سُجِّل في الأيام الأخيرة رقم قياسيّ جديد للحرارة في القارة القطبيّة الجنوبيّة هو 20.75 درجة مئوية، والذي تجاوز عتبة الـ20 درجة مئويّة للمرة الأولى في تاريخ سجل المناخ في "أنتاركتيكا".
في 9 فبراير (شباط) الحالي، أجرى علماء برازيليون عمليات القياس تلك في محطة مراقبة في جزيرة "سيمور"، الواقعة قبالة ساحل شبه جزيرة "أنتاركتيكا".
واللافت أنّ تلك كانت درجة حرارة القياسيّة الثانية التي سُجّلت في تلك المنطقة خلال أسبوع واحد. ففي 6 فبراير، بلغت درجة الحرارة 18.3 درجة مئويّة، حسب قياسات "محطة الأبحاث الأرجنتينية" في مدينة إسبيرانزا عند الطرف الشمالي الغربي لـ"أنتاركتيكا"، وكانت تلك أعلى حرارة مسجّلة للقارة منذ مارس (أذار) 2015.
يُذكر أن الرقم القياسي السابق للحرارة في أنحاء منطقة القارة القطبية الجنوبية الواقعة جنوبي خط العرض 60 درجة كلها، كان 19.8 درجة مئويّة، وقد سُجِّل في جزيرة "سيني" في يناير (كانون الثاني) 1982.
وتحدث العالم البرازيليّ كارلوس شيفر، وهو من فريق الباحثين في جزيرة "سيمور"، عن هذه الظاهرة المفاجئة قائلاً "لم يشهد أنتاركتيكا قط درجة حرارة مرتفعة إلى هذا المستوى"، بيد أنّه نبّه من أنّ تسجيل هذا المستوى من الحرارة كان مجرد قراءة واحدة، ولا يمكن استخدامه تالياً في التنبؤ باتجاهات أوسع لمستوى الحرارة في المستقبل.
وقال لوكالة "فرانس برس" (أي. أف. بي)، إنّه "لا يمكننا الاستناد إلى الحرارة القياسيّة المسجّلة أخيراً من أجل توقّع التغيّرات التي ربما تطرأ على المناخ مستقبلاً. في الواقع، نحن إزاء نقطة بيانات واحدة.. وهي ببساطة إشارة إلى حدوث أمر مختلف في تلك المنطقة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى الرغم من الحاجة إلى تأكيدهما من قِبل "المنظمة العالميّة للأرصاد الجويّة"، يبقى الرقمان المسجّلان في يومي 6 و9 فبراير متسقين مع الاتجاهات الأوسع التي تجنح إليها منطقة شبه جزيرة "أنتاركتيكا" والجزر القريبة منها، حيث ارتفعت درجة الحرارة بحوالي 3 درجات مئويّة على مدى الخمسين عاماً الماضية.
في تطوِّر متصل أيضاً، تراجع زهاء 87% من الأنهار الجليديّة على طول الساحل الغربي لشبه الجزيرة خلال الفترة الحالية، حسبما تذكر "المنظمة العالميّة للأرصاد الجويّة". وتضيف المنظمة أنّ الأعوام الـ12 الماضية شهدت "تراجعاً متسارعاً" في تلك الكتل الضخمة من الجليد التي ذابت بفعل الاحتباس الحراري العالميّ.
وحصلت في السنوات العشرين الماضية تقلبات غير منتظمة في درجات الحرارة المسجّلة عبر شبه الجزيرة القطبية الجنوبيّة، وهي امتداد ضيِّق من الأراضي يمضي باتجاه جنوب المحيط الأطلسي.
من جانبهم، عزا عدد من العلماء في "برنامج أنتاركتيكا البرازيلي" ذلك التحوّل المناخيّ إلى تغيرات مؤثرة للتيارات المحيطيّة، ولظاهرة "النينو"، التي يشهدها المحيط الهادئ وتؤثر في حالة الطقس في شتى أنحاء العالم، قائلين، إنّ " لدينا تغيّرات مناخيّة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتبدلات في التربة الصقيعيّة والمحيطات. في الحقيقة، تلك التحوّلات برمّتها شديدة الترابط".
وكان يناير الماضي الشهر الأكثر حرارة في تاريخ القارة القطبيّة الجنوبيّة. ولمّا كانت المنطقة تختزن حوالي 70% من نسبة المياه العذبة في العالم على شكل ثلج وجليد، فإن من المحتمل أن يتراوح الارتفاع في مستوى سطح البحر بين 50 و60 متراً في حال ذابت تلك الكتل كلها، وفقاً للعلماء.
© The Independent