في جلسة عاصفة، هوت أسعار النفط بما يقرب من 4 في المئة خلال تعاملات اليوم الجمعة، متجهةً لتسجيل أكبر خسائر أسبوعية منذ أكثر من 4 سنوات، وسط تزايد المخاوف بشأن فيروس "كورونا".
ويتجه النفط إلى تسجيل انخفاض بنحو 12 في المئة خلال تعاملات الأسبوع الحالي، والتي من شأنها أن تكون أكبر وتيرة هبوط أسبوعي منذ منتصف يناير (كانون الثاني) من العام 2016، حيث أثار انتشار فيروس كورونا خارج الصين المخاوف من تباطؤ الطلب العالمي على الخام.
وأشارت تقارير حديثة إلى أنه ليس هناك ما يدعو للقلق أكثر من تلك التقارير الصادرة من سوق الولايات المتحدة، التي تعد أكبر مستهلك للنفط في العالم، حيث حثّ مسؤولو الصحة الأميركيون مواطنيهم على البدء في الاستعداد لانتشار كورونا في الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وفي الوقت الحالي، يترقب مستثمرو النفط أن تنفّذ منظمة الدول المصدرة للنفط ومنتجي الخام من خارج أوبك خفضاً حاداً في إمدادات الخام، حيث من المقرر أن تجتمع المجموعة المعروفة باسم "أوبك +"، والتي تنفذ اتفاق خفض مستويات إنتاج النفط بنحو 1.2 مليون برميل يومياً لدعم الأسعار، في فيينا يومي 5 و6 مارس (آذار) المقبل.
وفي التعاملات المبكرة من جلسة اليوم الجمعة، تراجع سعر العقود الآجلة لخام "برنت" القياسي تسليم شهر أبريل (نيسان) بنحو 3.7 في المئة ليهبط إلى مستوى 50.05 دولار للبرميل، قبل أن يعود إلى مستوى 50.30 دولار للبرميل في التعاملات الأخيرة. كما انخفض سعر العقود الآجلة لخام "نايمكس" الأميركي تسليم شهر أبريل المقبل بأكثر من 4 في المئة مسجلاً مستوى 45.24 دولاراً للبرميل.
وقال المحلل لدى "جيفريز"، جيسون جاميل "نعتقد أن خفضاً بما لا يقل عن مليون برميل يوميا في الربع الثاني ضرورة كي نقلّص ببساطة تراكم المخزونات، نعترف بأننا قلّلنا من تقدير الدمار الذي لحق بالطلب في الأسابيع الماضية". وتقلص السعودية، التي قالت إنها ستستمر في التواصل مع روسيا بشأن سياسة النفط مستقبلاً، إمدادات الخام إلى الصين في مارس (آذار) المقبل، بما لا يقل عن 500 ألف برميل يومياً بسبب تباطؤ طلب المصافي.
قرار قريب لصندوق النقد بشأن "كورونا"
تأتي خسائر سوق النفط في وقت تفرض فيه الضبابية والغموض سطوتها على جميع الأسواق، حيث واصلت أسواق الأصول الخطرة بقيادة الأسهم خسائرها العنيفة، ما دفع المؤسسات الدولية إلى تغيير توقعاتها لنمو الاقتصاد العالمي والتحذير المستمر من أزمات جديدة تلوح في الأفق من المتوقع أن تعصف بمعدلات النمو على مستوى العالم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي تصريحات حديثة، قال صندوق النقد الدولي إن فيروس كورونا سريع الانتشار سيكون له تأثير على نمو الاقتصاد العالمي، وإن الصندوق سيخفّض على الأرجح توقعاته للنمو نتيجة لذلك.
وأشارت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، إلى توقع الخفض يوم السبت خلال اجتماع مع مسؤولي المالية من أكبر 20 اقتصاداً في العالم في الرياض. وفي بيان، قالت إن تفشي الفيروس سيقلص على الأرجح نمو اقتصاد الصين هذا العام إلى 5.6 في المئة، بانخفاض 0.4 نقطة مئوية عن توقعاتها في يناير (كانون الثاني)، وسيخصم 0.1 نقطة مئوية من النمو العالمي.
وقال المتحدث باسم الصندوق، جيري رايس، في إيجاز صحافي دوري "سنخفض على الأرجح توقعاتنا للنمو للعالم". وأضاف أنه لا يملك أرقاماً جديدة بخلاف تلك الواردة في بيان جورجيفا، لكنه قال إن المزيد من التفاصيل ستُتاح في الوقت الذي يعد فيه الصندوق لإصدار التقرير الجديد لآفاق الاقتصاد العالمي في أبريل المقبل.
وتلقت الأسواق المالية الأميركية ضربة عنيفة خلال تعاملات أمس الخميس، إذ أدى الانتشار السريع لفيروس كورونا خارج الصين إلى تصاعد المخاوف بشأن أثره على النمو الاقتصادي وأرباح الشركات.
وذكر متحدث صندوق النقد الدولي أنه "من الواضح أنه سيكون للفيروس تأثير على النمو. يتوقف الكثير على سرعة التعافي في الصين ودول أخرى، التأثيرات غير المباشرة، والتأثيرات على سلاسل الإمداد، والمدى المحتمل لتأثر دول أخرى بدرجة كبيرة". وتوقع أن يصدر قرار في وقت قريب بشأن تأثير فيروس كورونا من اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي في أبريل المقبل، مشيراً إلى خضوع العديد من خيارات الصيغ للدراسة.
وقال "رايس" إن صندوق النقد الدولي يؤيد مجموعة تدابير اقتصادية اتخذتها الصين لمعادلة التأثيرات السلبية لتوقف ضخم عن العمل ناجم عن انتشار فيروس "كورونا" القاتل.
النمو العالمي دون 2.5 في المئة بالنصف الأول من 2020
وفي تصريحات حديثة،، توقع رئيس البنك الدولي، ديفيد مالباس، أن يفشل الاقتصاد العالمي خلال النصف الأول من عام 2020 في النمو بوتيرة 2.5 في المئة المتوقعة سابقاً لإجمالي العام.
وقال إن الأنباء الجيدة أن هذه الأرقام أعلى قليلاً من وتيرة النمو المسجلة في عام 2019. وتابع "لكن الأنباء السيئة تكمن في أن النصف الأول من المحتمل أن يشهد وتيرة نمو أقل من المتوقع بسبب فيروس كورونا. لكن كذلك، حتى عند نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 2.5 في المئة، فإن هذه الوتيرة ببساطة غير كافية للارتقاء باقتصادات الدول النامية حقاً".
وذكر أن فيروس كورونا هو الشاغل الرئيس للبنك، موضحاً أنهم يبحثون عن طرق للاستجابة أو لتوفير الموارد للدول النامية، مؤكداً أنه يجرى التنسيق مع منظمة الصحة العالمية، كما أنه يوجد لدى البنك الدولي مجموعة من الأدوات التي يمكن استخدامها عند انتشار الوباء.
وتتزايد المخاوف حيال كورونا، فعلى الرغم من تقلص عدد الضحايا داخل الصين، فإن الفيروس انتشر بصورة سريعة خارج البلاد وخارج القارة الآسيوية بأكملها. وتتأثر سوق النفط بهذه التوقعات السلبية التي من شأنها تخفيض الطلب العالمي على إمدادات النفط، ما يدفع الأسعار إلى مواصلة النزول مع عودة ظاهرة تخمة المعروض النفطي من جديد.
وبحسب توقعات البنك الدولي الصادرة الشهر الماضي، قبل أن يشهد فيروس كورونا هذا التفشي السريع، فكان من المرجح أن يتعافى النمو الاقتصادي العالمي قليلاً خلال العامين، الحالي والمقبل. وتوقع البنك الدولي أن يتسارع النمو العالمي في العام الحالي إلى 2.5 في المئة مقارنة مع تقديرات نمو الاقتصاد بنحو 2.4 في المئة خلال العام 2019.