تشهد بداية شهر فبراير (شباط) المقبل، تفعيل الاتفاقية الموقعة بين وزارة التربية السورية ونظيرتها الإيرانية، بعد لقاء رسمي جمع وزيري البلدين بالعاصمة دمشق في 22 يناير (كانون الثاني) الحالي.
ويقول متخصص في الشأن التربوي لـ "اندبندنت عربية"، إن الاتفاق يشمل التزام إيران ببناء وترميم آلاف المدارس على الأراضي السورية، بعدما خرجت حوالى عشرة آلاف مدرسة عن الخدمة بشكل جزئي أو كلي، في ظل الحرب الدائرة منذ سنوات. ويلحظ المتخصص تكثيف إيران جهودها بغية الحضور في القطاع التعليمي دعماً لمؤسسة حيوية تهتم ببناء الإنسان، عبر "إعادة تأهيل المدارس المدمرة أو بناء مدارس جديدة وتهيئة الدعم اللوجستي لها، بعدما ضمت سوريا ما يربو عن 24 ألف مدرسة قبل الحرب".
في مقابل ما نالته هذه الاتفاقية من ترحيب في أروقة السلطة التربوية، انتقدها سوريون خصوصاً لجهة ما تشي به من محاولة للتوغل الإيراني في الشأن السوري.
خير برهان
لكن هذه المبادرة ووجهت بانتقادات إيرانية داخلية أيضاً. إذ طالب ناشطون إيرانيون بتفسير من وزير التعليم في بلادهم، محسن حاجي ميرزايي، عن سبب وجود مدارس يصل عددها إلى 80 مدرسة ما زالت متضررة جراء زلزال حدث عام 2017 في مدينة كرمنشاه الإيرانية، التي لم تصلها معاول الإصلاح أو الترميم بعد.
يأتي ذلك بالتزامن مع ما تناقله ناشطون عن إعلان عمدة مدينة طهران، بيروز حناشي، "عن وجود 827 مدرسة في العاصمة نفسها في حالة خطرة وبحاجة إلى ترميم"، أي ما نسبته 70 في المئة من مدارس طهران.
من جانبه، أبدى وزير التربية الإيراني استعداده إلى تقديم الدعم للجانب السوري، بخاصة أن بلاده لديها الخبرة في إعادة ترميم هذه الصروح التعليمية، مشيراً إلى تجارب خاضتها بلاده، بعد الحرب مع العراق.
تغلغل بلا نهاية
ويلحظ الناشط الحقوقي رضوان العلي أن هذا السباق المحموم بين روسيا وإيران لكسب التعليم والتربية والاستحواذ عليهما بعد ما حققه حلفاء سوريا من امتيازات في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا وغيرها يندرج ضمن رسم سياسات مستقبلية تمتد لأجيال مقبلة. ويرى العلي في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، أن هذا التوغل (الفارسي) ليس جديداً على أي حال في الداخل السوري، لا سيما قبل الحرب، وإن بدا أكثر انتشاراً وحضوراً في أعقاب النزاع المسلح الأخير.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى حضور المدارس الروسية إبان التحالف مع موسكو، لكن إيران تسبقها بخطوات شاسعة حيث انتشرت المدارس الإيرانية ومراكز التعليم وسط تشجيع القيادة السورية ودعمها لها.
وبحسب المعلومات الواردة، فإن مدارس في دمشق وحلب وريفهما تنتشر بدعم واسع وتقدم الدعم لطلبتها في مناطق تخضع للنفوذ الإيراني وهي في الأغلب تنتشر في المناطق الشيعية، من أبرزها مجمع الإمام الخميني في العاصمة ومدارس المشهد، في مدينة حلب شمال البلاد.
في غضون ذلك، يرجع العلي تغلغل الفكر الفارسي في الداخل السوري إلى ما قبل الحرب السورية بعقود، أي إلى سبعينيات القرن الماضي. ويضيف "قبل عام 2011 كان التوغل الإيراني يأتي عبر حملات تعليمية ودينية واسعة لحظها أبناء الجزيرة السورية، خصوصاً في ريف الرقة، عبر إغراء السوريين هناك بدفع الرواتب أو عبر منح جامعية".
بين الروسي والإيراني
وحيال ما تحشده طهران في ساحات التعليم والتربية، يلحظ عرابو ملف التعليم الإيراني أن القيادة السورية تولي الكثير من الاهتمام للصديق الروسي، الأمر الذي يقلقها، وفق ناشطين.
وتشتد المنافسة الخفية بينها وبين الوافد الجديد على التعليم السوري، خصوصاً بعد فرض اللغة الروسية في المدارس السورية، وتشجيع افتتاح مراكز تعليم لها.