أشارت دراسة حديثة إلى أنّ الأشخاص الذين يواظبون على التدخين بكثافة منذ سنوات طويلة، لا يزال في إمكانهم الحدّ بشكل كبير من خطر الإصابة بسرطان الرئة عن طريق الإقلاع عن استهلاك السجائر. ويدّعي العلماء الذين تولّوا البحث أنّ هذا الاكتشاف يعطي الأمل للمدخنين الذين ترسّخت لديهم هذه العادة منذ مدة طويلة.
ووجدت الدراسة التي أجراها "معهد ويلكوم سانغر" وجامعة "كوليدج لندن" البريطانيّان أنّه مقارنة مع المدخنين الحاليِّين، كان لدى الأشخاص الذين توقّفوا عن التدخين خلايا رئويّة في حالة "سليمة أكثر جينياً"، فضلاً عن نمو خلايا غير متضرِّرة جديدة في الرئتين قادرة على تجديد بطانة الشعب الهوائيّة. من ثمّ، تكون الخلايا أقل عرضة للتطوّر إلى سرطان في المستقبل.
في هذا السياق، قال الدكتور بيتر كامبل من "معهد ويلكوم سانغر" وكبير الباحثين في الدراسة، إنّ "الأشخاص الذين يدخِّنون بكثافة منذ 30 أو 40 سنة أو أكثر يقولون لي إنّ أوان الإقلاع عن هذه العادة قد فات، على اعتبار أنّ الضرر طاولهم فعلاً".
أضاف، "ولكنّ الأمر المثير جداً للحماسة بشأن دراستنا هو إظهارها أنّ الأوان لا يفوت أبداً للإقلاع عن التدخين. في الواقع، دخّن بعض الأشخاص الذين شملتهم دراستنا ما يزيد على 15 ألف علبة سجائر طوال سنوات حياتهم، ولكن خلال بضع سنوات من ترك السجائر، لم تُظهر أعداد كثيرة من خلايا بطانة المجاري الهوائيّة الرئويّة أيّ دليل على أضرار حدثت نتيجة تعاطي التبغ".
اللافت أنّه من بين 47 ألف إصابة بسرطان الرئة يبلّغ عنها سنويّاً في المملكة المتحدة، يُعتقد أنّ زهاء 72 في المئة منها نتجت عن التدخين، علماً أنّها تشكِّل في الواقع 21 في المئة من إجمالي الوفيّات الناجمة عن السرطان عموماً في البلاد، وفقاً لـ"معهد أبحاث السرطان" في بريطانيا.
واقتضت الدراسة التي نُشرت في مجلة "نيتشر" العلميّة، أن يحلِّل الباحثون خزعات من الرئة مأخوذة من 16 شخصاً، وهي مجموعة شملت مدخنين، ومدخنين سابقين، وأشخاصاً لم يدخنوا أبداً، وعدداً من الأطفال.
وأظهرت النتائج أنّ تسعة من كل 10 خلايا رئويّة لدى المدخنين الحاليِّين تحتوي على ما يصل إلى 10 آلاف طفرة جينيّة إضافيّة كنتيجة مباشرة للمواد الكيماويّة المتأتية عن التبغ، مقارنة مع غير المدخنين.
في الوقت نفسه، حمل أكثر من ربع تلك الخلايا التالفة طفرة واحدة أقلّه من السرطان.
أمّا بالنسبة إلى أولئك الذين توقَّفوا عن التدخين، اكتشف الباحثون "مجموعة ضخمة من الخلايا" التي تبطِّن الشعب الهوائيّة وقد "نجت" من الأضرار الجينيّة الناجمة عن استهلاك السجائر في الماضي.
كانت تلك الخلايا التي عثر عليها الباحثون لدى الأشخاص الذين أقلعوا عن التدخين متساوية مع الخلايا الموجودة لدى الذين لم يحدث أنّ تعاطوا التبغ، فيما يحتفظ المدخِّنون السابقون بأربعة أضعاف من تلك الخلايا السليمة مقارنة مع نظرائهم المدخِّنين الحاليِّين.
ولكن على الرغم من كل ما سبق، حذّر الباحثون من أنّ الخطر لا يزال قائماً في ما يتعلّق بأضرار دائمة تطاول أماكن أكثر عمقاً في الرئة بأثر من التدخين، التي يُحتمل أن تؤدِّي إلى داء الرئة المزمن.
وفي تطوِّر متصل، قالت الدكتورة كيت غاورز، الباحثة الأولى في الدراسة من جامعة "كاليفورنيا" الأميركيّة في لوس أنجلوس، إنّ حتى خلايا الرئة الخالية من التشوّهات التي تحتوي على آلاف الطفرات الجينيّة يمكن أن تكون "قنابل موقوتة صغيرة تنتظر الضربة التالية كي تتطوّر إلى السرطان".
وخلصت إلى أنّ "ثمة حاجة إلى مزيد من البحوث التي تشتمل على أعداد أكبر من المشاركين بغية فهم الطريقة التي يتطوّر بها السرطان من خلايا الرئة التالفة بأثر من التدخين".
تغطية إضافية من "برس أسوسيشن"
© The Independent