبار 21 هو سن رشد المرأة، حسب التعديلات الحديثة في نظامي الأحوال ووثائق السفر، واستمرار العدل في قبول الدعاوى يشكل معارضة للأنظمة".
توصية لي مع الزميلة موضي الخلف تطالب وزارة العدل ب ( التوقف النهائي) عن قبول بلاغ التغيب على من أتمت 21 سنة من العمر باعتبار 21 هو سن رشد المرأة، حسب التعديلات الحديثة في نظامي الأحوال ووثائق السفر.
استمرار العدل في قبول الدعاوى يشكل معارضة للأنظمة
— لطيفة الشعلان (@LatifahAshaalan) January 22, 2020
ويعتبر المحامي والقانوني سعد الغابري في إجابته على سؤال "اندبندنت عربية"، حول قانونية الاستمرار بقبول بلاغات التغيب أن "بلاغ التغيب هو ثغرة قانونية يمكن استخدامها لتعطيل قانون الأحوال الشخصية الجديد، يمكن بسهولة تعطيل العمل بسن الرشد وفق قانون الأحوال الشخصية الجديد، فهناك قاعدة قانونية ثابتة وهي أنه عند حدوث تعارض في حالة معينة فتكون أولوية التطبيق للنص الذي يتضمنه القانون الخاص وليس للنص العام".
ويضيف "نتفق على أن الأصل هو عدم حدوث تعارض بين الخاص والعام، ذلك أن لكل من القانونين مجاله الذي يسري فيه، فالقانون العام يسري على عموم الأفراد أو الحالات، في الوقت الذي يسري القانون الخاص على طائفة خاصة من الأفراد أو الحالات، إلا أنه في حال حدوث التعارض يسري القانون الخاص وفق قاعدة تقضي بتقييد الخاص للعام"، وتظل حالة التغيب والقانون الذي يطبق فيه حالة خاصة تسري بخصوصيتها على عموم قانون الأحوال الشخصية، وفقاً للغابري.
وهو ما يزيد من أهمية إعادة النظر في قبول بلاغات التغيب بشكل محدد، لتعطيله بخصوصيته قانون الأحوال الشخصية والسماح بالسفر دون قيود.
وتوضح عضوة مجلس الشورى لطيفة الشعلان توصيتها بأنها تركز على البلاغات المقدمة تجاه الهاربات من التعنيف لا المختفيات "بلاغات التغيب عند مراكز الشرط للمفقود والتائه والمخطوف شيء مختلف كليًا ولا علاقة للتوصية به، التوصية موجهة للقضايا التي تصل للعدل عن معنفات ومن في حكمهن، لجأن إلى حماية أو استقلال فيأتي الحكم بإعادتها لمعنفها، وربما أيضا إيقاع حكم قضائي عليها مترتب على دعوى التغيب".
تعديل سن الرشد
وكان مجلس الوزراء السعودي قد أقر تعديلات في قوانين الأحوال الشخصية المتعلقة بالمرأة في 30 يوليو (تموز) الماضي، في إطار حملة إصلاحات اجتماعية تهدف لتخفيف القيود المفروضة على النساء في الدولة العربية المحافظة.
شملت هذه التعديلات السماح للنساء فوق 21 سنة باستخراج جوازات سفر بأنفسهن والسفر إلى الخارج دون الحاجة إلى موافقة مسبقة من أولياء الأمور، لتزيل بذلك الرياض جزءً من قيود المثيرة للجدل والتي تسببت بانتقادات دولية طالت السعودية لسنوات.
وشملت التعديلات السماح للأم بحضانة أبنائها وإصدار جواز سفر للطفل المحضون والسفر به أو التصريح له بذلك، واختيار محل الإقامة، وهو مالم يكن مسموحاً في وقت سابق.
وشملت التعديلات الجديدة أيضا السماح للمرأة بتسجيل أولادها، والاعتراف بها كوصي على أولادها الذين لم يبلغوا الـ18 أسوةً بالزوج.