"امرأة أميركية مسلمة، جِئت إلى الولايات المتحدة لاجئةً من العراق قبل نحو 30 عاماً"، هكذا اضطرت داليا العقيدي، المُرشحة لانتخابات الكونغرس عن الدائرة الخامسة بولاية مينيسوتا الأميركية، إلى تعريف نفسها أمام استغلال منافستها إلهان عمر الهُوية الدينية والعرقية في الفوز بانتخابات الكونغرس الماضية 2018، وفي حملتها للسعي نحو الفوز مجدداً بالانتخابات المُقررة 3 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
بين التزوير والانتقادات
قررت العقيدي، الصحافية والباحثة ذات الـ52 عاماً، خوض السباق نحو انتخابات الكونغرس لإصلاح ما سببته منافستها من ضرر لصورة المسلمين في الولايات المتحدة، حسب ما ذكرته في حديثها من مدينة مينيابولس بمينيسوتا لـ"اندبندنت عربية"، إذ ترى العقيدي أن تعليقات عمر وتصرّفاتها منذ دخولها إلى الكونغرس "أضرّت كثيراً بصورة المسلمين الأميركيين"، بل تقول إنّ "ما تفعله منافستها هو حنث باليمين الدستورية التي حلفتها".
وواجهت عمر غضباً أميركياً بعد تعليقاتها التي قللت فيها من هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، عندما قالت "بعض الأشخاص فعلوا شيئاً ما"، بلهجة تقلل من الهجمات الوحشية التي أسفرت عن مقتل نحو 3 آلاف شخص، ما عدّه الكثيرون "إهانة للضحايا وعائلاتهم".
كما أثارت الغضب الأميركي مجدداً بعد أن غرّدت على حسابها بـ(تويتر) متهمة القوات الأميركية بقتل آلاف الصوماليين خلال معركة مقديشيو بين ميليشيات محمد فرح عيديد المتمردة والقوات الأميركية والأممية عام 1993.
وكانت التغريدة ردّاً على أحد متابعيها، الذي كتب أن أكثر من 12 جندياً أميركياً قتلوا، وجُرِح 73 آخرون في معركة مقديشيو، وهو أسوأ هجوم إرهابي في تاريخ الصومال.
وتتحدّث عدة وسائل إعلام أميركية عن تزوير عمر أوراقاً تتعلق بزواجها، إذ لفّقت أوراقاً لزواجها من أخيها حتى يستطيع دخول الولايات المتحدة والحصول على الجنسية الأميركية، وأخيراً واجهت قضية أخرى عندما جرى الكشف عن علاقة غير مشروعة بينها ومدير حملتها الانتخابية المتزوّج في الوقت الذي كانت لا تزال فيه متزوجة.
هذه الأمور أثارت غضب الجالية الصومالية، التي دعّمتها في الانتخابات الماضية، ضدها، وزاد التوتر بين عمر وجاليتها، الأسبوع الماضي، عندما اتهمت أحدهم بتلقي أموال لهجومها، والزعم بأنه على دراية بزواجها من أخيها.
عمر، وهي في الأصل لاجئة صومالية، حصلت على حق اللجوء إلى الولايات المتحدة مع أسرتها عندما كانت طفلة وقت الحرب الأهلية بالصومال، طالما استغلت هُويتها وديانتها في جذب تعاطف الناخبين في دائرتها.
وأثارت تغريدة جديدة لها، الأسبوع الماضي، الجدل بعدما قدّمت نفسها على أنها "مسلمة، سوداء، لاجئة، صومالية" من دون أن تشير إلى جنسيتها الأميركية، وردّ السيناتور الجمهوري والمرشح السابق لخوض سباق انتخابات الرئاسة، تيد كروز، قائلاً إن في عالم اليوم اليساري أصبحت "الأميركية أمراً محرجاً".
وتحدّثت العقيدي ضد ما وصفته "خطاب الكراهية" الذي أظهرته عمر منذ وصولها، وقالت "كمواطنة أميركية فإن واجبي هو الدفاع عن بلدي، وواجبي أن أقف في وجه الكراهية والعنصرية التي تنشرها داخل مجتمعها وبلدها وفي العالم".
جماعات متطرفة وأجندة خارجية
وتقول المرشحة عن الحزب الجمهوري، "المسلم الأميركي مثله مثل أي مواطن آخر يريد العيش الرغد وتوفير لقمة شريفة لأولاده ومدارس أفضل، لكن جماعات الإسلام السياسي شوّهت صورة المسلم داخل الولايات المتحدة".
وتضيف العقيدي، "عمر نجحت في الانتخابات الماضية، لأن غالبية الناخبين من الليبراليين، الذين يدعمون المرأة والأقليات، فضلاً عن وجود جالية مسلمة كبيرة، ومع ذلك فغالبية من انتخبوها ندموا بسبب عدم إيفائها بأي شيء من وعودها، فلم تقدّم أي قانون لمصلحة المقاطعة أو تقدم شيئاً مما وعدت بأن يكون مجانياً، فضلاً عن مواقفها المنحازة، فعلى سبيل المثال أثارت غضب اليهود الذين منحوها أصواتهم، عندما اتهمتهم بالولاء لإسرائيل أكثر من بلدهم، ما يمثل إهانة إلى المواطن الأميركي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحسب المرشحة الجمهورية فإنّ عمر مدعومة من جماعات متطرفة، وجاءت بأجندة خارجية، مشيرة إلى لقائها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي تصفه بالأب الروحي للإخوان حالياً، وقت أن كانت مجرد مرشحة للكونغرس.
ولفتت إلى تمويل حملتها من قِبل مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير)، الذي يمثل واجهة لجماعة الإخوان المسلمين، ويواجه تحقيقات، إذ يدعم على سبيل المثال، حركة حماس المُصنّفة منظمة إرهابية وفقاً لوزارة الخزانة الأميركية.
وتشير إلى أنه وفقاً للقانون الأميركي فكل ثلاثة أشهر يجب على كل مرشح أن يقدم بياناً بأوراق المتبرعين، وبالنسبة إلى حملة عمر فإنّ المتبرعين كلهم "مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية" الذي يستمد أمواله من قطر بالأساس، حسب وصفها، قائلة "أقف في مواجهة مافيا تتخذ الإسلام كواجهة سياسية. هم شبكة من الإرهابيين يرتدون البدل"، موضحة "الإرهابي ليس فقط من يرفع السلاح، إنما من يستخدم الكلمة لبث الكراهية ضد الآخر". وتابعت "أنا وغيري من مسلمي أميركا لن نسمح للإخوان بالتغلغل داخل مجتمعنا".
استراتيجية الإسلاموفوبيا
وتقول العقيدي، "مع الأسف فإن اليساريين الراديكاليين داخل الحزب الديمقراطي لهم علاقات واسعة بالإخوان المسلمين. الديمقراطيون هم من وقفوا مراراً ضد تصنيف الإخوان تنظيماً إرهابياً، وبالتالي توجد علاقات كثيرة. مشكلة المواطن الأميركي أنه لا يعرف الفرق بين المسلم والإسلامي. أنا هربت قبل 30 سنة من الجماعات المتطرفة والشفونية الدينية التي يتخذها السياسيون كذريعة وجئت إلى هنا".
وتضيف "إلهان عمر ورشيدة طليب وعدد كبير سنراهن في انتخابات 2020 مدعومات من منظمات تعمل كواجهة للإخوان، تتخذ غطاء حقوق الإنسان، بينما يخدمون مصالح خارجية، وهذا ما يفعله الإخوان المسلمون في أميركا، وهذا ما علينا أن نقف ونقول كلا، ونوضح للأميركيين حقيقته".
ومن بين أوّل التحركات التي تتعهد داليا العقيدي باتخاذها حال وصولها إلى الكونغرس هو إثارة التحقيقات مجدداً بشأن نشاطات المنظمات التي تعمل كواجهة لجماعات متطرفة داخل الولايات المتحدة، وتقول "أميركا دولة مؤسسات والنظام القضائي لا يوجه تهماً إلا بعد تحقيقات واسعة للغاية وكافية، ونحن هنا أمام مافيا عالمية ليست سهلة، فبالتأكيد توجد تحقيقات مستمرة. الولايات المتحدة تحترم دستورها، والدستور هو أعلى سلطة في البلد، وهو يسمح بحرية عمل الجمعيات والمنظمات إلى أن يثبت العكس، وتوجد تحقيقات ما زالت جارية بشأن نشاطات مجلس العلاقات الخارجية الأميركية (كير)، وهناك مناقشات بشأنها، وسأكون أول من يعيد طرحها عندما اُنتخب في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل".
وقالت إن منظمات مثل حزب الله وكير تستخدم "الإسلاموفوبيا" كاستراتيجية لمواجهة خصومهم حتى من المسلمين، لكي يقنعوا المسلمين بأنهم من يدافعون عنهم وعن الإسلام، وأضافت "تعميم مصطلح الإسلاموفوبيا هو استراتيجية التيارات الإسلامية، لغسل أدمغة المسلمين والمجتمعات الغربية التي لديها حقوق الإنسان لا يعلو عليها شيء، وبهذه الطريقة تضمن هذه المنظمات الشعبية".
وأضافت "إذا أنا صمتُّ وغيري سننتهي نحن المسلمين المعتدلين، اضطررت للأسف أن أستخدم الصفة الدينية وكلاجئة، لأن هذه هي اللغة التي يلعبون بها".
وعن اختيارها الانتماء إلى الحزب الجمهوري قالت العقيدي، "عدد كبير من العرب والمسلمين ينتمون إليه. اخترت هذا الحزب، لأن أفكاره ومبادئه تلائم أفكاري، وأنا أميل إلى المحافظين على صعيد السياسة الخارجية، وهذا ما يبرع فيه الجمهوريون".