أثارت عملية إجلاء رعايا جزائريين من مدينة ووهان الصينية ونقلهم إلى بلدهم الأم حالة ارتباك وتخوف واسعَين، استدعت تدخل الحكومة لطمأنة الشارع، بينما لجأت السلطات إلى وضعهم في فندق بإحدى مناطق العاصمة في شكل حجر صحي.
وظنت الحكومة الجزائرية أنها أحسنت صنعاً بذلك، إلا أن بلوغ الخبر مسامع المواطنين أدى إلى توتر كاد أن يخرج عن السيطرة.
"كورونا" يدق أبواب الجزائر
وفي وقت كان يتابع الجزائريون تطورات "كورونا" عبر القنوات والصحف والمواقع الإخبارية، استيقظوا على وقع "دقاته" على أبوابهم بعدما وضعت السلطات الجزائريين القادمين من ووهان ومعظمهم من الطلبة ضمن حجر صحي، في فندق "المرسى" بمنطقة عين طاية بضواحي العاصمة. وكشفت وزارة الخارجية الجزائرية أن 31 مواطناً رُحِّلوا، من بينهم اثنان كانا في زيارة عائلية إلى الصين، إضافة إلى 10 تونسيين وثلاثة ليبيين وأربعة موريتانيين، توجهوا إلى بلدانهم فور وصولهم إلى مطار الجزائر الدولي، وذلك استجابةً لأمر الرئيس عبد المجيد تبون.
هلع واحتجاجات رغم التطمينات
وعلى الرغم من تطمينات وزارة الصحة إلى أن الفحوصات الأولية أشارت إلى أن الجزائريين الـ31، لا يحملون فيروس كورونا، وأنها وضعت فريقاً طبياً متخصصاً يسهر على متابعتهم طبياً ونفسياً لمدة 14 يوماً كاملة، وهي الفترة التي يحتضن فيها الجسم الفيروس قبل ظهوره، حمايةً لصحتهم وصحة المواطنين.
وعلى الرغم من الإجراءات المتخذة إزاء العاملين في فندق المرسى باستعمال القفازات وارتداء الأقنعة والحرص على النظافة وأخذ الحيطة والحذر، إلا أن الشارع لم يهدأ وصبّ جام غضبه على السلطات التي وضعتهم على مرمى حجر منهم، حيث نظم سكان المنطقة وقفات احتجاجية طالبوا خلالها بنقل القادمين من ووهان إلى المستشفيات لمعالجتهم وحماية المواطنين من خطر العدوى.
ضعف الإمكانيات
في السياق ذاته، قال رئيس هيئة ترقية الصحة وتطوير البحث العلمي، مصطفى خياطي، في ما يخص الجزائريين القادمين من منطقة ووهان الصينية الذين سيتم حجرهم في مستشفى "القطار" بالعاصمة، إنه "إجراء للحيطة فقط وإزالة الشكوك، وفي حال وجود إصابات حقيقية بالفيروس، فإن مكان الحجر لا يمكن أن يضمن عدم انتشار فيروس كورونا، نظراً إلى غياب الإمكانيات والمواصفات اللازمة التي كان يجب أن تتوافر في مكان الحجر"، مشيراً إلى أن "أجهزة الكاميرا الحرارية في المطارات والموانئ والمراكز الحدودية، الخاصة برصد الحمى في أجسام المصابين بفيروس كورونا وغيرها من الفيروسات، لا يمكنها أن تكشف عن الإصابة في حال تناول المسافرين أقراص "البراسيتامول" وهم على متن الطائرة أو الباخرة أو قبل دخولهم المطار، لأن هذه الأقراص تخفّض درجة حرارة الجسم حتى وهو مصاب بكورونا".
ودعا خياطي الوزارة الوصية إلى تطبيق توصيات المنظمة العالمية للصحة، مؤكداً أن "إصابة واحدة بفيروس كورونا قد تمس 14 شخصاً، وعليه يجب أن تتوافر الإمكانيات اللازمة". وأضاف أن "هناك اختصاصات تقتضيها المرحلة غير موجودة في بلادنا، منها "الهيروزروجي"، ومخابر تحليل الفيروسات".
طاقم الطائرة تحت الحجر الصحي
كذلك تم الاحتفاظ بأفراد طاقم الطائرة في فندق "المرسى" ضمن الحجر الصحي، حيث يخضعون لفحوص دورية مكثفة للتأكد من عدم حملهم الفيروس. وأثنت نقابة الطيارين الجزائريين التابعة لشركة الخطوط الجوية الجزائرية، على الطاقم الجوي نظير تنقله إلى مدينة ووهان الصينية لإجلاء الرعايا الجزائريين. واعتبرت أن "الطاقم الذي انتقل إلى الصين هو مثال حي على التفاني في إداء الواجبات والمهمات الوطنية النبيلة"، معربةً عن شكرها وامتنانها للطاقم نظير جهوده المبذولة في إجلاء الرعايا الجزائريين على جناح السرعة"، وقالت إنه "يعكس صورة الطيار الجزائري في خدمة شعبه ووطنه".
تعليق رحلات
وتشهد مطارات الجزائر وموانئها حالة استنفار قصوى بعدما بات فيروس كورونا على الأبواب، حيث زوِّدت بفرق طبية ومعدات كشف حديثة. وأوضح المدير العام لشركة تسيير الخدمات ومنشآت المطارات، طاهر علاش أنه "منذ الإعلان عن انتشار الفيروس الخطير، تم تخصيص فريق من 10 أطباء في مطار هواري بومدين الدولي، يضمن مراقبة وتغطية صحية على مدار ساعات اليوم، إضافة إلى المعدات المتطورة التي من شأنها الكشف عن الفيروس، على الرغم من صعوبة المأمورية، بسبب عدم ظهور الأعراض قبل 14 يوماً".
وفي إجراء وقائي، قررت شركة الخطوط الجوية الجزائرية تعليق جميع رحلاتها نحو الصين، وفق ما ذكر الناطق الرسمي باسم الشركة أمين أندلسي، موضحاً أن قرار تعليق الرحلات يدخل في إطار الإجراءات الوقائية المؤقتة، بعد إعلان منظمة الصحة العالمية الخميس الماضي، أن فيروس كورونا الجديد بات يشكل حالة طوارئ صحية دولية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إجراء وقائي عادي
وأوضح البروفسور عبد الوهاب بن قونية، المختص في الطب الوبائي، أن "إجراءات الوقاية تستدعي وضع الرعايا الجزائريين الذين تم إجلاؤهم من ووهان وكل الطاقم الطبي وطاقم الطائرة المرافق لهم في الحجر الصحي لمدة 14 يوماً"، مبرراً في ندوة إعلامية وضع الرعايا في الحجر الصحي بفندق، بتفادي احتكاكهم بالمواطنين وتجنباً لانتقال العدوى في حال تسجيل حالة إصابة، وهو إجراء لا يستدعي القلق. وأشار إلى أن فرنسا وضعت رعاياها الذين تم إجلاؤهم من الصين في مركز مخصص للعطل، حفاظاً على معنوياتهم وحالتهم النفسية.
لا خوف
وقدّم بن قونية توضيحات بخصوص فيروس كورونا لطمأنة المواطنين الذين يتوافدون إلى المستشفيات بمجرد شعورهم بأعراض الأنفلونزا. وقال إن "كورونا لا يأتي من العدم أو بالتعرض إلى البرد أو فيروس بسيط كما هو الأمر بالنسبة للأنفلونزا الموسمية، بل يكون عن طريق العدوى لأنه ظهر في الصين وليس في الجزائر، بالتالي فإن أي حالة إصابة تكون إما لشخص سافر إلى الصين أو من البلدان التي انتشر بها الفيروس أو بالتقرب من شخص جاء من هذه البلدان"، مضيفاً أن "أي مستشفى لا يستطيع معرفة الفرق بين الأنفلونزا الموسمية عندما تكون خطيرة وكورونا إلا عن طريق التحاليل الطبية، كون أعراض المرضين تتشابه إلى حد بعيد".
وشددت وزارة الصحة على أن الجزائر ليست في منأى عن المرض كغيرها من بلدان العالم، بعدما رفعت المنظمة العالمية للصحة حالة الطوارئ، إلا أنها قدمت تطمينات إلى أنه لم يتم تسجيل أي حالة إصابة إلى غاية اليوم. وأشارت إلى أن الوفيات المسجلة أخيراً كان سببها الأنفلونزا الموسمية. وقالت إن ركاب جميع الرحلات الآتية من بكين والدوحة وإسطنبول والقاهرة وأيضاً دبي، يخضعون إلى إجراءات طبية وفحوصات الكاميرات الحرارية كون هذه العواصم "مناطق عبور".