على الرغم من التحركات الحثيثة التي تقوم بها "أوبك+"، بشأن ضبط سوق النفط وإعادة التوازن للسوق التي تشهد حالة من عدم الاستقرار مع استمرار مخاطر انتشار فيروس "كورونا"، لكن قدّم مصرف "غولدمان ساكس" توقعات ربما تكون "صادمة" بشأن الأسعار خلال الفترة المقبلة.
وصباح اليوم، أوصت لجنة منبثقة عن مجموعة "أوبك+"، التي تضمّ الدول الأعضاء بمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاءها، بخفض إنتاج الخام بواقع مليون برميل يومياً إضافية في إشارة لاقتراب روسيا والسعودية من اتفاق لتعزيز الأسعار التي تضررت جرّاء تفشي فيروس كورونا.
لكن في الوقت نفسه، وفي تقرير حديث، خفّض البنك الأميركي "غولدمان ساكس"، من توقعاته لسعر خام القياس العالمي "برنت". وقال إن تخفيضات إنتاج أوبك+ وخفض البنوك المركزية لأسعار الفائدة لا يكفيان لمنع تكوّن مخزونات ضخمة جرّاء تراجع الطلب بسبب تفشي فيروس كورونا.
وثمة اتفاق بالفعل بين المنظمة وروسيا ومنتجين آخرين لخفض الإنتاج منذ الأول من يناير (كانون الثاني) بواقع 2.1 مليون برميل يومياً، ويشمل الرقم تخفيضات طوعية إضافية من السعودية. لكن هذا لم يكن كافياً للتصدي لأثر الفيروس على الصين، أكبر دولة مستوردة للنفط في العالم، مع توقف العمل بالمصانع وتقلص السفر وتباطؤ أنشطة أخرى مما يكبح الطلب على النفط.
اقتراحات بتمديد اتفاق خفض الإنتاج حتى نهاية 2020
وقبل اجتماع أعضاء "أوبك+"، هذا الأسبوع في فيينا، قالت مصادر إن السعودية ومنتجين آخرين اقترحوا تمديد اتفاق خفض الإنتاج بعد الموعد المحدد لنهايته في مارس (آذار) الحالي، ليستمر حتى نهاية 2020، وخفض مليون برميل يومياً إضافياً من الإنتاج في الربع الثاني فقط.
وأشارت روسيا إلى دعمها لتمديد الاتفاق، ولكنها لم تؤيد بعد اقتراح تعميق التخفيضات رغم انخفاض أسعار النفط لنحو 51 دولاراً للبرميل. وعند هذا المستوى سيواجه العديد من الدول الأعضاء في أوبك صعوبة في تحقيق توازن في ميزانياتها، رغم أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال إن السعر الحالي مقبول لموسكو.
كما أن خفض أسعار الفائدة الأميركية، قدّم دعماً محدوداً فقط للخام قبل اجتماع "أوبك" يوم الخميس المقبل، واجتماع أوسع لأعضاء "أوبك+" يوم الجمعة.
وتدعم اللجنة الفنية المشتركة التابعة لأوبك+، والتي اجتمعت أمس الثلاثاء، قبل اجتماع وزراء النفط، اقتراح السعودية وفقاً لنص التوصية. وروسيا أيضا عضو في اللجنة ما يشير إلى أن موسكو ربما تميل لتخفيضات أكبر.
وخلال الشهر الماضي، أوصت اللجنة بخفض أصغر للإنتاج بواقع 600 ألف برميل يومياً، ولكنها أيّدت خلال اجتماعها أمس الثلاثاء، خفضاً إضافياً بمليون برميل يومياً.
توافق كبير بين أوبك والمنتجين المستقلين
وفي تصريحات قبل توجهه إلى فيينا للمشاركة في اجتماعات "أوبك"، قال وزير الطاقة الجزائري، محمد عرقاب، إنه سيجرى بحث إمكانية تنفيذ خفض جديد كبير عبر سحب كميات لم تُستهلك من السوق بسبب (تفشي) فيروس كورونا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وصرح الوزير، وهو يشغل منصب رئيس "أوبك"، بأن الاتجاه هو صوب استمرار التخفيضات التي جرى تبنيها في ديسمبر (كانون الأول) من العام 2019. وقال إن "هناك توافقاً بين أوبك والمنتجين المستقلين، بمن في ذلك روسيا، بشأن هذه النقطة".
وتجتمع لجنة وزارية لعدد من الأعضاء من أوبك وخارجها، اليوم الأربعاء، في إطار عملية تحضير توصيات للتجمع الأوسع نطاقاً. وبموجب الاتفاق القائم، اتفقت منظمة أوبك وحلفاؤها في نهاية العام الماضي على خفض للإنتاج قدره 1.7 مليون برميل يومياً، وتجري السعودية، أكبر منتج للنفط في المنظمة، خفضاً إضافياً طوعياً للإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يومياً.
لكن تصريحات ليونيد فيدون، نائب رئيس لوك أويل، شجّع بعض الساعين لكسب تأييد موسكو لمزيد من الخفض، إذ قال إن اقتراح خفض يصل إلى مليون برميل يومياً سيكون كافياً لتحقيق توازن في السوق ورفع أسعار النفط مجدداً إلى 60 دولاراً للبرميل. وتابع "نحن مستعدون لخفض بالقدر الذي سيُطلب منا. الأفضل بيع نفط أقل ولكن بسعر أعلى".
إلى هذا المستوى الصعب تنخفض أسعار النفط
في سياق متصل، خفّض مصرف "غولدمان ساكس" من توقعاته لسعر خام القياس العالمي برنت، وقال إن تخفيضات إنتاج أوبك+ وخفض البنوك المركزية لأسعار الفائدة لن يكفيا لمنع تكون مخزونات ضخمة جراء تراجع الطلب بسبب تفشي فيروس كورونا.
وذكر البنك، في مذكرة بحثية حديثة، أن أسعار برنت قد تنخفض إلى 45 دولاراً للبرميل في أبريل (نيسان) المقبل، مقارنة بتقديرات سابقة عند 53 دولاراً للبرميل قبل أن تتعافى بالتدريج إلى 60 دولاراً بحلول نهاية العام. وهذه ثاني مراجعة بالتخفيض في أقل من شهر، وكان البنك قد خفض توقعاته لسعر خام "برنت" في الربعين الثالث والرابع إلى 53 و59 دولاراً للبرميل من 60 و65 دولاراً في السابق.
وارتفعت أسعار النفط خلال تعاملات اليوم الأربعاء بعد أن أوصت لجنة تابعة لمجموعة "أوبك+" بخفض إضافي لإنتاج النفط بواقع مليون برميل يومياً.
"غولدمان ساكس" ذكر أنه "بينما ستسهم مثل هذه التخفيضات في عودة الطلب والمخزونات لوضعهما الطبيعي في وقت لاحق من العام الحالي، إلا أنها لن تمنع التراكم الكبير لمخزونات الخام الذي بدأ بالفعل". كما خفض محللو البنك الأميركي توقعات الطلب لعام 2020 لتُظهر أن الاستهلاك سينكمش بنحو 150 ألف برميل يومياً، عنه قبل عام. وكانوا قد توقعوا في السابق نمواً بواقع 550 ألف برميل يومياً.
كان بنك "غولدمان ساكس" قد توقع في 22 يناير (كانون الثاني) الماضي تأثر أسعار النفط سلباً بفيروس "كورونا" الآتي من الصين، متوقعاً تراجعها بنحو 2.9 دولار. وأشار البنك إلى أن هذا الفيروس قد يؤدي إلى انخفاض الطلب العالمي من النفط بواقع 260 ألف برميل يومياً هذا العام، وأن وقود الطائرات سيمثل نحو ثلثي الخسارة، إذا تم اعتبار الخسائر التي حدثت في 2003 جراء فيروس "سارس" كمقياس.