بمجرد البحث عن خريطة فلسطين أو مساحتها في محرك "غوغل" تظهر النتائج بحسب الاتفاق السياسي بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل في اتفاقية "أوسلو" عام 1993، ولم يطرأ عليها أيّ تغيير بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب خطته للسلام.
وعلى الرغم من نشر ترمب الخريطة الجديدة لفلسطين عبر صفحته على "تويتر"، إلا أنّها لا تزال غير مُعتمدة لدى شركة "غوغل" المتخصصة بمجالات البحث الشامل.
لا تغيير
وبحسب خرائط "غوغل"، فإن المتصفح عن خريطة فلسطين يجدها كما كانت بحسب اتفاقية "أوسلو"، ولم يطرأ عليها أيّ تغيير سوى إزالة مصطلح الأراضي الفلسطينية عن قطاع غزّة والضفة الغربية والقدس.
وعند البحث المعمق عن إزالة "غوغل" مصطلح الأراضي الفلسطينية، نجد أنّه جرى ذلك قبل إعلان ترمب خطته للسلام بيوم لا أكثر، واعتمد "غوغل" أن المنطقة الجغرافية جميعها تخضع لسيطرة إسرائيل، وحتى عند الانتقال إلى google.ps، وهو الامتداد المخصص للبحث عبر الأراضي الفلسطينية، فقد حولته "غوغل" إلى إسرائيل.
وبالنسبة لمساحة فلسطين، فلا يعترف الموقع بمساحتها كاملة (27 ألف كيلومتر مربع)، وتشير النتائج إلى أنّ مساحتها 6220 كيلومتراً مربعاً، وتشمل الضفة الغربية بمساحة 5655 كيلومتراً، وقطاع غزّة 365 كيلومتراً، والقدس الشرقية تبلغ 70 كيلومتراً مربعاً، وتنسجم تلك الأرقام مع خريطة فلسطين بحسب اتفاقية "أوسلو" وقرار هيئة الأمم المتحدة 181.
"غوغل" متواطئة؟
ويكون التغيير الوحيد الذي أجرته "غوغل" إزالة مصطلح الأراضي الفلسطينية عن خرائطها وداخل محركات البحث والمواقع الخاصة بها، من دون تعديل على مساحة الأراضي الفلسطينية أو التي تسيطر عليها إسرائيل.
يعلّق على ذلك أستاذ الجغرافيا السياسية والخرائط في جامعة النجاح الوطنية أحمد غضية، قائلاً إن "شركة غوغل في تعاطيها مع الخرائط متواطئة مع إسرائيل، ودائماً ما تهمش القرارات الدولية، وفي العادة تضع العديد من الاستفتاء على مواقعها وخرائطها إذا كانت هذه المنطقة الجغرافية تتبع للسلطة الفلسطينية أو إسرائيل".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويعتقد غضية بأنّ "إجراءات شركة غوغل في اعتماد المواقع الجغرافية غير دقيق ومنحاز لإسرائيل، ومخالفة للقوانين الدولية، وقرارات الشرعية الدولية، التي تمنح ما نسبته 48 في المئة من الأراضي لدولة فلسطين. كما وتجاوزت الشركة الأميركية قرارات الشرعية الدولية في تعاملها مع القدس، واعتمدت على الواقع السياسي الذي فرضته كل من إسرائيل وأميركا".
وبحسب غضية، فقد "اعتمدت غوغل خرائط ترمب السياسية، فإنّها تحابي على شخصين (ترمب ونتنياهو) مأزومين سياسياً، ويحاولا إنقاذ نفسيهما من خلال خطة السلام الجديدة، وما صدر عنهما من خطة غير معترف بها دولياً حتى الآن، وعلى غوغل تطبيق قرارات الشرعية الدولية، وليس فرض أمر واقع".
تغييرات مساحة فلسطين
وعند العودة إلى الخرائط القديمة لفلسطين قبل النكبة، فإن مساحتها كانت تبلغ حوالى 27 ألف كيلومتر مربع، لكن بعد احتلال إسرائيل الأراضي عام 1948 فإنها استحوذت على 78 في المئة من المساحة، وتركت 22 في المئة للفلسطينيين.
ولكن بحسب خطة ترمب للسلام، تسيطر إسرائيل على 30 في المئة من مساحة الضفة الغربية متمثلة في غور الأردن، والقدس الشرقية، وكتل المستوطنات المقامة على أراضي الضفة، وحوالى 15 مستعمرة عشوائية في مناطق فلسطينية متفرقة.
وبعد ضم إسرائيل المناطق الجديدة لأراضيها، فإنّ مساحة الضفة تتقلص من 5780 كيلومتراً مربعاً بما فيها جزر البحر الميت والتي تصل مساحتها إلى 200 كيلومتر، إلى 3650 كيلومتراً وتقدر المساحة الجديدة بحوالى عشرة أضعاف قطاع غزة.
بينما تصبح مساحة إسرائيل الجديدة 24 ألف كيلومتر مربع، يضاف إليها نفوذ المستوطنات المقامة في الضفة الغربية، التي تبقى تحت سيطرة إسرائيل لدواعٍ أمنية تتمثل في حماية المستوطنين.
وبالنسبة لمناطق "ج" في الضفة الغربية التي تخضع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية، وهي قرى مبعثرة وتشكل ما يقارب الـ 61 في المئة من مساحة الضفة، فإنّ إسرائيل بحسب خطة ترمب للسلام، تعتزم ضم 31 في المئة منها إلى أراضيها بشكل كامل، وتبقى مسيطرة على الباقي بشكلٍ أمني فقط، وهذا يزيد من مساحة المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل.
مناطق مقترحة
يقول غضية إنه "يوجد على الخريطة منطقتين منفصلتين جنوب قطاع غزة على الحدود الفلسطينية - المصرية، يربط بينهما جسر أو نفق قطار، وفي حال أعطت إسرائيل المناطق هذه للسلطة الفلسطينية، فإنّ ذلك يكون تبادل أراض، وهي بهذه الحالة تكون عوّضت على السلطة الفلسطينية عن مساحة الأغوار، وتعود مساحة فلسطين كما كانت".
وبخصوص ذلك، يؤكّد غضية أن "الخريطة الجديدة تمهد للسيطرة الكاملة لإسرائيل على كلّ الأراضي الفلسطينية، وهو مخالف للشرعية الدولية"، متوقعاً ألا تطبق إسرائيل أيّ بند فيها إلا إذا كان يتعلق بمصالحها، وسبق تجريب ذلك وفقاً لاتفاقية أوسلو".
تعداد سكاني
أمّا بالنسبة للتعداد السكاني، فقال أستاذ جغرافيا التخطيط والتنمية في إحدى الجامعات جهاد أبو طويلة، إن "عدد الفلسطينيين في الضفة الغربية يصل إلى 3.6 مليون نسمة محصورين في مناطق (أ) و(ب)، وتقدر مساحتها الجديدة بحسب صفقة القرن بحوالى 3650 كيلومتراً مربعاً، وهذا يعني أنّ حصة الفرد الواحد لا تزيد على متر مربع".
وبالنسبة لقطاع غزة، يشير أبو طويلة إلى أنّ "مساحته 365 كيلومتراً، وعدد سكانه يزيد على مليوني نسمة، ما يعني أن حصة الفرد لا تزيد على 0.7 من المتر الواحد، وهذا يعني أنّه لا يمكن أن تستوعب الأرض الاحتياجات الاقتصادية المستقبلية وإقامة اقتصاد قوي وتحقيق التنمية المستدامة، التي يحتاجها الفلسطينيون".
ويلفت أبو طويلة إلى أنه "في حال جرى تطبيق قرار العودة، فإن لا مساحة الضفة الغربية ولا قطاع غزّة تكفي لأعداد السكان، ويصبح تكدس بشكل ضخم، وهو الأكبر في العالم من حيث الكثافة السكانية، لذلك يتطلب عودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم الأصلية".