من المتوقع أن يسمح الرئيس دونالد ترمب للجيش الأميركي باستخدام الألغام الأرضية المضادة للأفراد في مناطق النزاع حول العالم.
وتشير وثيقة صادرة عن داخل وزارة الخارجية الأميركية إلى أنّ الرئيس دونالد ترمب سيتراجع عن السياسة التي أقرّها سلفه باراك أوباما عام 2014 والتي أنهت إنتاج الألغام الأرضية المضادة للأفراد.
وتقول الوثيقة " لن تتوانى الولايات المتحدة عن الحفاظ على أمن جنودها خصوصاً وأن الضمانات المتقدمة تكنولوجياً متوفرة ما يمكن أن يساعد على السماح باستخدام الألغام المضادة للأفراد بشكل مسؤول لضمان الميزة القتالية لجيشنا ويحدّ في الوقت نفسه من خطر إلحاق ضرر بالمدنيين على نحو غير متعمّد".
والتزمت السياسة التي اعتُمدت خلال ولاية أوباما ببنود معاهدة أوتاوا عام 1997 وهي عبارة عن اتفاقية عالمية تحظّر استخدام الألغام الأرضية المضادة للأفراد أو إنتاجها أو تخزينها أو نقلها. ومنذ تطبيق سياسة أوباما، سُمح للولايات المتحدة باستخدام الألغام الأرضية المضادة للأفراد في العمليات الدفاعية في كوريا الجنوبية.
ومن المتوقّع أن يوضع هذا التغيير في السياسة موضع تنفيذ خلال أيام مدفوعاً بمراجعةٍ أعدّها البنتاغون وأطلقها عام 2017 جيم ماتيس وزير الدفاع آنذاك. ووجدت المراجعة أنّ حظر الألغام "يرفع من درجة المجازفة بنجاح العملية" ويزيد من فرص الإصابات في صفوف الجيش الأميركي. وتنصّ على أنّ أيّ ألغام أرضية تُستخدم للمضيّ قدماً يجب أن تتضمّن آلية تدمير ذاتية بعد 30 يوماً أو تعطيل ذاتي.
تجدر الإشارة إلى أنّ الوفيات جرّاء الألغام الأرضية تحدث عندما يتعثّر الأفراد غير المقاتلين بالذخائر المتروكة منذ فترة طويلة والمدفونة في ميادين المعارك السابقة. ومن شأن آليّة تعطيل ذاتية موقوتة أن تساهم في الحؤول دون حدوث هذه الوفيات.
وعلى الرغم من التدابير الوقائية، يعارض المجتمع الدولي بشكلٍ كبير استخدام الألغام الأرضية. ولهذا الغرض، جرى توقيع "اتفاقية حظر الألغام" خلال معاهدة أوتاوا 1997 من قبل 164 دولة لا تضم الولايات المتحدة التي رفضت المصادقة عليها.
وتصف اللجنة الدولية للصليب الأحمر إصابات الألغام الأرضية بأنّها "مروّعة للغاية" ويعتبرها جرّاحو الحرب "من بين أسوأ الإصابات". ومن المحتمل أن يقضي الأشخاص الذين نجوا من الموت بعد إصابتهم بلغمٍ أرضي بقية حياتهم وهم يتعاملون مع الإصابة.
وكتبت "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" في استطلاعٍ للأسئلة عام 2009 بأنّ "الضحيّة التي تنجو من انفجار لغمٍ أرضي مضاد للأفراد تتطلّب إجمالاً عملية بتر أطراف وسلسلة من العمليات الجراحية وإعادة تأهيل بدنية طويلة. ويعاني الناجون من الألغام من إعاقاتٍ دائمة مع ما يخلّفه ذلك من تداعياتٍ اجتماعية ونفسية واقتصادية خطيرة."
وبحسب "اللجنة الدولية للصليب الأحمر"، غالباً ما يكون المدنيون الذين يحاولون مواصلة أعمالهم اليومية الأكثر عرضة للإصابة بالألغام الأرضية المضادة للأفراد. وجاء في بيانٍ للجنة أنّ "المجموعات الأكثر عرضة لخطر الألغام الأرضية المضادة للأفراد هم الرجال والفتيان ممن يزاولون أعمالاً يومية لكسب قوتهم على غرار الزراعة ورعي الماشية وجمع حطب التدفئة والمياه. وفي العديد من المجتمعات التي تتواجد فيها هذه الألغام، لا يملك الأشخاص خياراً سوى الدخول إلى المواقع التي قد تشكّل خطراً عليهم وذلك بسبب الحاجة الاقتصادية الملحّة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واختار روب بيرشنسكي مدير "مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض" الذي نسّق سياسة الألغام الأرضية خلال إدارة أوباما أن يستخدم موقع تويتر يوم الخميس الماضي لتفنيد الفكرة القائلة أنّ الألغام الأرضية المضادة للأفراد هي أدوات عسكرية مفيدة. وغرّد قائلاً بأنّ "الفكرة الرئيسية تكمن في أنّها ليست مؤذية بشكلٍ كبير للمدنيين بعد انتهاء الحروب وحسب، ولكن فائدتها العسكرية تكاد لا تُذكر.. هل تؤدي إلى بتر أقدام المزارعين والأولاد بعد مرور وقت طويل على نهاية الحرب؟ نعم. هل تشكّل تلك الألغام أداة مفيدة لأفراد جيشنا؟ كلا".
وتابع بيرشنسكي أنّ "وزارة الدفاع أقرت أنّ هذه الأسلحة لا تخدم أيّ غاية جيدة في ساحة المعركة الحديثة. في الواقع، أظهرت الدراسات التي طلبت وزارة الدفاع إجراءها أنّه خلال حرب الخليج، أن هذه الألغام أدت إلى الحدّ من قدرات القوات البريّة الأميركية على المناورة ".
© The Independent